الغدر والخيانة من صفات الخوارج (الدواعش) جريمة قتل الجندي بدر الرشيدي رحمه الله
د. خالد بن قاسم الردادي
الغدر والخيانة من صفات الخوارج (الدواعش)
جريمة قتل الجندي بدر الرشيدي رحمه الله
كتبه/ د.خالد بن قاسم الردادي
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،،، وبعد:
بين فينة وأخرى نفجع بكارثة صنيعها أرباب الفكر المنحرف، فما أن تنتهي مأساة وفاجعة إلا ويتلوها ما ينسيها من الفواجع والبواقع، وقد فجعنا صبيحة هذا اليوم السبت 18/5/1437ه بجريمة بشعة نكراء قام بها مجرمون متوحشون خلت قلوبهم من أدنى معاني الرحمة والشفقة ونزعوا من دينهم ومرقوا منه كما يمرق السهم من الرمية وذلك حينما أقدم هؤلاء الأوباش الأرجاس على قتل وسفك واستباحة دم رجل أمن مسلم في بلاد التوحيد في مشهد مفزع مروع، والأدهى والأمر أنهم بنو قرابته وكان جرمهم عن طريق الغدر والخيانة بقريبهم!
ولا ريب أن جريمة استباحة الدماء المعصومة جريمة شنيعة ترتعد منها الفرائص وتنخلع لها القلوب قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]. أربع عقوبات عظيمة يستحقها من الله صاحب الجريمة: جهنم خالدًا فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذابًا عظيمًا.
ويقول سبحانه: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:32].
وأخرج النسائي والبيهقي وغيرهما أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لقتلُ مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا))، وفي رواية: ((لزوالُ الدنيا أهونُ عند الله من قتل امرئ مسلم)). وفي رواية للترمذي بسند حسن عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار)).
ولصيانة النفوس حرّم الإسلام الإعانة على القتل، فقد أخرج الإمام أحمد وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوبٌ بين عينيه: آيس من رحمة الله)). بل إن الأمر يتعدى ذلك حتى ولو بالإشارة إلى المسلم بسلاح، فقد حرم الإسلام ذلك، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يُشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزعُ في يده فيقع في حفرة من النار)).
وبات من المسلمات أن فكر الخوارج (الدواعش) لا يعرف سوى القتل والجريمة والفساد والإفساد والغدر والخيانة ومن ثم التغرير بالناشئة وتلويث أفكارهم وجعلهم أدوات للتخريب والجريمة، وهو ديدن أسلافهم الخوارج القدامى و(لكل قوم وارث).
ولقد ابتليتِ الأمةُ الإسلاميةُ عبرَ تاريخها الطويلِ – بفتن عظيمة، ومحن وكروب.
وكان من أشدها ضراوةً وفتكاً بالمسلمين – تلك الفتنة الكبرى – التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم – ووصفها وصفاً جلياً -وبينها بياناً شافياً- رُوِيَ لنا ذلك عنه -صلى الله عليه وسلم- في عدد كبير من الأحاديث الصريحة الصحيحة: ألا وهي فتنة الخوارج !
الذين حذر منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووصفهم أقبح الوصف وقال فيهم ما لم يَقُلْهُ في طائفة من الطوائف المنتسبين للإسلام.
ومما يجدر التنبيه له هاهنا أن صفة الغدر والخيانة من الصفات الذميمة التي اتصف بها هؤلاء الخوارج المارقون ولا أدل على هذا من تكرار جرائمهم البشعة بالطريقة نفسها(غدر وخيانة).
فمن خصالهم أنهم لا يراعون حرمة للعهود .. فالغدر خلة من خلالهم، وصفة لاصقة بهم .. فشره سفك الدم الحرام .. والغدر .. والسطو على الحرمات المصانة شرعاً .. يطغى عندهم على ما يجب التزامه ومراعاته من حرمة للعهود والأمانات!
قال تعالى:{الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }[البقرة:27].
أخرج الطبري في “تفسيره” عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: سألت أبي ـ أي عن المراد من هذه الآية ـ فقال: هم الحرورية؛ يعني الخوارج.
وكان -رضي الله عنه- يُقسم، ويقول: والله الذي لا إله إلا هو إنهم الحرورية.
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}[الحج:38].
وقال تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} [الأنفال:58].
وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:” إن الغادر يُنصب له لواءٌ يوم القيامة، فيُقال: هذه غدرة فلان بن فلان ” متفق عليه.
وقال -صلى الله عليه وسلم-:” من أمّن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل، وإن كان المقتول كافراً ” أخرجه النسائي بسند صحيح.
وقال -صلى الله عليه وسلم-:” إذا اطمأنَّ الرجلُ إلى الرجل، ثم قتله بعد ما اطمأنّ إليه، نُصِب له يوم القيامة لواء غدرٍ ” أخرجه الحاكم وصححه.
وقد أجمع أهل العلم على حُرمة الغدر.
وعن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( لا تغلّوا ولا تغدروا ) أخرجه مسلم.
قال النووي: “في هذه الكلمات من الحديث فوائد مجمع عليها، منها: تحريم الغدر”.
و لا ريب أن الغدر من صفات المنافقين لا من صفات المؤمنين، وهو كبيرة من الكبائر.
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ) متفق عليه.
فينبغي لكل مسلم أن لا يأمن جانب الخوارج فإنهم أهل غدر وخيانة لا أهل وفاء وأمانة
فكم من عهد نقضوه، وكم من دم سفكوه، ومن نظر في تاريخهم المظلم يجده قد ملئ بالغدر والخيانات وسفك الدماء والسرقات والفساد والإفساد.
إن هذا الفكرَ الضالَّ و هذه الطائفة المارقةَ خطرُ على أمنِ المسلمينَ ومصدرُ إزعاجٍ وإرهابٍ وزعزعةٍ لوحدةِ المجتمع وسلامة أرواح المواطنين وممتلكاتهم.
ولهذا فإن مواجهةَ هذا الفكرِ الضالِ ومحاصرتَه والتصدي له وتوعيةَ أبناءِ المسلمين بخطر هذا الفكر الدخيل وبذلَ كافةِ الوسائلِ للقضاءِ عليه من أعظم الواجبات على المجتمع كافة – أفرادا ومسؤولين .نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرحم رجال أمننا الذين قتلوا في هذه الحوادث وأن ينزلهم منازل الشهداء الأبرار وأن يربط على قلوب ذويهم ويلهمهم الصبر والسلوان.
كما نسأله أن ينتقم من هؤلاء الخوارج المجرمين هم و من أعانهم أو حرضهم وأن يرد كيدهم ويخذلهم ويخزيهم ولا يرفع لهم شأناً، وأن يعصم شباب المسلمين من فكر هؤلاء المفسدين المضلين.