السبيل إلى العز والتمكين ونصرة النبي الصادق الأمين
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
السبيل إلى العز والتمكين ونصرة النبي الصادق الأمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ,
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
أما بعد…
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي رسول الله وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة.
إن المسلمين اليوم يمرون بضعف شديد حتى إنه لا يسمع بدم يثعب، وجرح ينزف، ودار تهدم، وبأناس يشردون، وأطفال ييتمون، ونساء يرملون، إلا وذلك في المسلمين، فأصبحوا في ضعف وهوان وتأخر، وأصبح عدوهم الكافر قويًا يتسلط عليهم فيسفك دماءهم، وينتهك أعراض نسائهم، ويدمر دورهم .
إن هذا المصاب العظيم والألم الشديد داء ومرض لابد من البحث في تشخيصه، ثم تحدد الدواء والعلاج له .
وقد اختلف الناس في طريق علاجه، وقد أمرنا عند الاختلاف أن نرجع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سبحانه { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}
وقال سبحانه { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}
قالت طائفة: إن سبب ضعف المسلمين هو تسلط الكافرين، فلو لم يتسلط علينا الكافرون لأصبح المسلمون أقوياء.
وعلى إثر ذلك قالوا: العلاج هو أن نشتغل في معرفة مخططات الكافرين وكيدهم، حتى اشتغلوا بالسياسة وغير ذلك .
وقالت طائفة: إن سبب ضعف المسلمين هو أنه تسلط عليهم حكام ظالمون، فجعلوهم في مؤخرة الرحل.
وقالت طائفة: إن سبب ضعف المسلمين هو ترك الجهاد، فلو رجعنا إلى الجهاد، فإنه سيكون لنا قوة نواجه بها الأعداء.
وقالت طائفة: إن ضعف المسلمين هو بسبب تفرقهم. فلو اجتمع المسلمون وصاروا يدًا واحدة فإنهم سيصيرون ذا قوة وشوكة يستطيعون دحر عدوهم .
وهذه الأسباب لا شك أنها من أسباب ضعف المسلمين لكنها ليست السبب الرئيس .
ويوضح ذلك ما يلي:
أما من قال: إن سبب ضعف المسلمين هو قوة عدوهم،
فقد بين الله لنا في كتابه أننا لو تمسكنا بدينه فإنه لا يضرنا قوة عدونا، بل سيقوينا الله مع فعل الأسباب الكونية قال سبحانه { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}
أما من قال: إن سبب ضعف المسلمين راجع إلى تسلط الحكام الظالمين،
فيقال: قد بين الله في كتابه أن الحكام من جنس المحكومين إذا كانت الشعوب ظالمة فإن الله يسلط عليها حكامًا ظالمين، فالشعوب هي التي تحدد حاكمها قال سبحانه { وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
أما من قال: إن سبب ضعف المسلمين هو تفرقهم، فقالوا: الحل والعلاج أن يجتمع المسلمون حتى على اختلاف عقائدهم ،
وقد بين الله أن هذا مذموم وذم به اليهود قال سبحانه {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}
أما من قال: إن سبب ضعف المسلمين هو تركهم للجهاد .
فيقال: قد بين الله في كتابه أن المسلمين إذا كانوا في ضعف فليس لهم أن يقاتلوا، وأنهم إذا جاهدوا وقاتلوا أثموا، ولأن القتال يزيدهم ضعفا فليس ترك القتال دائما سببًا لضعف المسلمين.
إذن إخوة الإيمان ما سبب ضعف المسلمين؟ وكيف نستطيع أن نكون أقوياء كما كان المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين، وفي كثير من دول العالم الإسلامي فيما مضى من القرون.
فيقال: إن الله الذي هو أحكم الحاكمين بين لنا بوضوح أن ضعفنا بسبب ذنوبنا ومعاصينا .
إن ظهور المعاصي والذنوب عند المسلمين هو سبب ذنوبهم قال سبحانه {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وقال {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} , وقال {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }، وقال {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا }
يا سبحان الله بسبب ذنب العجب هزم المسلمون يوم حنين مع كثرتهم وقوتهم .
قارنوا هذا – إخوة الإيمان- بحالنا اليوم؛ كم شاع وانتشر الشرك الأكبر في بلاد العالم الإسلامي كم يوجد من ضريح وقبر يعبد من دون الله سبحانه وتعالى .
في إحدى الدول الإسلامية في يوم مولد من يسمونه صالحًا ووليًا اجتمع عند قبره ثلاثة ملايين يذبحون له وينذرون له ويدعونه من دون الله عز وجل، فهم يعصون الله بأعظم ذنب وهو الشرك الأكبر الذي هو أبغض الذنوب إلى الله قال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }، وقال {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } .
كم من ضريح وميت يقصد من دون الله يدعا من دون الله ويفزع إليه عند الشدائد والكربات، وكم من البدع التي شاعت وانتشرت في شرق العالم الإسلامي وغربه !!!.
كم من المسلمين الذين يحتفلون بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم !!!.
كم من المسلمين الذين يدعون الدعاء الجماعي بعد الفرائض.!!!
كم من المسلمين الذين يهدون الفاتحة وغيرها من الأعمال لرسول الله صلى الله عليه وسلم !!!
وكل هذه من البدع عافاني الله وإياكم .
أما المعاصي الشهوانية وما أدراك ما المعاصي الشهوانية، فما أكثرها في بلاد العالم الإسلامي حتى نساء المسلمين اليوم أصبحن متبرجات كنساء الغرب .
إذا رأيت امرأة مسلمة في كثير من بلاد العالم الإسلامي ورأيت تبرجها لم تفرق بينها وبين امرأة كافرة.
يا سبحان الله أين أبوها أين زوجها أين أهلها !!
وكثير من النساء إذا تسترن لبسن عباءات مزخرفات تجلب الأنظار إليها، والشريعة إنما شرعت التستر لأجل الستر وألا تلفت الأنظار إليها.
إلى غير ذلك من المعاصي من السحر والربا والزنا والغيبة،والمعاصي كثيرة
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعاملني وإياكم برحمته .
وبعد هذا كله يتساءل لماذا نحن ضعفاء؟
إذا أردنا عزًا ونصراً وقوة وتمكنًا وتقدمًا فالله الله أن نرجع إلى ديننا و إلى توحيد الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك المعاصي كبيرها وصغيرها، فإذا عصى الله احد أنكر الجميع عليه .
انتشرت المعاصي في الطرقات والمسلمون ساكتون لا ينكرون ذلك قال سبحانه {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }
إن ترك إنكار المنكر هو من أعظم أسباب انتشار الضعف بين المسلمين .
والله لو أخذ من دنيانا شيء لسعينا كل السعي لأجل دنيانا .
أما الدين فأصبح عند كثير من المسلمين آخر ما يفكر به؛ لذا أصبحنا في ضعف.
اللهم يا من لا إله إلا أنت يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم مُنّ علينا بالاستقامة على دينك، اللهم اجعلنا بالتوحيد قائمين، ولسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم متبعين، اللهم قوّ الإسلام بأهله وقوّ أهله به يا رب العالمين .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله …………. أما بعد:
فإنه لأجل ضعف المسلمين صار جمع من الكافرين يتسابقون في الاستهزاء برسولنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ألهذه الدرجة تسلط علينا الكافرون!! حتى صاروا يتسابقون في الاستهزاء بنبينا وخليلنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
وقد انقسم المسلمون تجاه هذا من حيث الجملة قسمين:
قسم من المسلمين لم يلتفت لذلك ولم يبال به.
وهذا ضعف شديد، فإنه والله لو ارتفع قيمة وقود السيارات لأصبحت المجالس في قيل وقال وغضب لأجل ارتفاع قيمة وقود السيارات، فكيف لا يبالي بالاستهزاء برسول الله وخليله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .
وقسم غلا في ذلك بأن آذى الكافرين في بلادهم؛ أو قتل أناسا من الكافرين أو فجر في بلادهم، أو غير ذلك .
وهذه الأفعال تجعل الكافرين – لعنة الله عليهم- يزدادون تسلطًا وسبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يزدادون أذية للمسلمين، بل يقفون حجر عثرة عن انتشار المسلمين في أوساطهم؛ لذا ينبغي أن يكون المسلمون عقلاء، وأن يفرقوا بين حال الضعف وحال القوة، وألا يستخفهم الكافرون قال تعالى {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ }
يجب على المسلمين أن يكونوا عقلاء، وأن لا يستخفوا بمثل هذا مما يعود بضرر على الإسلام والمسلمين، فإننا اليوم في حال ضعف والعاقل ينظر إلى المآلات والمصالح الكلية، ولا يكون ذا حماسة يجر على المسلمين ويلات ونكبات، فيكون سبباً لضعف دعوة الناس إلى الإسلام، وسببًا لقوة وانتشار سب الكافرين لرسول الله محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم .
وعجبي الذي لا يكاد ينقضي أن ترى أقوامًا قد سخطوا لسب هذا الرسام وأمثاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحق لهم فهو أحب إلينا من نفوسنا ومن آبائنا وأمهاتنا صلى الله عليه وسلم .
لكن تجد تناقضًا غريبًا من كثير من هؤلاء؛ لأنهم يعظمون كتّاباً يسبون أنبياء الله .
فمن هؤلاء الكتاب من سبّ كليم الله موسى عليه السلام، ثم يدعا هذا الكاتب بأنه كاتب إسلامي، قال أحدهم في موسى عليه السلام : إنه عصبي المزاج مندفع إلى غير ذلك من الكلمات التي لا يستجاز ذكرها.
ثم ترى أقواما يتناقلون كلام هذا الكاتب ويشيدون به ويعدونه كاتباً إسلاميًا وهو والله ليس كذلك، فإن سب أنبياء الله ورسله من أشد الضلال.
أتدرون من هذا الكاتب إنه سيد قطب صاحب كتاب (ضلال القرآن) هذا الخارجي الذي كفر المجتمعات الإسلامية وسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم يقف عند هذا الحد السيء بل تجاوز بعد ذلك فسب موسى كليم الله عليه السلام في كتابه (التصوير الفني في القرآن).
فالله الله إخوة الإيمان أن يكون موقفنا واحدًا، وأن تكون غيرتنا واحدة على دين الله ودين رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن لا نكون انتقائيين وأحزابًا ندافع عن أفراد أحزابنا ولو أخطؤوا وضلوا بل تعدوا وسبوا موسى عليه السلام .
اللهم يا من لا إله إلا أنت اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين .
اللهم عليك بالكافرين اللهم عليك بالكافرين فإنهم لا يعجزونك .
اللهم عليك بكل من سب رسولنا صلى الله عليه وسلم، الله شل يده، اللهم جمد العروق في دمه، اللهم اجعله عبرة وآية لمن وراءه يا رب العالمين.
اللهم يا من لا إله إلا أنت، اللهم إنا نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحم إخواننا في بلاد الشام اللهم ارحمهم برحمتك يا رب العالمين وفي كل بلاد المسلمين .
د. عبد العزيز بن ريس الريس