المجموعة (969)
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: هل يجب أن أصلي وأسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- لما يُذكر في المحاضرات والدروس في التسجيل؟
الجواب:
القول المعروف عند العلماء الأوائل أن الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند سماع ذكر اسمه ليس واجبًا وإنما قال بالوجوب بعض المتأخرين، أما كلام الأولين من أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم فإنهم على خلاف ذلك، وإنما ذهب إلى الوجوب بعض المتأخرين كالطحاوي من الحنفية، والكرخي من المالكية، والحليمي من الشافعية، وابن بطة من الحنابلة، وآخرين، وهو ظاهر قول ابن القيم -رحمه الله تعالى-.
والأحاديث التي جاءت في ذلك لا تصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصحيح، فلذا القول بوجوب الصلاة فيه نظر وهو خلاف قول الأولين، وما جاء من الأحاديث في ذلك فالظاهر ضعفها وعدم صحتها -والله أعلم- وإنما القول المعروف عن العلماء هو وجوب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في العمر مرة واحدة، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].
ومن العلماء من ذهب إلى وجوب الصلاة عليه في التشهد، ومنهم من قال بالركنية، إلا أن في هذا نظرًا وليس هذا موضع بيانه، لكن المقصود أن القول بوجوب الصلاة عليه عند ذكره قولٌ على خلاف ما عليه العلماء الأولون، وما جاء من أدلة صريحة في ذلك فلا تصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والله أعلم.
يقول السائل: أكثر أحوال أهل بيتي يمكثون على المسلسلات والمعاصي وأنا أنكر عليهم فيأبون عليَّ، وإذا اعتزلتهم حال معصيتهم فقد لا ألتقي بهم في اليوم كله ويحزن والدي لأجل هذا، فما التوجيه؟
الجواب:
يجب في مثل هذا أن يُعتزل الأهل وغيرهم عند فعلهم للمعاصي، ويجب الإنكار عليهم، فمن أنكر عليهم وأدى ما عليه فقد برئت ذمته، روى الإمام مسلم عن أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطيع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
ومما يقتضيه إنكار القلب أن يُفارق مكان المنكر، كما قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ﴾ [النساء: 140].
وحق الله مُقدم على كل أحد، فأنصحك أن تستمر على اعتزال المنكر وعلى اعتزالهم حال فعلهم للمنكر وأن تجتهد على نصيحتهم وهدايتهم، وأن تُرسل إليهم بعض الرسائل التي تُؤثر عبر الواتساب وغيره، وأن تدعو من يستطيع أن يُؤثر عليهم، وأن تُكثر الدعاء لهم، وأن تُفهم والدك هذا الأمر، وأن تجتهد على صلة والدك وبرك به وصلتك بإخوانك في غير فعل هذا المنكر.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.