عادة تقديم الورد كهدية معروفة في بلاد الكفار، ما حكم التعامل بها لمن يسكن تلك البلاد؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: معلوم أن باقة الورد المقدم كهدية أنها عادة وفدت من غير المسلمين، فما الذي يترتب على من يقيم في بلاد غير إسلامية كحال أخيكم حيث إن القوم هنا ليس عندهم أفضل من وردة أو باقة ورد تهديها لمعلمك أو لجارك، لزميلك في دراسة أو عمل أو عيادة مريض مثلًا، إلى آخره؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن العادة إذا ابتدأت من الكفار، وكانت خاصة بهم، أو أي عادة خاصة أو أي عادة خاصة بالكفار، فإن فعلها منهي عنه؛ لما ثبت عند أحمد وأبي داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تشبه بقوم فهو منهم».
لكن إذا اشتهرت هذه العادة، وتجاوزت الخصوصية من الكفار إلى أن شاعت بين المسلمين؛ فإن فعل مثل هذه العادة جائز، ولا يُعدُّ تشبهًا، كما ذكر هذا التأصيل شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “اقتضاء الصراط المستقيم”، وذكر ذلك كما في “مجموع الفتاوى”، وأشار لهذا المعنى ابن جرير الطبري، والذهبي، وابن حجر، والنووي، وجماعة من أهل العلم.
لذا؛ الذي يظهر – والله أعلم- أن إهداء باقات الورد ليست محرمة ولا ممنوعة؛ لأنها لم تَعُدْ خاصة بالكفار، بل تعدت وشاعت حتى عند المسلمين.
ومسألة التشبه تقبل الاستحلال، بمعنى أن قد يكون الأمر في أوله خاصًا بالكفار، لكنه يشيع بعد ذلك، فمثل هذا لا يعد تشبهًا، والعكس قد يكون شائعًا عند المسلمين لكن اختص به الكفار مع طول زمن، فإن فعل مثل هذا يكون تشبهًا، وقد بين ذلك عمليًا الذهبي رحمه الله تعالى وغير واحد من أهل العلم.