الصحابة أفضل الأمة فردًا وجنسًا بإجماع السلف
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
( الصحابة أفضل الأمة فردًا وجنسًا بإجماع السلف )
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته …………… أما بعد:
فقد نشرت في تويتر أن الصحابة أفضل هذه الأمة فردًا وجنسًا بالإجماع، فسألني غير واحد من الإخوة مستشكلًا هذا الإجماع وأين هو ، ومن ذكره؟ لأن بعض العلماء ذكروا أن في المسألة خلافًا .
وقبل نقل الإجماع موثقًا، فإن من المعلوم عند أهل السنة أن إجماع السلف حجة على من بعدهم، وأيضًا من المعلوم أصوليًا أن وجود الإجماع من السلف لا يتنافى مع حصول الخلاف عند بعض المتأخرين، ومع أنه لا يتنافى إلا نه حجة على المتأخرين ، ويجب أن يصير إليه كل من علم به .
وبعد هذا فقد حكى الإمام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (11/ 366) إجماع السلف على أن الصحابة أفضل هذه الأمة فردًا، فقال:
فهذا الأمر الذي ذكرناه من أن السابقين من الأولياء هم خيرهم. هو الذي دل عليه الكتاب والسنن المتواترة وإجماع السلف ويتصل بهذا ظن طوائف أن من المتأخرين من قد يكون أفضل من أفاضل الصحابة .ويوجد هذا في المنتسبين إلى العلم وإلى العبادة وإلى الجهاد، والإمارة، والملك، حتى في المتفقهة من قال: أبو حنيفة أفقه من علي. وقال بعضهم يقلد الشافعي ولا يقلد أبو بكر وعمر. ويتمسكون تارة بشبه عقلية أو ذوقية من جهة أن متأخري كل فن يحكمونه أكثر من المتقدمين. فإنهم يستفيدون علو الأولين مع العلوم التي اختصوا بها كما هو موجود في أهل الحساب والطبائعيين والمنجمين وغيرهم.– ثم قال –
وتارة يستدلون بشبه نقلية مثل قوله: {للعامل منهم أجر خمسين منكم} وقوله؛ {أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره} ؟ وهذا خلاف السنن المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود وعمران بن حصين ومما هو في الصحيحين أو أحدهما من قوله: {خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم} وقوله: {والذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا: ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه} وغير ذلك من الأحاديث. وخلاف إجماع السلف: كقول ابن مسعود: ” إن الله نظر في قلوب العباد: فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ” وقول حذيفة …. ا.هـ
قوله : ” ويتصل بهذا ظن طوائف أن من المتأخرين من قد يكون أفضل من أفاضل الصحابة … ” واضح في أنه يتكلم عن أفراد الصحابة وأنه يرد على من خالف في ذلك من المتأخرين ويؤيد ذلك استدلاله بأثر ابن مسعود ” ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ” .
فهذا يقتضي أن جميع قلوبهم فردًا فردًا خير ممن بعدهم، ولهذا اصطفى سبحانه أفراد هؤلاء لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويؤكد ذلك ما ذكره الإمام أحمد في أصول السنة وهو يحكي اعتقاد أهل السنة ، -والأصل فيما يحكيه أنه مجمع عليه لأنه اعتقاد أهل السنة- فقال في أصول السنة (ص: 39): “ثمَّ أفضل النَّاس بعد هؤلاء أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم القرنالذي بعث فيهم كل من صحبه سنة أَو شهرا أَو يَوْمًا أَو سَاعَة وَرَآهُ فَهُوَ من أَصْحابه، له الصُّحبة على قدر مَا صَحبه وَكَانَت سابقته مَعَه وَسمع منْه ونظر إِليه نظر فأدناهم صحبة أفضل من القرن الّذي لم يروه، ولو لقوا الله بجميع الأعمال كان هؤلاء الَّذين صحبوا النَّبي صلى الله عليه وسلم ورأوه وسمعوا منه أفضل لصحبتهم من التَّابعين ولو عملوا كل أعمال الْخير “
تأمل قوله : “فأدناهم صحبة أفضل من القرن الذي لم يروه” فهذا كلام على أفراد الصحابة لا جنسهم.
وأؤكد أن هذا الإجماع لا يتنافى مع خلاف من خالف بعد مما ذكره جمع من أهل العلم ؛ لأن الإجماع الذي نقله ابن تيمية في هذا الموضع هو إجماع السلف لا إجماع المتأخرين .
أسأل الله أن يوفقنا لمراضيه ويعننا على طاعته ويتقبل منا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. عبد العزيز بن ريس الريس
المشرف على موقع الإسلام العتيق
14 / 2 / 1437هـ