تحريم الخروج على الحكام الظلمة ( 4 )
د. خالد بن علي العنبري
ومن براهين إجماع أهل السنة على تحريم الخروج بالثورات والانقلابات على الحكام المسؤولين الظالمين مراعاة مقاصد الشريعة ( فإن الله تعالى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد تقليلها ، ودفع اعظم المفسدتين بالتزام أدناهما) وقد علم باستقراء التاريخ الإسلامي قديمه وحديثه ومعاصره أن الخروج على الحكام مفاسده أكثر من مصالحه- إن كان ثم مصلحة – يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ( في منهاج السنة : ( 3\391) : (ومتي كان السعي في عزلة مفسدة أعظم من مفسدة بقائه لم يجز الإتيان بأعظم الفسادين بدفع أدناهما .. ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم دون قتال ولا فتنة فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته ، والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيف ما كان، ولا أمر بقتال الباغين ابتداء .. فكيف بقتال ولاة الأمر ابتداء ؟!) ويقول في موضع آخر :4)\531-530) ( ولم يكن في خروج الحسين لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا ، بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتلوه مظلوماً شهيداً ، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده ، فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء، بل زاد الشر بخروجه وقتله ونقص الخير بذلك ، وصار ذلك سبباً لشر عظيم ، وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن ، كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن ، وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور لعباده في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمداً أو مخطئاً لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ) فهل يسمع الشباب بشيخ الإسلام في مصر والجزائر وغيرهما ؟ .