الرد على سلمان العودة وعبدالوهاب الطريري في مسألة التبرك

سعود بن مطلق الودعاني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

سمعت مقطعاً للعودة والطريري ومعهم ثالث، ذكروا فيه أن الأماكن التي صلى فيها النبي عليه الصلاة والسلام تكون مباركة ويشرع زيارتها لما فيها من البركة ، واستدلوا بصلاة النبي عليه الصلاة والسلام في بيت عتبان بطلب منه لكي يتخذه مسجدا ، وأن ذلك متقرر عند الصحابة .

والجواب عن ذلك :

١/ أين في الدليل أن طلب عتبان من النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة بيته من أجل البركة ؛ لا يوجد .

٢/ لو كان ذلك متقرر عند الصحابة لتسابقوا للصلاة في محرابه الذي في مسجده ، عندما لا يكون في المسجد،طلبا للبركة.

٣/ ولو كان ذلك متقرراً عند الصحابة لطلبت الصحابيات من أمهات المؤمنين الصلاة في المكان الذي يصلي فيه النبي عليه الصلاة والسلام من بيته طلبا للبركة.

٤/ و لو كان ذلك متقرراً عند الصحابة لتسابق أهل مكة للصلاة في بيت أم هانئ ، حيث صلى النبي عليه الصلاة والسلام من بيتها في فتح مكة.

٥/ النبي بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام رفيق سهل لين العريكة ، يجيب أصحابه للأمور المباحة التي لا تصادم الشرع وتدخل السرور عليهم ، ولها صور:

أ/ منها إجابته لعتبان في الصلاة في بيته.

ب/ إجابته لعائشة أن تؤدي عمرة منفردة بعد الحج.

ج/ قوله عليه الصلاة والسلام لأبي سعيد الخدري وأصحابه في الجعل الذي أخذوه على الرقية ، اقسموا و اضربوا لي بسهم ، لما شعر كراهيتهم للجعل على القرآن ، تطييبا لإنفسهم.

هـ/ إفطاره عليه الصلاة والسلام في السفر لما قيل له إن الناس شق عليهم الصيام ، وهم ينتظرون ما تصنع ، فدعا بالماء وشرب بعد العصر ، فترك الصيام مراعاه لأصحابه.

و/ وعن أنس (أن يهوديا دعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى خبز شعير وإهالة سنخة ، فأجاب)،

فالنبي أجاب اليهودي على طعام متواضع ،أفلا يجيب عتبان لطلبه الصلاة في منزله.

٦/ ذكر شيخ الاسلام في الاقتضاء أن ابا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لم يكونوا في ذهابهم إلى مكة ورجوعهم يتقصدون الصلاة في الأماكن التي صلى فيها النبي عليه الصلاة والسلام.

وكذلك ذكر العودة والطريري ان تتبع آثار الأنبياء لا شئ فيه ، ولم يأتي دليل على المنع ذلك.

والجواب عن ذلك:

١/ أن ما ورد في النقاط السابقة يرد عليهم ما استدلوا به، فإذا لم تحصل البركة للمكان بصلاة النبي فيه ، فمن باب أولى الأماكن التي زارها أو جلس فيها.

٢/ أن أبا بصرة الغفاري أنكر على ابي هُريرة خروجه لجبل الطور و استدل عليه بقول النبي عليه الصلاة السلام ( لا تشد الرحال الا لثلاثة مساجد) ولَم يعارضه ابو هُريرة.

٣/ قول النبي عليه الصلاة والسلام لعن الله اليهود والنصارى

إتخذوا قبر أنبيائهم مساجد يحذر من ذلك ، أعظم دليل في عدم تتبع آثار الأنبياء ، فقبر النبي الذي ضمه وفيه جسده من أعظم آثاره ، والنهي عن إتخاذه مسجداً يشمل بناء المسجد عليه والصلاة عنده والدعاء ، وهذا هو الذي قرره العلماء كما في كتاب التوحيد للإمام المجدد وشروحه رحمهم الله ، و اللعن على ذلك أكبر دليل على عدم مشروعية تتبع آثار الأنبياء.

٤/ أما قولهم أن اثر عمر منقطع فهو غير صحيح وإليكم كلام الالباني رحمه الله في تخريج أحاديث فضل الشام:

فقد عَلِمَ كل مُطَّلِع على السُّنَّة أنه لم يكن من هديه -عليه السلام- تتبع آثار الأنبياء، والدعاء عندها، بل هذا مما نهى عنه الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وغيره.

وقد ورد عنه ذلك في ثلاث قصص:

١- عن ابن سويد قال: خرجت مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من مكة إلى المدينة، فلما أصبحنا صلى بنا الغداة، ثم رأى الناس يذهبون مذهبًا، فقال: أين يذهب هؤلاء؟ قيل: يا أمير المؤمنين! مسجد صلَّى فيه رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، هم يأتون يصلون فيه، فقال:

“إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم، فيتخذونها كنائس وبيعًا، من أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصلِّ، ومن لا فليمض، ولا يتعمدها”.

رواه سعيد بن منصور في “سننه”، وابن وضّاح القرطبي في “البدع والنهي عنها” “ص 41و 42” بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

٢- عن نافع, أن الناس كانوا يأتون الشجرة، فقطعها عمر.

رواه ابن وضَّاح “ص42-43″، ورجال إسناده ثقات، وروى عنه شيخه عيسى بن يونس مفتي أهل طرطوس أنه: “قطعها لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها, فخاف عليهم الفتنة”.

٣- ما وقع في عهده -رضي الله عنه- من تعمية قبر دانيال, فيما رواه أبو خلدة خالد بن دينار، قال ما مختصره: حدثنا أبو العالية قال:

“لما فتحنا تُسْتَر؛ وجدنا في بيت مال الهُرْمُزان سريرًا عليه رجل ميت، قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرًا متفرقة، فلمَّا كان الليل دفناه, وسوَّينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه, قلت: وما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم أبرزوا السرير، فيمطرون, قلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يُقَالُ له: دانيال”.

رواه ابن إسحاق في “مغازيه”, ورواه غيره على وجوه أُخَر، وفي بعضها أن الدفن كان بأمر عمر. اه

٥/ ذكر الطريري في كلامه أن أحاديث إطلاق اللحية كثير.

فنقول : له إذا كانت أحاديث إطلاق اللحية كثير ، لماذا لا تطلق لحيتك أنت و صاحبك ، وتتبعوا أمر النبي عليه الصلاة السلام في ذلك ، وأمره من أعظم آثاره ، وتدع عنك ما حذّر منه النبي والصحابة إن كنت صادقاً!!!؟؟؟؟

والله أعلم وأحكم

كتبه :

سعود بن مطلق الودعاني

غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين

آمين


شارك المحتوى: