ماذا استفدنا من الأزمة السورية ؟
سالم بن سعد الطويل
ماذا استفدنا من الأزمة السورية ؟
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلقد مضى على الأزمة السورية ما يقارب عشرين شهراً والله أعلم كم ستستمر، وأسأل الله تعالى أن يلطف بالمسلمين فماذا استفدنا من هذه الأزمة؟
وفي مقالي هذا سأحاول قدر جهدي المتواضع أن استنبط بعض الفوائد التي يمكن أن نستفيدها من هذه الأزمة، أبتغي بذلك وجه الله تعالى من غير أن ألتفت إلى ما سيقوله المخالفون أو المبطلون أو المتربصون، مستعيناً بالله متوكلاً عليه وهو حسبي نعم الوكيل فأقول:
الفائدة الأولى:
تبين للمسلمين أن علوية الشام وإيران بعضهم أولياء بعض، لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، ولا يرحمون صغيراً ولا كبيراً ولا امرأة ولا دابة، بل فعلوا ما لم يفعله فرعون في زمانه الذي كان {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} [القصص: 4]، بينما هؤلاء يقتلون جميع الناس ولا يستثنون أحداً، عليهم من الله ما يستحقون.
الفائدة الثانية:
تبين للمسلمين ما كانوا عنه غافلين بأن {الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51]، فهم يتآمرون على المسلمين ولا يهمهم ما يحدث لهم، فدماء المسلمين عندهم رخيصة بل لا قيمة لها.
الفائدة الثالثة:
ظهر للمسلمين أن حزب الله اللبناني الذي أولى ان يُلقب بـ (حزب الشيطان)؛ لتواطئه مع النصيرية في سحق المسلمين في سورية، عليهم من الله ما يستحقون، وهذه فائدة عظيمة استفادها عامة أهل السُّنَّة بعدما كاد بعضهم أن يقدِّس زعيم (حزب الشيطان) الموالي لإيران.
الفائدة الرابعة:
ظهر للمسلمين الأمر جلياً وواضحاً أن المظاهرات السلمية لا حقيقة لها، وأن مآلها الى دمارٍ وهلاكٍ، وسفكٍ لدماء الأبرياء، وهتكٍ لأعراضهم، وتشريدهم وتهجيرهم، حسبنا الله ونعم الوكيل.
الفائدة الخامسة:
تبين للمسلمين أن الخروج على الحاكم الكافر لا يجوز مع غير القدرة على إزالته والإطاحة به، إذ أن المفسدة في الخروج عليه أكبر بكثير من الصبر عليه، فكم من مسلم اليوم في سورية أو خارجها يتمنى لو لم تقم هذه الثورة التي لا يعلم إلا الله تعالى متى تنتهي، حتى لو سقط النظام البعثي العلوي الكافر.
الفائدة السادسة:
تبين للمسلمين حقيقة موقف علماء الصوفية كالبوطي وغيره، ممن خذل المسلمين وأيَّد الظالمين في سفك دماء المستضعفين، فلا للحق نصروا، ولا للباطل كسروا، ولا وَسِعَهُم السكوت فسكتوا.
الفائدة السابعة:
فقد المسلمون أصوات الخطباء والدعاة الذين أجّجوا الفتنة وحرَّضوا الشعب السوري، ودعوا على المنابر وفي المنتديات، واعتصموا عند السفارات، فبينما الشعب السوري يُدَكُّ يومياً دكاً نجد أولئك ينتقلون من مصيف إلى مصيف، ومن حفلة عرس إلى مائدة طعام، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
الفائدة الثامنة:
تبيّن للمسلمين أن علماء السُّنَّة الهداة المهتدين الذين حرَّموا المظاهرات والخروج بلا قُدرة هم أعلم بالحق، وأرحم بالخلق، وأفقه للواقع، وأهدى سبيلاً من أولئك الحركيين والثوريين.
الفائدة التاسعة:
تبين للمسلمين أن حزب الاخوان المسلمين حزبٌ فاسدٌ مُفْسِدٌ غرَّرَ بالمسلمين ثمَّ خذلهم، فهم يرتبون أوراقهم، وينظِّمون أنفسهم، وينتظرون سقوط النظام لينقضّوا على الحكم، ويستولوا على السلطة، كما فعلوا في تونس ومصر.
الفائدة العاشرة:
تبين للمسلمين ان ما سموه بـ (الربيع العربي) ليس ربيعاً؛ وإنما هو فسادٌ وفتنٌ وقتلٌ وسفكٌ للدماء وهتكٌ للأعراض، وتشريدٌ وخوفٌ وجوعٌ، وحسبنا أن نعلم أن الكفار هم الذين أطلقوا عليه اسم (الربيع العربي) ليتسنى لهم بيع الأسلحة وتشغيل شركات الاعمار، وتحسين مستواهم الاقتصادي، فيا ليت قومي يعلمون.
الفائدة الحادية عشرة:
تبيّن للمسلمين فساد بعض القنوات الفضائية ودورها في تأجيج الفتنة وقلبِ الحقائق والتغرير بالناس.
الفائدة الثانية عشرة:
الأزمة السورية – والله أعلم – أوقفت زحف الثورات في الأردن والخليج وبقية الدول، فلقد قدَّر الله تعالى أن تتأزم الأمور جداً في بلاد الشام، إذ كان من المتوقع أن تنتشر هذه الفتن حتى لا تسلم ولا تنجو منها حتى مكة والمدينة.
ولعل ما يدل على ما أقول أن الهروب السريع من (ابن علي) الرئيس التونسي السابق، والتنازل السريع من (حسني مبارك) الرئيس المصري السابق، هو الذي شجّع قيام الثورات في ليبيا واليمن وسورية.
الفائدة الثالثة عشرة:
تبين للمسلمين فساد تحليلات كثير من المحللين السياسيين الذين يضربون الأخماس بالأسداس، فيبيعون الوهم للناس، ثم تأتي الحقائق والوقائع على خلاف ما يقولون.
الفائدة الرابعة عشرة:
تبين للمسلمين كذب بعض قادة البلدان المجاورة لسورية ممن أوهم المسلمين بأنه سيمهل الرئيس السوري أسبوعين ليتوقف عن القتل، وأنه لن يسمح بمذبحة كمذبحة حماة!!
الفائدة الخامسة عشرة:
قد يتسلط الأعداء على المسلمين فيكون في ذلك لهم خير كبير، فيتخذ الله منهم شهداء ويرجع منهم من شاء الله له الرجوع اليه بالتوبة والانابة.
أخي القارئ الكريم، هذه بعض الفوائد التي استحضرتها من الأزمة السورية، أسأل الله تعالى أن يفرِّج عنهم ويتقبل قتلاهم شهداء، ويُجبر كسيرهم، ويداوي جريحهم، ويبدِّل خوفهم أمناً، وينتقم لهم من عدوه وعدوهم، وأسأل الله أن يردنا وإياهم إليه جل وعلا رداً جميلاً ويهدينا واياهم صراطاً مستقيماً، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
سالم بن سعد الطويل
www.saltaweel.com