ما حكم قول الشاعر: يا بحر افعل كذا، ويا ليل افعل كذا …؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
لفلان قصيدة يقول فيها: يا بحر لا تغرق الطفل الذي هرب إلى آخره، فيذكر دعاءه ويقول: أيضا يا هلال. يقول: فما حكم مخاطبة الجمادات, حيث انقسم حول قصيدة فلان ما بين مجيز مانع؟
يقال تأصيلًا, إن الدعاء الشركي هو الدعاء المقرون بطلب حقيقة, أو حكمًا, يعنى: يقول: يا فلان أعطني كذا, أو يكون في حال كرب، فيقول: يا فلان يا فلان، يعنى: كأنه يقول: يا فلان اكشف عنى.
فمن دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله, وقع في الشرك الأكبر.
لكن ما المقصود بالدعاء؟
هو النداء المقرون بطلب، سواء كان حقيقةً, أو حكما.
أما ما ذكر من ألفاظ الدعاء بياء النداء, وهو لا يريد الدعاء حقيقةً, ولا يريد تحقق المطلوب ممن دعاه، مثل إذا قال: يا بحر، يا هلال, أو يقول: يا بحر افعل كذا, أو يا هلال: افعل كذا, ولا يريد منه أن يفعل حقيقةً, وإنما هي ألفاظ تطلق كما يطلقها أهل العرب في قولهم: يا سماء, أو يا أرض, فمثل هذا غير داخل في دعاء غير الله, وقد بين هذا محمد بشير السهسواني -رحمه الله تعالى- في كتابه “صيانة الإنسان”.
وذكر: أن الدعاء الشركي, هو الدعاء المقرون بطلب, وأنه قد يوجد عند العرب, نداء الجمادات وهم لا يريدون حقيقة تحصيل المطلوب, ولا يريدون حقيقة حصول الطلب, وإنما أسلوب عربي، هكذا يطلقونه، فمثل هذا لا يقال: إنه شرك.
ولابن تيمية كلام مثل كلام السهسواني في كتابه “منهاج السنة”, لكن كلام السهسواني أوضح.
ومثل ذلك قول النبي –صلى الله عليه وسلم- ((وإن لفراقك يا إبراهيم, لمحزونون)).
فلم يطلب النبي –صلى الله عليه وسلم- من إبراهيم شيئا.
ومثله: قولنا في الصلاة كما أرشد النبي –صلى الله عليه وسلم- في حديث عمر وابن عباس, وكذلك حديث ابن مسعود في حياته, كان يقول: ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله, السلام علينا عباد الله الصالحين)).
فالسلام عليك أيها النبي, يعنى: يا أيها النبي، هذا نداء, لكنه ليس شركيا ولا محرما؛ لأنه ليس مقرونا بطلب.
إذن؛ الدعاء الذي يبحث هل هو شركي, أو غير شركي؟ هو النداء المقرون بطلب, سواء كان حقيقة, أو حكما.
ثم بعد ذلك إذا كان هذا الطلب في طلب أمر خاص من لا يقدر عليه إلا الله, فيكون شركًا أكبر, وهذا الذي يوصف بأنه شرك.
فعلى هذا ما جري في قصيدة هذا الرجل, لا يقال: إنه شرك؛ لأن الطلب ليس مرادًا حقيقةً.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلمنا ما ينفعنا, وينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.