جرائم الإخوان المسلمين عقديًا وإرهابيًا
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة:21-22].
أما بعد:
فإنه إذا انتشرَ شرٌ فينبغي للمسلم أن يسأل عن هذا الشر، لا تشوُّفًا للشر ولا تتَّبعًا له، وإنما لينجو بنفسه منه، وقد قال ربنا سبحانه: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55]،
أخرج البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافةَ أن يُدركني.
وقال الشاعر:
عرفتُ الشرَّ لا للشرِّ ولكن لتوقيه … ومن لا يعرفُ الشرَّ من الخير يقعُ فيهِ
ومن هذا المنطلق فإليكم الحديث عن جماعة حركية تزيَّنت بزيّ الإسلام في اسمها ورسمها، حتى خدعت كثيرًا من المسلمين، هذه الجماعة هي جماعة الإخوان المسلمين.
إن مؤسس الجماعة الأول: هو حسن البنا، وقد أسسها بمصر قبل مائة سنة تقريبًا، ثم انتشرت في العالم الإسلامي، بل حتى في العالم كله، وذلك لدعم الغرب لها حتى قال بعض الباحثين: إن وراء هذه الجماعة الإنجليز، وأثبتوا ذلك بطرق مقنعة، ومن شاء فليرجع إلى ذلك، ومما يؤكِّد كلام أولئك الباحثين: الثمار التي جنتها هذه الجماعة على الأمة الإسلامية؛ فإنه لم يستفد من ثمارها ومن نشاطها إلا الكفار كما سيأتي بيان ذلك -إن شاء الله -.
ولتعلموا أن الحديث عنها يطول جدًا لكن أختصره في أمرين موثقًا ذلك من كتبها ورجالاتها:
الأمر الأول: مخالفاتها العقدية، فإن أهم ما على المسلم أن يعرف اعتقاده، وأن يعرف موقف المخالفين عقديًا، حتى يعقد لهم الحب والبغض.
الأمر الثاني: مخالفتها الإرهابية الإفسادية.
أما الأمر الأول: وهو مخالفاتها العقدية فإن عقيدة هذه الجماعة تُعرف بمعرفة ما عليه قاداتها الذين أسسوها وأنشأوها، وكذلك بما عليه أفرادهم وبما نُشر في كتبهم.
كان حسن البنا صوفيًا، بايع على الطريق الحصافية الشاذلية، ذكر ذلك عن نفسه في مذكراته التي كتبها، ويقول أبو الحسن الندوي: إن حسنًا البنا استمرَّ على الأذكار والأوراد الصوفية إلى آخر حياته.
ويقول سعيد حوَّى -وهو من كبار الإخوان المسلمين- في كتابه (تربيتنا الروحية): إن عند جماعة الإخوان المسلمين أورادًا وأذكارًا صوفيةً يجتمعون عليها.
وكان حسنٌ البنا يحضر المولد النبوي البدعي، ويزعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حَضَر معهم بروحهِ، حتى كان يُردد هو وأصحابه أبياتًا صدرها بدعيٌّ وعجزها شركيٌ:
هذا النبي مع الأحباب قد حَضَرَ … وسامح الكلَّ فيما قد مضى وجرى
ذكر هذا جابر رزق في كتابه (حسن البنا بأقلام تلاميذه).
وكان حسنٌ البنا متساهلًا ومفرِّطًا للغاية في عقيدة البراء من الكافرين، ويزعم أن الكفار من اليهود والنصارى إخوان للمسلمين
يا لله
كيف يقال هذا والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].
وذكر هذا مؤرخ الإخوان محمود عبد الحليم في كتابه (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) أن حسنًا البنا كان داعية تقريب مع الرافضة مُكفِّري أبي بكر وعمر وعثمان! ومُتَّهمي أم المؤمنين أمنا عائشة بالزنا!
وذكر عمر التلمساني في مذكراته -وهو المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين- عن حسنٍ البنا أنه قال:
“اعلموا أننا والشيعة نجتمع في “لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله”، وما عدا ذلك أمور لا تستوجب عداءً”.
سبحان الله! أيقال هذا في الرافضة؟! أيقال فيمن يقذف أمنا أم المؤمنين عائشة بالزنا، مُكذِّبًا بالقرآن ومُتَّهمًا فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!
نعم قاله حسنٌ البنا، لأنه هزيل وضال في الاعتقاد السلفي الذي عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
إلى غير ذلك مما يطول ذكره من ضلال هذه الجماعة في باب الاعتقاد، وقد ركَّزت على مرشدها ومؤسسها الذي يُعظمونه، وبالذكر يُقدِّمونه، ولشأنه يرفعون، ولتمجيده يتسابقون.
فإذن -إخوة الإيمان-، هذه هي جماعة الإخوان عقديًا.
أما الأمر الثاني: وهو مخالفتها إرهابيًا وإفسادًا فإنهم دعاة تكفير وتفجير
فإن عند الإخوان المسلمين تنظيمًا خاصًا سرِّيًا، كما ذكروه في كتبهم وسطَّره رأس من رؤوس الجماعة وهو محمود جامع في كتابه (وعرفت الإخوان).
بل ذكر أن من أعضاء هذا التنظيم الخاص جمال عبد الناصر (رئيس مصر سابقًا) الذي انقلب عليهم!
وليعلم أن الذي عنده تنظيم خاص سري في الدول الإسلامية هو ممن يبطن شرًا، لذا احتاج للسرِّية.
الأمر الثاني: تربية أعضاء حزبهم على التعصُّب الشديد لهذه الجماعة، حتى يقول محمود الصبَّاغ الإخواني في كتابه (التنظيم الخاص لجماعة الإخوان المسلمين): إن لإمامنا ولمرشدنا الطاعة المطلقة.
أعوذ بالله!
إن الطاعة المطلقة إنما تكون لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وما عداهما من الحكام وغيرهم فيُسمع لهم ويُطاع في غير معصية الله
إذا رُبُّوا على هذا التعصُّب فلا يستغرب أن يقول مرشدٌ من مرشديهم وهو مهدي عاكف: ليس هناك أحق من أن يقول الحق كما أُنزل على قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا الإخوان المسلمون!
فبهذا حصروا الحق فيهم، وربوا شبابهم على التعصُّب لهم، حتى إن لهم الطاعة المطلقة!
وذكر علي عشماوي في كتابه (التاريخ السري) وهو من رجالات الإخوان المسلمين، أن لهم تنظيمًا خاصًا سريًا في مصر وفي دول العالم الإسلامي، حتى قال: في دول الخليج بل وفي السعودية، لهم تنظيمات سرية، وسمى بعض قاداتهم في السعودية وفي دول الخليج.
الأمر الثالث: أن جماعة الإخوان المسلمين متخصصون، بل منفردون في المكر والانقلاب على الحكام، وأول من قام بذلك حسنٌ البنا.
يقول المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين عمر التلمساني في كتابه (حسن البنا الملهم الموهوب): كان حسنٌ البنا يثني على حاكم مصر الملك فاروق، حتى ألقى أمامه كلمةً أثنى عليه وعلى تعظيمه للقرآن، وكتب مقالًا سماه: (الملك فاروق والمصحف) وفي الوقت نفسه كان يُخطط للانقلاب عليه.
وفعلًا أسقطوه بتدبير من حسن البنا كما قاله التلمساني.
فهم جماعة انقلابات وخيانات ومكر للحكام ولغيرهم.
الأمر الرابع: اعترف أفراد الإخوان المسلمين في كتبهم بأنهم قاموا باغتيالات، من ذلك أنهم قاموا باغتيال النقراشي وهو رئيس مجلس الوزراء بمصر كما اعترفوا بذلك، بل إن سيد قطب -وهو من رجالات الإخوان المسلمين- اعترف في كتابه (لماذا أعدموني) أنه كان يُخطط لتفجير محطة كهربائية ولكذا وكذا.
هذه اعترافاتهم! ومن فمك ندينك.
الأمر الخامس: أنهم كانوا يكفِّرون المسلمين، حتى ذكر حسن البنا أن من كان معهم فهو المسلم، بخلاف من ليس معهم، وذكر سيد قطب في كتابه (ظلال القرآن) أن المجتمعات الإسلامية ارتدت، وأن ذاك المؤذن الذي يقول في أذانه: “الله أكبر الله أكبر” قد ارتد ورجع إلى الجاهلية الأولى.
حتى يقول علي عشماوي في كتابه (التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين): كنت أعمل مع سيد قطب، فجاءت صلاة الجمعة، فرأيته لا يصلي مع المسلمين، فسألته: لمَ؟ قال: هذه التي تسميها مساجد، هي معابد الجاهلية!
وكان سيد قطب يقول عن ذبائح المسلمين: إنها بمنزلة ذبائح اليهود والنصارى!
إذن -إخوة الإيمان-، جماعة الإخوان جماعة إرهابية تكفيرية.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد أخرجت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية قبل أيام بيانًا بتاريخ: يوم الثلاثاء 24 / ربيع الأول / 1442هـ حول جماعة الإخوان المسلمين، وهذا نصه:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وصفوته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين .. أما بعد:
فإن الله تعالى أمر بالاجتماع على الحق ونهى عن التفرق والاختلاف قال تعالى: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون»، وأمر العباد باتباع الصراط المستقيم، ونهاهم عن السبل التي تصرف عن الحق، فقال سبحانه: «وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون».
وإنما يكون اتباع صراط الله المستقيم بالاعتصام بكتاب الله- عز وجل- وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أنّ مِن السبل التي نهى الله تعالى عن اتباعها المذاهب والنحل المنحرفة عن الحق، فقد ثبت من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده ثم قال: «هذا سبيل الله مستقيمًا»، ثم خط عن يمينه وشماله، ثم قال: «هذه السبل ليس منها سبيل إلاّ عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ : (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرَّق بكم عن سبيله)» رواه الإمام أحمد.
قال الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتقرق بكم عن سبيله) وقوله: (أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) ونحو هذا في القرآن، قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمِراء والخصومات في دين الله.
والاعتصام بكتاب الله- عز وجل- وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- هو سبيل إرضاء الله وأساس اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، والوقاية من الشرور والفتن، قال تعالى : «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون».
فعُلم من هذا: أن كل ما يؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين من بث أفكارا أو أسس جماعات ذات بيعة وتنظيم، أو غير ذلك، فهو محرم بدلالة الكتاب والسنة. وفي طليعة هذه الجماعات التي نحذر منها جماعة الإخوان المسلمين، فهي جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، ومنذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئًا بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعاتٌ إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فسادًا مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم.
ومما تقدم يتضح أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب.
فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها.
والله نسأل أن يحفظنا جميعًا من كل شر وفتنة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
انتهى البيان.
اللهم احفظ لنا ديننا وتوحيدنا
اللهم احفظ أولادنا وأولاد المسلمين واجعلهم هداة مهتدين
اللهم من أراد المسلمين بشر فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرا عليه
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وعم الأمن والتوحيد ببلادهم
وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله