د. إبراهيم بن عبدالله المطلق
فقهاء التيسير” افعل ولا حرج ” بل افعل كي يقع الحرج !!
|
|
لا خلاف أن ديننا الحنيف دين يسر وأن الله تعالى قد أكرم هذه الأمة بأن وضع عنها الآصار والأغلال التي كانت على بني إسرائيل ولا خلاف أن النبي عليه السلام ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم ولا خلاف أنه أوصى صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذا رضي الله عنهما حينما بعثهما إلى اليمن قائلا ” يسرا ولا تعسرا ” .
الخلاف في التلاعب في أحكام الدين ومشاعره في فتاوى ظاهرها التيسير وغايتها ومقاصدها إرضاء شريحة معينة من المخلوقين وإن غضب الخالق .
رسول الهدى عليه السلام جاءنا بها بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وبين لنا عليه السلام أحكام هذا الدين بقوله وفعله وتقريره فما يقبل منه التيسير ورفع الحرج والمشقة بينه صلى الله عليه وسلم وما لا يصلح فيه إلا حكما واحدا بينه أيضا عليه السلام ففي حجته صلى الله عليه وسلم قال ” خذوا عني مناسككم ” وفيه إرشاد منه عليه السلام إلى التأسي به والاقتداء بعمله في قوله ” خذوا عني ” وقد نقل لنا الثقات حجته عليه السلام كاملة غير منقوصة ومما يؤسف له ما يرى في عصورنا المتأخرة من ظهور عدد من فقهاء التيسير ممن لم يرق لهم من هديه عليه السلام إلا قوله ” افعل ولا حرج ” حيث لم يسأل عليه السلام في تلكم الحجة عن شيء قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج فأخذوا هداهم الله فقط هذه العبارة وتركوا باقي الجملة لينزلوها على كثير من أحكام الدين ومعاملاته وأوامره ونواهيه وليكتفوا أخيرا من الدين باسمه فقط حينما ينقلون الناس إلى شرع جديد وأحكام جديدة قد فاتت على إمام الأئمة وقدوة الأمة صلى الله عليه وسلم وفاتت على فقهاء الصحابة والتابعين وتابعيهم من القرون المفضلة رضوان الله عليهم أجمعين .
فقهاء التيسير لم يعرفوا بغزارة علمهم ولا شدة ورعهم ولا كثرة زهدهم وإنما عرفوا بالتنافس على حطام من الدنيا زائل واللبيب لا يفوته غايتهم ومقاصدهم من تبني مثل هذه الفتاوى التيسيرية وقد ثبت عن البشير النذير عليه السلام قوله ” من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ”
طائفة من فقهاء التيسير تبحث عما يرضي السلطات والأنظمة الإسلامية والعربية الحاكمة والتي بعضها يعيش صراعا داخليا في التمسك بدينه أم الاستجابة لضغوط أعدائه لتجد من أمثال هؤلاء المرتزقة من يبيح لهم ويحلل لهم ما شاءوا دون مبالاة حتى أنك تسمع بعضهم يتساءل ماذا يريدون يعني السلطات أن نفتي لهم فنحن جاهزون وقد انتهى الأمر ببعض من حملوا لواء فقه التيسير ” وافعل ولا حرج ” بالتردد على مكاتب ذات شأن في الشؤون السياسية وأنظمة الحكم في بعض الأقطار العربية كما يتردد على المساجد فماذا يريد ؟ وعن أي شيء يبحث ؟!!.
فقهاء التيسير فتاواهم ليست مبنية على دليل واضح من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وحقيقتها أنها مرتبطة بمصلحة دنيوية عاجلة للمفتي وغايته القصوى التمكين في وظيفة أو منصب لخدمة أجندته التي يعمل لها وقد نال بعضهم هذه المكانة وجنا ثمرتها الدنيوية وبقي في رقبته إثم فتاواه يفد بها يوم القيامة على مولاه .
إباحة الربا مثلا بفتاوى فقهاء التيسير شاهد صدق فالله جل وعلا حرم الربا ونبيه صلى الله عليه وسلم أكد هذا التحريم ووضع الربا تحت قدميه وبين الفرق بين الربا والبيع والشراء والكسب الحلال وفقهاء التيسير وعلى قاعدة ” افعل ولا حرج ” أفقه من نبي الأمة في هذا الباب حيث جاؤوا بحيل وطرق لبسوا بها على العامة ليبيحوا لهم الربا ومعاملاته.
فقهاء التيسير جعلوا من الدين والفتوى مطية لتحقيق مطالبهم وشهواتهم الدنيوية وهم يعلمون أن فتاواهم ضلال في ضلال ويعلمون أنهم يساهمون في وضع نهاية – عمرية – للأنظمة التي تستجيب لهم بل أهم أهدافهم الحقيقية والمغيبة في مثل هذه الفتاوى إسقاط هذه الأنظمة ليتولوا بأنفسهم سياسة الأمة وليقيموا خلافتهم الراشدة المنتظرة والمزعومة .
فقهاء التيسير سوف يجيزون ويبيحون وتحت قاعدة “افعل ولا حرج ” كل ما يلزم بعض الأنظمة الحاكمة لمواكبة التطور ومسايرة المجتمعات الأخرى فانتظروا فتاوى شرب المسكرات ودور العاهرات فالذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان يستحلون الحل والحرير لم يكونوا ليستحلوها دون فتاوى فقهاء التيسير و” افعل ولا حرج ” وقد سمعتم فتاوى الزنا وزيجات العصر مما لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم من أصناف وأنواع الأنكحة التي تذكرني بأنكحة الجاهلية مسيار ، عرفي ، صيفي ، شتائي ، مسفار ، …. .
فقهاء التيسير حذر منهم نبي الرحمة عليه السلام بقوله : “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما، اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا” .
والله من وراء القصد ،،،
د. إبراهيم بن عبد الله المطلق
|