المجموعة (874)


يقول السائل: أنا طالب علم من “أديس أبابا” عاصمة بلاد الحبشة أثيوبيا، سؤالي: اذكر لنا أمورًا تُبيح لنا أن نتعامل بها مع أهل البدع؟ لأن هناك يحصل التفرق والاختلاف بين السلفيين بسبب هذه القضية.

الجواب:
ينبغي أن يُعلم أن الأصل عند أهل السنة هجر أهل البدع، وألا يُتعامل معهم، وأن يُبغضوا، إلى غير ذلك.

وقد بسط هذا أئمة السنة في كتب الاعتقاد، وما يكاد أن يكتب عالم في كتب الاعتقاد إلا ويذكر أن هجر أهل البدع مطلب شرعي وعقيدة من عقائد أهل السنة، كما في كتاب: (أصول السنة) للإمام أحمد، و(عقيدة السلف أصحاب الحديث) لأبي عثمان الصابوني، و(عقيدة الرازيين)، وغير ذلك ممن كتب في الاعتقاد.

وقد دل على ذلك أدلة كثيرة، كقوله تعالى: ﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 225]، وهذا شامل حتى لأهل البدع كما بيَّنه أهل العلم والمفسرون، ومنهم البغوي وغيره.

وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم».

إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على وجوب هجر أهل البدع، بل لما تكلم الإمام ابن بطة في (الإبانة الكبرى) وقال: تأملت حال من ضلَّ بعد استقامة وابتدع بعد سنة، وجدت ذلك يرجع إلى أمرين؛ وذكر منهما: التساهل في مجالسة أهل البدع، وقد بسط وأطال ابن بطة في ذكر الآثار في عدم مجالسة أهل البدع.

إذن هذا أصل عند أهل السنة، وهو وجوب هجر أهل البدع، وعدم مجالستهم، وبغضهم، إلى غير ذلك.

إذا تبيَّن هذا الأصل؛ فيجب على كل سني سلفي أن يهجر أهل البدع، وهذا الأصل، قد يُنتقل عنه لمصلحة راجحة عارضة، وإلا الأصل هو الهجر، ويحصل من كثيرين أنهم يتساهلون في الانتقال من هذا الأصل باسم المصالح، ثم مع الأيام يفسدون ويُفسدون من وراءهم من أهل السنة.

لذا ينبغي أن يُعلم أن حفظ رأس المال مقدم على الربح، فأحيانًا قد يُخالط بعض أهل السنة بعض أهل البدع لأجل دعوتهم، إلى غير ذلك، ولا ينتبه إلى أن وراءه رأس مال وأن وراءه أقوامًا من أهل السنة، وأنهم إذا رأوا مقدميهم تساهلوا في مخالطة أهل البدع تساهلوا هم، ففسدوا، وحفظ رأس المال مقدم على الربح.

ومما حصل ببعض الدول أن بعض أهل السنة دخل مع أهل البدع لأجل مصالح سياسية وغير ذلك، ومع الأيام ضعفوا وضاعوا، وما أحسن ما قال العلامة الألباني: “دخلوا السياسية ليُغيروا فتغيروا”.

فأوصي إخواني أن يحذروا هذه المزالق، وأن يتمسكوا بهذا الأصل، وألا ينتقلوا عنه إلا لمصلحة راجحة، وألا يتقاربوا مع أهل البدع، فإن الأمر خطير ومزلة قدم، ولا شيء أغلى من الدين ومن حفظ سنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.


شارك المحتوى: