المجموعة (885)
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: هل رجع إمام الحرمين الجويني الابن عن مذهب علم الكلام ودخل في مذهب أهل السنة؟
الجواب:
إن كثيرًا من المتكلمين قد ندموا على خوضهم في علم الكلام، وأنهم تركوا طريقة السلف، كالابن (الجويني)، وكالأب، وكالرازي، والشهرستاني، والغزالي، وآخرين.
وكلهم صرحوا أن طريقة السلف هي الطريقة الصحيحة التي ينبغي أن تُسلك، وصرَّح بعضهم أنه ندم على ما سلف منه وأنه تمنى أن يموت على عقائد عجائز نيسابور، إلى غير ذلك.
أما عبد الملك الجويني الابن فإن له كلامًا قويًا في تقرير اعتقاد السلف في الرسالة النظامية، فقد ذكر فيها أن طريقة الحق هي طريقة السلف، وقد نقل طرفًا من ذلك ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتابه (فتح الباري)، وأنه يقول: الدين الذي أرتضيه وأدين الله به هو ما عليه سلف هذه الأمة، وأن سلف هذه الأمة ما كانوا يؤولون وأنهم كانوا أهل معرفة بفروع الشريعة، ومع ذلك تركوا التأويل في الاعتقاد، فلم يكن التأويل موجودًا لا في عهد الصحابة ولا التابعين، فدل هذا على أنه يجب ترك التأويل واتباع طريقتهم.
إلى غير ذلك مما ذكر -رحمه الله تعالى-، ولأبيه كلام قوي في ذم طريقة التأويل في رسالة إثبات الاستواء والفوقية، فالمقصود أن هؤلاء المبرزين عند علماء الكلام قد ندموا على خوضهم علم الكلام، وندموا على سلوكهم مسلك التأويل، وأثنوا على طريقة السلف الأولين.
وفي هذا عبرة لطائفتين:
– الطائفة الأولى: لأهل السنة السلفيين، أن يحمدوا الله على منَّ الله عليه بهم من الاهتداء لمنهج أهل السنة والتمسك به، فيكون هذا من الأدلة الكثيرة على تثبيتهم وتقويتهم، وعلى زيادة اليقين في قلوبهم على صحة هذه الطريقة.
– الطائفة الثانية: الأشاعرة، فليتق الله أولئك المتكلمون، وليجعلوا ما سار عليهم أئمتهم المقدمون عبرة لهم، وأنهم ندموا على ما كان منهم، فليهتبلوا فرصة الحياة في الرجوع والعودة، وكما روى مسلم عن ابن مسعود أنه قال: “السعيد من وُعظ بغيره”.
يقول السائل: من فاتته ركعة من صلاة الكسوف أو الخسوف، هل يُدركها بركوعيها؟ أو الركوع الأول يكفي لأنه الركن؟
الجواب:
على أصح قولي أهل العلم أن صلاة الكسوف أو الخسوف تُدرك بإدراك الركوع الأول لا الثاني، وذلك أن ما زاد على الركوع الأول في الركعة الأولى أو الركوع الأول في الركعة الثانية فهو مستحب، فمن أدرك الركوع الثاني في الركعة الأولى أو الركوع الثاني في الركعة الثانية فإنه لم يُدرك الركعة.
وذلك أنه ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير أنه صلى صلاة الكسوف كصفة صلاة الفجر، فدل على أن الركن أن تكون ركعتين، وما زاد على ذلك فهو مستحب، لا تُدرك به الركعة، وإلى هذا القول ذهب الحنابلة وآخرون.
فهذا هو أصح قولي أهل العلم -والله أعلم-.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.