حقيقة الإرهاب
عبدالله بن محمد الشبانات
حقيقة الإرهاب
الإرهاب في اللغه مفرد له دلالة غير اصطلاحية معناها التخويف ولايمكن التعويل على هذا المعنى للكشف عن المعنى الحقيقي.
ففي نظري والله أعلم أن التعريف الاصطلاحي للإرهاب : هو الدعوة إلى استخدام القوه في غير موضعها أو ممارسة ذلك لتحقيق أهداف معينه أبرزها إسقاط السلطه السياسيه وإسقاط ثقافة المجتمع والأصول التي يقوم عليها
ولن نتكلم طويلاً عن هذا
فالمقصود من هذا المقال الكشف عن حقيقة الإرهاب
فإن كثير من الذين كتبوا في الاٍرهاب وهم في الغالب فريقين متنافسين وإن تشابهوا في أوجه ثقافية عديده لعلي أفصلها في مقال آخر ان شاء الله
فالفريق الأول ذهب الى إيهام الناس أنّ الدين في حد ذاته سبب في الإرهاب فعمدوا إلى إتهام نتاج العلماء الكبار من السلف الصالح امثال ابن تيميه وأئمة الدعوه بانه يغذي الإرهاب
فاستقر عند هذا الفريق أنّ حصر الدين في الشعائر التعبدية فقط واطّراح نتاج العلماء هو علاج الإرهاب .
مشيرين ومقعّدين للعلمانية بنوعيها الحكومي والاجتماعي ،
و مستندين ومستدلين في إبعاد الدين وحصره في الشعائر بطرح الإرهابيين أنفسهم لمفهوم الدين فأخذ هذا الفريق ما توهمواأنّه الدواء من الداء نفسه وهو التفسير الإرهابي للإسلام وتركوا التفسير السلفي أو الفهم السلفي للإسلام وهذا إمّا ضلال في الاستدلال والبحث أو بُغضٌ لدين على حقيقته في أنّه مهيمن ومنظم للحياة فلايريدون هذا الأمر .
وفريق أوهموا الناس أن السبب في الاٍرهاب هو ظلم الدوله و الولاة وتسلطهم وأكل أموال الناس وانحرف بهم هذا الطرح الثقافي أكثر إلى اعتماد مبداء الحرية بشكل عام ايّ بالمنظور الغربي أو الانساني كمايقولون دون النظر الى حكم هذه الحريه شرعاً محاولين عبثاً أسلمة العلمانية الحكوميه والديموقراطيه
مستدلين لإثبات نظرتهم هذه بطرح الإرهابيين الضال في تحريف النصوص واجتزائها لِكي يتنصل هذا الفريق من ثقافة الامه الاصيله وعلى رأسها عقيدة اهل السنه في الامامه وأمر الناس بالقيام بالدين كالصلاة والحج وعدم المجاهرة بالمعاصي فهي لأن عقيدة الإمامة والسمع والطاعه وحمل الناس على إقامة الدين تخالف النهج الديمقراطي
فلذلك ربطوا الإرهاب بالعقيدة السلفية
ولاننسى قول أحدهم:
أنّ “داعش ” نبتةٌ سلفيّة
وكلا الطرفين جائرين في وصف الامر والعله .
وعندما نبحث الأمر نجد أنّ الإرهاب ظاهره اجتماعيه بمعنى أنّه علّة تعتري كل الحضارات وليس مختص بالمجتمعات المسلمه .
فكلّ ظاهرة اجتماعيه تعتمد على اسس واصول ولمعرفة حقيقة هذه الظاهره لابد من تبيين هذه الاسس التي تعتمد عليها
لذلك الإرهاب يعتمد في وجوده وحقيقته على أساسين:
أولاً الأساس العلمي
ثانياً الأساس العملي.
وكلاهما له تفصيل نلمح اليهما إلماحاً في هذا المقال :
فالأساس العلمي / يعتمد على وجود بيئه مبتدائها وأساسها دخيل على المجتمع و ذات بعد ثقافي ، من أُسسه التي يدعو اليها ايجاد خلل في مفهوم الولاية العامه (السلطه السياسيه) أو علاقة الراعي بالرعيه وذلك لإيجاد فجوة بين السلطه السياسيه وبين الشعب (الرعيه) وفي هذه الفجوه يتربع دعاة الفتنيه.
وهذا الوسط هو المغذي الفكري للإرهاب ومن أهم طرق هذا الفكر الرئيسيه لإيجاد بيئةٍ له .
١-استغلال الأصول والثقافة الأصيلة التي قام عليها المجتمع تحريفاً وحذفاً لجعلها تصب في مصلحة هذا الفكر الضال
فمن ذلك وعلى سبيل المثال في مجتمعنا محاولة استغلال طرح ابن تيميه واجتزاء
كلامه لإيهام الاتباع انه يؤيد هذا الفكر الضال مع أنّه على خلاف ذلك تماماً ولا أدلّ على ذلك من أن كبار علمائنا خصوصاً في أيامنا هذه يأخذون كلامه رحمه الله ويشرحون كتبه وليس فيها شيء مما يورده هؤلاء من تكفير للأمّه واستباحة للدماء والحال كذلك نفسها مع أئمة الدعوة وما نقل عنهم فيأخذون حوادث العين ويجعلون منها أدلّة وقواعد وهذا منتهى الضلال في الاستدلال فيتشكل عند المريد بسبب هذا التلبيس قناعة بأنّه على الحق ومن خالفه فقد خالف الإسلام فهو كافر ضال يجب قتله
والفائدة في مثالنا الذي نحن بصدده وهو وجود الفكر في مجتمعنا ان هذا الفكر الحزبي دخيل على مجتمعنا عن طريق تنظيم الاخوان القادم من مصر وكان يحمل ثلاث أمور تخل بالولاية العامه وتزرع الحزبيه فضلاً عن باقي أمور العقيدة وهي فكر الاعتزال وفكر التمشعر وفكر التصوف وكلها موجوده في المجتمع المصري وينسحب هذا الخلل في الولاية على عدة أمور أولها دماء المسلمين وذلك بحكمهم على المسلم بخروجه من الدين إمّا انطلاقاً من المعتقد كالمعتزلي والمتصوف أو انطلاقاً من الإجتهاد الفقهي كالاشعري في تفصيل ليس هذا مكانه وبما أنّ مجتمعنا لايقبل هذه العقائد مباشره كان لابد من تمريرها تحت عبائة إدعاء السلفيه واستغلال مسمى اهل السنة والجماعة في ادعاء الأشاعرة انهم يدخلون تحته فأتى هذا المسخ العجيب الذي خرج وهو الفكر القطبي ومن بعده السروري في محاولة لاختطاف معتقد اهل السنة والجماعه (السلفيه) وتحريفه وحصره في باب الاسماء والصفات والقضاء والقدر وبعض ابواب توحيد الألوهيه واطّراح باقي الأصول مثل أصل الإمامة وجعله من الفقه كما فعلت الأشاعرة وكذلك أصل لزوم الدفاع عن السنه وحماية جناب التوحيد بالرد على المخالفين.
٢- ومن الطرق في ذلك ايضاً ضرب القدوات السلفيه والوطنيه بالطبع من العلماء وطلبة العلم السلفيين بأتهامهم بخيانة الأمانة العلمية أو التقصير أو عدم الفقه في الواقع أو نبزهم بألقاب منفّره كقولهم جامي وغيره وذلك تمهيداً لرموزهم لكي يأخذوا محل العلماء السلفيين.
وأما الأساس العملي / فيعتمد على إيجاد بيئة خاصه بهذا الفكر الضال داخل المجتمع تكون مصنعاً لإنتاج العناصر الإرهابية سواء القيادات أو الأفراد.
وفي مجتمعنا فإن الفكر الدخيل سواء الإخواني والقطبي (السروري) خصوصاً أو التبليغي أوجد بيئة دخيله يتربى فيها النشئ على أفكار منحرفه ضد السلفيه وبالتالي ضد الوطن عن طريق ثلاثة أمور:
أولاً-السعي لتفكيك وحدة نسيج المجتمع أو استغلال ذلك إن وجد لأسباب اقتصاديه أو غيرها وذلك لإدخال العناصر الغريبه (الاجنبيه) التي تكون النواة الأولى للبيئه الدخيله فيكون من أخطر نتائج الإخلال بنسيج المجتمع هوأن لايكون المجتمع على كلمة واحده تجاه القياده السياسيه (ولي الامر)مما يخلّ بالوحدة الوطنية وقد أشار إلى ذلك علماؤنا ومنهم شيخ الاصوليين في عصرنا الشيخ عبدالله بن غديان رحمه الله عندما قال
( أنّ الأجانب يؤسسون عندنا لما كان في بلدهم ) ا.هـ وهذا هو مايسمى بنقل الثقافه وهذه خطوة علميه لإنشاء البيئه الدخيله أو الحاضنه هذا غير طامّة تفكيكك النسيج الاجتماعي و كذلك يقول رحمه الله (ان هذه الجماعات الوافده تحرم اتباع غيرها …… وتعمل لها بيعه )ا.هـ
وهذه خطوة عمليه في تفكيك النسيج الاجتماعي والعمل على إخلال العلاقه بين الراعي والرعيه كما أشرت لها أوّل المقال
https://m.youtube.com/watch?v=TLbjBxb8HTA
وتفكيك النسيج الاجتماعي له مابعده من التبعات على المجتمع فهو يغيرالهويه الوطنيه لإيجاد موضع قدم له وأهمّ عنصر رئيسي في تغيير أو تفكيك النسيج الاجتماعي هو الأجنبي الذي يدخل بصفته مؤثراً على المسألة العلمية خصوصاً الدينيه منها في المجتمع وذلك عن طريق الجمعيات والمؤسسات الدينيه التعليميه في الدوله .أو على المسألة الاقتصاديه في المجتمع . والأجنبي هو من يمتلك ولاءً غير ولائنا وثقافة غير ثقافتنا أو أحدهما.
وقد فطن عمر رضي الله عنه إلى هذه المسأله وعالجها من بدايتها فقد منع عمر دخول الأجانب إلى المدينة وبقائهم في مجتمعاتهم حديثة العهد بالاسلام إلى أن تتوحد الأُسس العلمية والثقافية مع الأُسس العلمية والثقافية لمجتمع المدينه أو على الأقلّ تقترب منه
فيحدث بذلك التجانس الاجتماعي الذي يكون له أثر عميق في الوحده الوطنية.
ثانياً- يعتمد الإرهاب في تغذية نفسه بالأفراد باستغلال حالة التفكك الأسري وذلك
لضمان الولاء من الفرد أكثر وأكثر لأصحاب الفكر الضال
فعندما لايكون لنشئ بيت مطمئن يحتويهم ويتحمل تربيتهم ويصبر عليهم بل على العكس من ذلك يوكلون تربية أبنائهم إلى مؤسسات مسماها ديني أو مؤسسات اجتماعيه خيريه أو رسميه ويثقون في القائمين عليها ثقة عمياء فهذا يدل على عجز من الوالدين في التربيه وهي أوّل مظاهر التفكك الأُسري
فتتلقف النشئ أيديٍ عابثة إمّا منحرفة فكرياً أو أخلاقياً أو كلاهما أو يجعلون وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني هي من يثقفهم بل يشجعون أبائهم على ذلك دون أن يلحق هذا الأمر رقابة واطلاع على فكر من يتواصلون معه
ثالثاً- إيجاد العزله الشعوريه لدى المريد لكي يتم ضمان عدم التأثير عليه وهو داخل مجتمعه الأصيل وضمان تلقيه الأفكار كما يريدون وهي الركن الركين العملي في استمرارية البيئه الدخيله وعليه عوّل سيد قطب في بعض كتبه إمّا تصريحاً أو تلميحاً كمافي كتابه معالم في الطريق وتعتمد العزله الشعوريه على نسف القدوات الدينيه والاجتماعيه بل التشكيك في الفهم الصحيح لدّين وأخذ الفهم الضال الناتج عن البيئه الدخيلة
•نخلص مماسبق إلى انّ الإرهاب عموماً يعتمد على أساس علمي في أفكاره وأساس عملي في استمراريته وتحركه
مستخدماً ثقافة المجتمع وإصوله استخداماً مُحرّفاً لنقض ذات الأصول وذات الثقافه لتكبر أصوله و ثقافته فيسيطر ويصدرها إلى باقي الدول المجاوره
فهو كالطفيلي يعيش عالة على غيره إذا غيره هذا أهمل مكافحته .
أسأل الله أن يحفظ وطننا من المنحرفين الضالين أصحاب الهوى . ا.هـ
كتبه اخوكم
عبدالله محمدعبدالله الشبانات
في يوم الجمعة
الموافق ١٤٣٨/٦/٤هـ