حلقات تحفيظ الحديث الشريف
د. إبراهيم بن عبدالله المطلق
حلقات تحفيظ الحديث الشريف |
د. إبراهيم بن عبدالله المطلق/ جامعة الإمام محمد بن سعود – الرياضجاءت السنة المطهرة في المرتبة الثانية بعد كتاب الله تعالى، فالقرآن الكريم كلام الله ووحيه أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والسنة المطهرة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع لهذا الدين العظيم. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم مكانة السنة وأمر بالتمسك بها والعمل بها وقرنها مع كتاب الله تعالى، فكان مما ثبت عنه قوله عليه الصلاة والسلام (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي) وقال أيضا (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضو عليها بالنواجذ). وكما أن القرآن حق ووحي، فالسنة حق ووحي وإن تلفظ بها عليه الصلاة والسلام {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. وحينما أراد عبدالله بن عمرو كتابة حديث النبي صلى الله عليه وسلم نهاه النبي صلى الله عليه في بادئ الأمر، ثم قال (اكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج منه – يشير إلا فيه – إلا حقا). ولقد كانت عناية السلف الصالح رضي الله عنهم بالسنة المطهرة كعنايتهم بكتاب الله تعالى، فحفظ الله لنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم كما حفظ القرآن الكريم وعني عدد من أئمة السلف بحفظ الحديث النبوي، فالإمام أبو هريرة رضي الله عنه عرف بحفظه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: حفظت من فِيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين أما أحدهما فقد بثثته فيكم وأما الآخر فلو بثثته لقطعتم مني هذا الحلقوم)، يشير إلى أحاديث الفتن وأسماء أمراء السوء. وكذا الإمام أحمد بن حنبل حفظ ألفي ألف من حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وثبت عنه قوله في شأن الفرقة الناجية (إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أعلم منهم). وإن مما يذكر فيشكر هو عناية هذا المجتمع -أعني مجتمع المملكة العربية السعودية- رعاة ورعية بكتاب الله تعالى حتى أنشأت الحلقات في كل مسجد وخصصت مدارس لتحفيظ القرآن وكانت النتيجة جيلا قرآنيا فريدا. وما أود التأكيد عليه لِمَ لا نضيف إلى العناية بكتاب الله تعالى العناية بالسنة المطهرة، فهي وكما أشرت المصدر الثاني من مصادر التشريع، والسنة هي ترجمان القرآن وهي المبينة لكثير من أحكامه والشارحة لها والمفصلة لها.. وعلى سبيل المثال لم يرد في القرآن كيفية صلاة الصلوات الخمس وعدد ركعاتها وشروطها وأحكامها، وقد جاء ذلك مفصلا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ولأن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم جاءت قرينة لطاعة الله تعالى في مواضع عدة من كتاب الله بل لم ترد آية تأمر بطاعة الله إلا وفيها الأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. وحيث إن المظهر العام لكثير من أبناء المسلمين اليوم ينبئ عن هجر السنة المطهرة إما جهلاً وهذا هو الغالب أو غير ذلك. جريدة الجزيرة – العدد 11954 – الثلاثاء 14 جمادى الاولى 1426. |