المجموعة (872)
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: ما حكم الصلاة وراء إمام فاسق كمن يُدخن السجارة مثلًا؟
الجواب:
إن الصلاة خلف الإمام الفاسق تصح وإن كان الأفضل خلاف ذلك، فالأفضل أن يكون الإمام عدلًا صالحًا، لأنه قدوة يُقتدى به في فريضة من فرائض الله، لكن من صلى خلف إمام فاسق فإن صلاته صحيحة، كما ذهب إلى هذا أبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية.
وذلك أن الأصل صحة صلاته لأنه مسلم، ولا يُنتقل عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي، وإن كان الأفضل خلاف ذلك.
أما ما روى ابن ماجة من حديث جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ولا يؤمُّ فاجر مؤمنًا»، فالحديث ضعيف، ضعفه أبو حاتم والدارقطني والعقيلي وابن عبد البر، فإذن الأصل صحة الصلاة وإن كان الأفضل خلاف ذلك.
يقول السائل: ما حكم مسح اليدين على الوجه عقب الدعاء؟ وهل يُشرع رفع اليدين بالدعاء؟
الجواب:
مسح الوجه بعد الدعاء على أصح القولين سنة، وهو أحد الروايتين عن الإمام أحمد وأحد القولين عند الشافعية والحنابلة، وقد جاء في ذلك أحاديث مرفوعة واختلف العلماء في تصحيحها ما بين مُصحح ومُضعف، لكن ثبت عند الفريابي بإسناد صحيح عن الحسن البصري مسح الوجه بعد الدعاء.
فهذا قول تابعي، وإذا كان أعلى ما في المسألة قول تابعي فإن قوله مُستحب، وذلك اتباعًا لسبيل المؤمنين الذين أمرنا باتباعه.
إلا أنه ينبغي أن يُعلم أن مسح الوجه بعد الدعاء إنما يكون إذا رفع يديه بالدعاء، أما إذا دعا بلا رفع ليديه فإنه لا يمسح وجهه، كما بيَّن هذا النووي وغيره.
أما رفع اليدين بالدعاء فإنه مستحب من حيث الجملة، وقد تواترت الأحاديث في ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد بيَّن كثرتها الحافظ ابن حجر في شرحه على البخاري.
فلذلك رفع اليدين في الدعاء له أحوال ثلاثة:
• الحال الأولى: أن يثبت شرعًا أن رفع اليدين مُتقصَّد وهو مستحب، كرفع اليدين على الصفا والمروة، وعرفة، والاستسقاء، وغير ذلك.
• الحال الثانية: أن يثبت شرعًا أن رفع اليدين ممنوع، كرفع الخطيب ليديه عند الدعاء، فإن السنة للخطيب إذا دعا أن يُشير بأصبعه السبابة، كما ثبت في مسلم من حديث عمارة بن رؤيبة.
• الحال الثالثة: ألا يثبت هذا ولا هذا، فعليه يرفع يديه تارة ويدع تارة، وإذا كان بإلحاح فإنه يرفع يديه، ويدع ذلك ولا يستمر عليه، فلا يكون رفع اليدين مقصودًا لذاته وإنما يكون تبعًا لحاله في الدعاء.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.