المجموعة (946)


يقول السائل: ما حكم تعدد الجمعة في المسجد الواحد؛ لأن المسجد لا يسع جميع المصلين بسبب تباعدهم في الصفوف وقاية من انتشار الوباء؟

الجواب:
المعروف من كلام أهل العلم ومما درج عليه المسلمون أن الجمعة لا تُكرر في مسجد واحد، وأنه لا دليل على ذلك، بل إن العلماء شددوا في تكرار المساجد في البلدة الواحدة، فضلًا عن أن تُكرر الجمعة في مسجد واحد.

فالمقصود أن هذا الفعل -والله أعلم- لا يُشرع ولا يصح أن يُفعل، وهذا الذي رأيته من كلام أهل العلم ولم أر لهم تقريرًا بجواز تكرار الجمعة في مسجد واحد، والخير كل الخير في اتباع من سلف، والحذر كل الحذر في الابتداع، أسأل الله أن يُعيذنا من البدع ما ظهر منها وما بطن.

لذلك إذا كانت الظروف كما سأل السائل، فإن من تيسر له أن يصلي من المسلمين ووجد مكانًا فالحمد لله، فإن لم يتيسر له ذلك فإن الجمعة تسقط عليه، ويكون معذورً لأنه غير مُفرِّط -والله أعلم-.

وقد رأيت بعضهم يتساهل في مثل هذا بحُجَّة أن الزمان اختلف، واختلفت الأمور، وينبغي ألا يُتوسَّع في ذلك، وأنه إذا وُجد المقتضي في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام وفيما مضى مما عليه السلف الكرام، فلا يصح لنا أن نُخالف سلفنا وأن نبتدع شيئًا جديدًا -والله أعلم-.

يقول السائل: من استغاث بالأموات في اعتقاده أن الله أمر عباده بذلك، فما حكمه؟

الجواب:
الاستغاثة بالأموات شرك أكبر مُحبط للعمل، كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65] وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48] والاستغاثة دعاء، والدعاء عبادة، فصرف العبادة لغير الله شرك، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117].

لكن من وقع في هذا المُكفِّر أو غيره من المُكفِّرات لا يُكفَّر عينًا إلا بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع، كما دلَّت الأدلة على ذلك، وقد بسط هذا وقرره في مواضع كثيرة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وتلميذه ابن القيم، وغيرهم من علماء الإسلام، وهو أصح القولين في هذه المسألة، وفي المسألة قولان معتبران عند أهل السنة، وهو الأصح -والله أعلم-.

يقول السائل: هل الرقية من الأمور التعبدية؟

الجواب:
الرقية ليست من الأمور التعبدية، بل هي من الطب والتداوي، فلذا يُرجع فيها إلى التجربة الظاهرة المباشرة، ويدل لذلك ما روى مسلم من حديث عوف بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «اعرضوا عليَّ رقاكم، لابأس بالرقى ما لم تكن شركًا» وجه الدلالة: أن أهل قريش قبل الإسلام وغيرهم كانا يرقون برقى شائعة عندهم، ولم يمنعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك منعهم من شيء واحد: ألا تكون الرقى شركًا، فدل هذا على أن الأصل في الرقية ألا تعامل معاملة العبادة، ولا يُقال الأصل فيها الحظر، وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى) وابن القيم في كتابه (أعلام الموقعين).

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.


شارك المحتوى: