الرد على أحمد الحواشي في إطالة القنوت
عبدالله بن صالح العبيلان
الرد على أحمد الحواشي في إطالة القنوت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين , وبعد :
فقد وقفت على ما كتبه إمام وخطيب الجامع الكبير بخميس مشيط أحمد بن محمد الحواشي هداه الله حول تقريره لمشروعية ختم القرآن كل ليلتين في قيام رمضان وهو يؤم الناس , فألفيته جانب الصواب من أوجه عدة :
أولاً : احتجاجه بالأدلة العامة في تقرير عبادات خاصة وردت عن النبي عليه السلام وأصحابه بصورة خاصة , وذلك مثل استدلاله بقوله تعالى: { لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } [آل عمران:113] , وقوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } [ فاطر:29] , وقوله تعالى:{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً } [ الفرقان:30] , على مشروعية الختمة كل ليلتين وهو يؤم الناس , قال شيخ الإسلام:” وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد يَحْذَرُ الْمُتَكَلِّمُ فِي الْفِقْهِ هَذَيْنِ ” الْأَصْلَيْنِ ” : الْمُجْمَلُ وَالْقِيَاسُ . وَقَالَ : أَكْثَرُ مَا يُخْطِئُ النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ وَالْقِيَاسِ ” , يُرِيدُ بِذَلِكَ أَلَّا يَحْكُمَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَامُّ وَالْمُطْلَقُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيمَا يَخُصُّهُ وَيُقَيِّدُهُ وَلَا يَعْمَلَ بِالْقِيَاسِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي دَلَالَةِ النُّصُوصِ هَلْ تَدْفَعُهُ فَإِنَّ أَكْثَرَ خَطَأِ النَّاسِ تَمَسُّكُهُمْ بِمَا يَظُنُّونَهُ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ وَالْقِيَاسِ ؛ فَالْأُمُورُ الظَّنِّيَّةُ لَا يُعْمَلُ بِهَا حَتَّى يُبْحَثَ عَنْ الْمَعَارِضِ بَحْثًا يَطْمَئِنُّ الْقَلْبُ إلَيْهِ وَإِلَّا أَخْطَأَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي الْمُتَمَسِّكِينَ بِالظَّوَاهِرِ وَالْأَقْيِسَةِ وَلِهَذَا جُعِلَ الِاحْتِجَاجُ بِالظَّوَاهِرِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ طَرِيقَ أَهْلِ الْبِدَعِ . وَلَهُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفٌ كَبِيرٌ , وَكَذَلِكَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقْيِسَةِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ النُّصُوصِ وَالْآثَارِ طَرِيقُ أَهْلِ الْبِدَعِ ” أ.هـ انظر مجموع الفتاوى:(7/392) .
وعن حذيفة؛ أنه كان يقول:(( اتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من قبلكم؛ فلعمري لئن اتبعتموه لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، ولئن تركتموه يمينًا وشمالًا لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا )) رواه البخاري
وقال ابن مسعود:(( اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم )) أخرجه الدارمي في السنن بسند صحيح
وعنه رضي الله عنه:(( أنه مر برجل يقص في المسجد ويقول: سبحوا عشرًا وهللوا عشرًا فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد أو أضل! بل هذه، بل هذه يعني أضل )) أخرجه الدارمي في السنن بسند جيد
وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في جامع بيان العلم عن عمر بن عـبد العزيز قـال:” سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سننًا الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، من عمل بها مهتد، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غـير سبيل المؤمنين، وولاه الله مـا تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا ” أ.هـ ، وفي رواية بعد قـوله:” وقوة على دين الله ” ,
” ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في رأيخالفها، من اهتدى بها مهتد ” أ.هـ
ثانياً : احتجاجه بإذن النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو أن يختم القرآن في ثلاث على فعل ذلك في صلاة التراويح احتجاج غير صحيح , ومخالف لهدي النبي عليه السلام وعمل الصحابة رضي الله عنهم , أما هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه السلام:[ إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير ، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء ] رواه البخاري ومسلم.
وعَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ:(( جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ نَهِيكُ بْنُ سِنَانٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ أَلِفًا تَجِدُهُ أَمْ يَاءً مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ أَوْ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ ؟ قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَكُلَّ الْقُرْآنِ قَدْ أَحْصَيْتَ غَيْرَ هَذَا قَالَ إني لأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ في رَكْعَةٍ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ في الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إني لأَعْلَمُ النَّظَائِرَ التي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرُنُ بَيْنَهُنَّ سُورَتَيْنِ في كُلِّ رَكْعَةٍ )) رواه البخاري ومسلم.
قال ابن أبي شيبة :
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ :(( دَعَا عُمَرُ الْقُرَّاءَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَ أَسْرَعَهُمْ قِرَاءَةً أَنْ يَقْرَأَ ثَلاَثِينَ آيَةً وَالْوَسَطَ خَمْسة وَعِشْرِينَ آيَةً وَالْبَطِيءَ عِشْرِينَ آيَةً )).
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ:( أَنَّ مَسْرُوقًا قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنَ الْقِيَامِ بِالَعَنَكَبُوتِ )
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :(( سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ : كُنْتُ أَقُومُ بِالنَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ:{ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ } وَنَحْوَهَا وَمَا يَبْلُغُنِي ، أَنَّ أَحَدًا يَسْتَقِلُّ ذَلِكَ )).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ وِقَاءٍ ، قَالَ:( كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِخَمْسة وَعِشْرِينَ آيَةً )
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْعُمَرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:( كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَأْمُرُ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ فِي رَمَضَانَ ، يَقْرَؤُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِعَشْرِ آيَاتٍ عَشْرِ آيَاتٍ ).
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدٍة ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
( مَنْ أَمَّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ فَلْيَأْخُذْ بِهِمَ الْيُسْرَ ، فَإِنْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ فَلْيَخْتِمَ الْقُرْآنَ خَتْمَةً ، وَإِنْ كَانَ قِرَاءَةً بَيْنَ ذَلِكَ فَخَتْمَة وَنِصْف ، فَإِنْ كَانَ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ فَمَرَّتَيْنِ ).
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عُبَيْدِ الْمُكْتِبِ ، قَالَ:( سُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ رَجُلَيْنِ قَرَأَ أَحَدُهُمَا الْبَقَرَةَ ، وَقَرَأَ الأَخَرُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، فَكَانَ رُكُوعُهُمَا وَسُجُودُهُمَا وَجُلُوسُهُمَا سَوَاءً ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ قَالَ: الَّذِي قَرَأَ الْبَقَرَةَ ، ثُمَّ قَرَأَ مُجَاهِدٌ :{ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } ).
وكـانوا يطيلون الصلاة في العشر الأواخر كفعل الناس اليوم فقد روى ابن أبي شيبة وأحمد وأهل السنن عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ:(( صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ ، ثُمَّ قَامَ بِنَا فِي الخَامِسَةَ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ قُمْتَ بِنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ ، فَقَالَ:[ إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ] , قَالَ: ثُمَّ صَلَّى بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلاَثٌ مِنَ الشَّهْرِ ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا وَجَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ ، قَالَ : فَقَامَ حَتَّى تَخَوَّفْنَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاَحُ ، قَالَ : قُلْتُ : وَمَا الْفَلاَحُ ؟ قَالَ : السَّحُورُ )).
وهذا خلاف ما نقله أحمد الحواشي أنه قام بهم من أول الشهر ولا أدري من أين نقله أو لعله وهم فيه.
وقال ابن أبي شيبة: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ طَاوُوسٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:(( دَعَانِي عُمَرُ لأَتَغَدَّى عِنْدَهُ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَعْنِي السَّحُورَ فِي رَمَضَانَ فَسَمِعَ هَيْعَةَ النَّاسِ حِينَ خَرَجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ ، قَالَ : مَا هِيَ ؟ قَالَ : هَيْعَةُ النَّاسِ حَيْثُ خَرَجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ ، قَالَ : مَا بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ خَيْرٌ مِمَّا ذَهَبَ مِنْهُ )).
وأما احتجاج احمد الحواشي : بحديث ابن عباس:(( سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ . فَقَالَ:[ الحَالُّ المُرْتَحِلُ ].قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا الحَالُّ المُرْتَحِلُ ؟ . قَالَ:[ صَاحِبُ القُرْآنِ، يَضْرِبُ فِي أَوَّلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَهُ، وَفِي آخِرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَوَّلَهُ ] )) فهو حديث ضعيف في إسناده صالح المري وهو لين وقال الترمذي في العلل الصحيح مرسل.
وأما السلف الصالح :
فمنهم من كان يختم القرآن في شهر ومنهم من كان يختمه في خمسة عشر يوما ومنهم من كان يختمه في ثمان وسبع وثلاث , وكل هذا في قراء تهم لأنفسهم.
وختاما : أذكر بقول ابن مسعود رضي الله عنه:(( هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ )) , قال الشاطبي رحمه الله معلقا على الحديث:” وهو الذي نبه عليه قوله في الحديث:[ يقَرءونَ القرآن لا يجُاوزُ حناجرهم ]
إتباع ظواهر القرآن على غير تدبر ولا نظر في مقاصده ومعاقده ، والقطع بالحكم به ببادئ الرأي والنظر الأول ومعلوم أن هذا الرأي يصد عن إتباع الحق المحض، ويضاد المشي على الصراط المستقيم ” أ.هـ أنظر الموافقات:( 5/149).
وأما قول أحمد الحواشي:” بل بلغ من كرمات الأولياء التي لا ينكرها إلا زنديق أن الله أكرمه بتسعين ختمة …. الخ “
فهذا الكلام يشم منه رائحة التصوف وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [ النساء:59] , وعن سهل بن أبي أمامة:(( أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة في زمان عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة ، فإذا هو يصلي صلاة خفيفة دقيقة ، كأنها صلاة مسافر أو قريباً منها ، فلما سلم قال أبي : يرحمك الله ! أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أو شيء تنفلته ؟ قال : إنها المكتوبة ، وإنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما أخطأت إلا شيئاً سهوت عنه . فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كـان يقول: لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم ؛ فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار:{ ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم } )) رواه أبو داود وهو حديث حسن وصححه الألباني
قال البخاري باب ما يكره من التشديد في العبادة , ثم ذكر حديث عائشة ، رضي الله عنها ، قالت:(( كانت عندي امرأة من بني أسد فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:[ من هذه ؟ ] , قلت فلانة لا تنام بالليل فذكر من صلاتها , فقال:[ مه عليكم ما تطيقون من الأعمال فإن الله لا يمل حتى تملوا ] ))
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:(( كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَصِيرٌ وَكَانَ يُحَجِّرُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّى فِيهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَثَابُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ:[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ] )) رواه الشيخان
وفي مسند أحمد عن بريدة قال:(( خرجت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي فلحقته فإذا بين أيدينا برجل يصلي يكثر الركوع والسجود فقال لي:[ “أتراه يرائي ؟ ] قلت : الله ورسوله أعلم , قال: فترك يده من يدي ثم جمع بين يديه يصوبهما ويرفعهما ويقول:[ عليكم هديا قاصدا ، عليكم هديا قاصدا ، عليكم هديا قـاصدا ؛ فـإنه من يشاد هذا الدين يغلبه ] )) وإسناده صحيح
وأما وصف الحواشي : لمن وصف فعله بالبدعة بأنه كاذب وبأن عليه أن يتوب فهي مجازفة منه ولو أنصف لعلم أنه أولى بالتوبة , فلا يعلم أحد من أئمة الهدى الماضين والمعاصرين فعل فعله .
والحمد لله رب العالمين
وكتبه عبد الله بن صالح العبيلان
29/ 9/ 1434هـ