فضائل رمضان وكيفية استقباله

د. عبدالعزيز بن ريس الريس

فضائل رمضان وكيفية استقباله

الحمد لله الذي منّ على الأمة بمواسم الخيرات والأزمان الفاضلات، والصلاة والسلام على رسول الله الذي كان أجود الناس بالخير في رمضان .

وأشهد أن لا إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله

أما بعد:

فإن لشهر رمضان فضائل عظيمة، ومزايا فريده، فمن أدركه فقد أدرك خيرًا كثيرًا؛ لذا كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم إياه، ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله ، كما نقله ابن رجب في كتاب ( لطائف المعارف )

ودونكم بعض فضائله :

الفضيلة الأولى/ أنه لمنزلة رمضان العالية لم يوجب الله الصيام إلا فيه ، وهذا دلالة بينة على حب الله لهذا الشهر وتفضيله، قال تعالى { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” بني الإسلام على خمس” وذكر منها صوم رمصان

الفضيلة الثانية/ أنه لمزية رمضان أنزل الله فيه القرآن دون غيره من الشهور، قال تعالى{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}

ولأجل هاتين الفضيلتين وغيرهما صارت الأعمال الصالحة مضاعفة في رمضان بالإجماع ، كما حكاه صاحب كتاب مطالب أولي النهى ، ودلت على ذلك أقوال سلفىة ، أخرج ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان :عن أبي بكر بن أبي مريم ، قال : سمعت مشيختنا ، يقولون : « إذا حضر شهر رمضان ، قد حضر مطهر ، ويقولون : انبسطوا بالنفقة فيه ، فإنها تضاعف كالنفقة في سبيل الله عز وجل ، ويقولون : التسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة في غيره »

وروى الترمذي عن الزهري أنه قال: تسبيحة في رمضان تعدل ألف تسبيحة في غير رمضان .

الفضيلة الثالثة / أن رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما . عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر “أخرجه مسلم

الفضيلة الرابعة/ أن صيام رمضان سبب لمغفرة الذنوب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه “متفق عليه

ومعنى إيمانًا تصديقًا به ، ومعنى احتسابًا ابتغاء الله وحده دون غيره بالصيام .

الفضيلة الخامسة/ أن قيام رمضان سبب لمغفرة الذنوب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ” متفق عليه

وثبت عند الأربعة عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة “

وهذه فضيلة عظيمة لاسيما في شهر تضاعف فيه الحسنات .

الفضيلة السادسة/ أن أبواب الجنات تفتح، وأبواب النيران تغلق، والشياطين تسلسل.

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين “متفق عليه

وفي هذا إعانة عظيمة على فعل الطاعات، وترك المحرمات، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان. متفق عليه

الفضيلة السابعة/ العمرة في رمضان تعدل حجة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” عمرة في رمضان تعدل حجة ” متفق عليه

وهذا من أدلة مضاعفة الحسنات فيه .

الفضيلة الثامنة/ أن العشر الأواخر منه من أفضل أيام الدنيا ، لذا يستحب الاجتهاد فيها كثيرًا، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره . أخرجه مسلم ، وعنها : قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العَشرُ شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله . متفق عليه .

الفضيلة التاسعة/ أن في رمضان ليلة القدر ، قال الله فيها {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}

عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :” تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ” أخرجه البخاري

الفضيلة العاشرة/ أن شهر رمضان شهر إكثار قراءة القرآن، قال الزهري – رحمه الله -: إذا دخل رمضان إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام .

لذا غلّب السلف في رمضان كثرة القراءة على التدبر، قال ابن رجب في لطائف المعارف :” وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة وعليه يدل عمل غيرهم “

الفضيلة الحادية عشرة/ أن أكلة السحور بركة في كل صيام، وأحرى ما تكون البركة في صيام فرض رمضان، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” تسحروا فإن في السحور بركة ” متفق عليه

ويستحب تأخير السحور عن أنس عن زيد بن ثابت أنهم تسحروا مع النبى – صلى الله عليه وسلم – ثم قاموا إلى الصلاة . قلت كم بينهما قال قدر خمسين أو ستين – يعنى آية – . أخرجه البخاري

اللهم وفقنا لإدراك رمضان واجعلنا في من المقبولين، ووفقنا لصيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا .

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فإن أعظم الطاعات وأجل القربات تركُ المحرمات وإسخاطُ رب البريات، فإنه إذا كانت حقيقة الصوم ترك مباحات كأكل وشرب، فأولى ثم أولى أن يُحرص على ترك المحرمات بجميع صورها .

قال ابن تيمية-رحمه الله- :” وقد اتفق الأئمة على أن المعاصي والمحرمات تُضعف أجر الصيام.”

يا لله .. إن أصحاب الشهوات والشبهات من أصحاب القنوات وغيرهم يجلبون بخيلهم ورجلهم من شياطين الإنس والجن لإضلال الناس وإغوائهم في هذا الشهر المبارك، فكونوا أكثر اجتهادًا منهم في حفظ صيامكم وادعوا الناس أن يحفظوا صيامهم، ولا يعصوا ربهم ومولاهم في شهر الخير والبركة .

واعلموا – رحمكم الله – أن الصيام عبادة ، والعبادة مفتقرة إلى علم شرعي ليعرف العباد مراد الله فتفقهوا وتعلموا أحكام الصيام ، وراجعوا كلام العلماء المعروفين كالعلامة عبدالعزيز ابن باز والعلامة محمد بن صالح العثيمين والعلامة الألباني – رحمهم الله –، والعلامة صالح الفوزان – حفظه الله – ، وقد تيسرت السبل كثيرًا عبر الشبكات العنكبوتية .

اللهم احفظ علينا صيامنا

اللهم احفظ علينا صيامنا

اللهم وفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين

عبد العزيز الريس


شارك المحتوى: