الرد على موقدي الفتن
د. يوسف بن محمد السعيد
الرد على موقدي الفتن
إن الحمد لله … أما بعد: فإن هل الفتن يسعون في الأرض بالفساد ، ويوقدون نار الفتن ، و هي حال إخوانهم اليهود، فقد قال الله تعالى عنهم : {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }
والفتن في هذه الأمة ظهرت قديما، وكان السلف يخافون منها ، فقد روى الشيخان عن عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَ . قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِىءٌ! فَكَيْفَ قَالَ؟ قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمَعْرُوفُ . قَالَ: لَيْسَ هَذِهِ أُرِيدُ ، وَلَكِنِّى أُرِيدُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ . قُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بِهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ ، بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلَقٌ . قَالَ فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ ؟ ق قُلْتُ: لاَ . بَلْ يُكْسَرُ . قَالَ: فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أَبَدًا . قُلْتُ: أَجَلْ . فَسُئِلَ حُذَيْفَةُ : مَنِ الْبَابُ ؟ فَقَالَ: عُمَرُ رضي الله عنه. فَقِيْلَ لِحُذَيْفَةَ: فَعَلِمَ عُمَرُ مَنْ تَعْنِى؟ قَالَ: نَعَمْ ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً ، وَذَلِكَ أَنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ” فالباب وهو عمر رضي الله عنه منذ أن كسر بقتله والفتن ظاهرة، فخرج الأشرار على عثمان رضي الله عنه حتى قتلوه، ووقعت الفتنة زمن علي رضي الله عنه وخرجت الخوارج، وكلما أُطفئت نار في ناحية، علقت في ناحية أخرى. وما رأيناه في الأيام المنصرمة في عدد من مناطق المملكة من حوادث منكرة واعتداء على الأنفس المعصومة إلا من الفتن التي يراد إيقادها ، فالواحد من هؤلاء يزين له الشيطان فعله، ويرى نفسه مجاهدا {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } وقد بلغت به الجرأة أن استباحوا دماء المجاهدين الذين كلفوا بحفظ الأمن فقتلوا من قتلوا منهم.
وهؤلاء المفتونون يسعون إلى إيقاد نار الفتنة ، فشرهم وفسادهم لا يستطيعون إظهاره حال الأمن والاستقرار، وإنما يكون ذلك في الزمن التي تكون فيها البلاد مشتغلة بإطفاء الفتن كما ترونه اليوم في البلاد التي وقعت فيها الفتن، وهذا ما يسعى إليه هؤلاء ومن وراءهم من منظمات وجماعات ، فالناس في رعب شديد، لا يدري القاتل فيم قتل ولا المقتول فيم قتل، فما سعوا فيه وسموه ربيعا، هو اليوم ربيع الفتن والبدع والضلالة، وذهب لب كل ذي لب.
وهؤلاء الضالون يسعون في بلادنا هذه في إثارة الفتن بين الطوائف باسم الغيرة على السنة تغريرا بالجهال؛ ليحمل كل منهم السلاح؛ لتبقى البلاد فوضى. كفى الله بلادا شرهم. بارك..
الحمد لله على إحسانه … أما بعد: فاتقوا الله عباد الله ، واشكروا له نعمه لعلكم تفلحون.
عباد الله: إن الواجب في مثل هذه الأحوال لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، وإعانته . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة كما في الصحيحين: “تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ” وليحذر المسلم من من ترك إنكار ماجرى ، فإن ما جرى لهو من أعظم المنكرات، لما فيه من استباحة الدماء وترويع المسلمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه:” لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِى فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا” .
واعلموا رحمكم الله أن الطوائف المخالفة للسنة ليست عقوبتها بالضرب أو القتل والإتلاف لعامة الناس وإنما هي لإمام المسلمين، فهو الذي يرى رأيه فيهم، وما تقتضيه المصالح ، وولي الأمر أعلم من غيره بالمصالح والمفاسد. هذا وصلوا وسلموا…