لماذا يُشنع على من زاد توحيد الحاكمية ولا يُشنع على من زاد توحيد المتابعة؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: ما السبب في التشنيع على من زاد توحيد الحاكمية؟ مع أن هناك من زاد توحيد المتابعة ولم يشنع عليه، بل بعض علماء الدعوة السلفية كان يقول يجب توحيد الله بالحاكمية، وأنه من ألوهية الله -عز وجل-، واستخدم هذا العالم مصطلح توحيد الحاكمية ولم يشنع عليه.
يقال جوابًا عن هذا السؤال: أما ما يتعلق بسبب التشنيع على توحيد الحاكمية، فقد بينت هذا في أجوبة سابقة، وذكرت أن ذكر توحيد الحاكمية، قسم رابع لا يصح، بدلالة مفهوم التقسيم؛ وذلك أن توحيد الحاكمية إما أن يدخل في توحيد الربوبية، وهو التحليل والتحريم، أو أن يدخل في توحيد الألوهية وهو تعبد الله بتحكيم شرعه.
فلذلك هو داخل في أنواع التوحيد الثلاثة، والمفترض في مفهوم التقسيم أن يكون كل قسم منفردًا عن الآخر غير داخل فيه.
أما السبب الثاني وهو الأهم: أن أول فتنة فرَّقت الأمَّة، وكانت سببًا لخروج أول طائفة مبتدعة في الأمّة، هي الغلو في الحاكمية، فبسبب الغلو في الحاكمية خرجت الخوارج، والخوارج أول طائفة بدعية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ذكر ابن تيمية كما في “مجموع الفتاوى” أن أول بدعة تحزبت عليها الأمة هي بدعة الخوارج ، كما ذكره في كتابه “الاستقامة”، وابن رجب في “شرح الأربعين”، وابن كثير في تفسيره.
فإفراد الحاكمية بتوحيد يزيد الغلو في المسألة على الغلو الموجود فيها والشائع في الأمة.
أما أن بعض العلماء ذكر توحيد المتابعة.
فيقال: هذا خطأ؛ لأن توحيد المتابعة يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ والأصل في التوحيد أنه يرجع إلى ما يتعلق بالله -عز وجل-.
فهذا التقسيم فيه نظر، لكن لا يشنع عليه، وإنما يقال خطأ؛ لأنه لا يترتب عليه غلو ولا شيء مذموم كما هو الحال بالنسبة لإفراد توحيد الحاكمية.
أما ما ذكر أن بعض أهل العلم من الدعوة السلفية أفرد توحيدًا بتوحيد الحاكمية، فهذا لا أعرفه عن أحد من علماء أهل السنة السابقين، ولا المعاصرين ممن اشتهروا بالسنة وعُرِفوا بها، كشيخي العلامة عبد العزيز بن باز، وابن عثيمين، أو الألباني، أو غيرهم من علمائنا المعروفين، فلا أدري من يقصد السائل بهذا.
ثم أنبه على أمر أن الحركيين والإخوانيين متلاعبون بتوحيد الحاكمية، كانوا قبل يغلون في ذلك، ويجعلونه سببًا لتكفير الحكومات، واليوم انقلبوا لأجل مصالح حزبهم، وصاروا يدعون للديمقراطية وتحكيم الشعب، وحقيقة الديمقراطية تحكيم الشعب وهذا مخالف لتوحيد الحاكمية الذي يزعمونه، فهم يتقلبون ويتناقضون بحسب مصالح حزبهم، وهذا دليل على ضلالهم، وصدق الله القائل:{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢]