متى يكون الرجل حِزبِيًّا؟ وهل كُلُّ مَن وقع في بدعة يكون مبتدعًا؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
متى يكون الرجل حِزبِيًّا؟ وهل كُلُّ مَن وقع في بدعة يكون مبتدعًا؟
يُقَالُ جوابًا على هذا السؤال: يكون الرجل حزبيًا إذا عَمِل عملًا من أعمال الحزبية تجعله حزبيًا، ومن ذلك: أن يوالي أو يعادي على الحزب، فمن والى وعاد على الحزب فهو حزبي، مثلا من والى وعادى على جماعة الإخوان المسلمين، ومن والى وعاد على جماعة التبليغ، أو من والى وعاد على أحد من الناس فإنه يكون حزبيًا. وقد أخرج الآجُرِّي في كتابه “الشريعة” أن أبا بكر بن أبي عياش سُئل: مَن السني؟
قال: “الذي إذا ذُكِرت الأهواء لم يتعصّب إليها”، فمن تعصَّب إلى الأهواء وإلى الأحزاب فإنه يكون حزبيًا ومبتدعًا ضالاً.
ولما سُئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن حديث الافتراق: أجاب عليه جوابًا طيبًا، ومَثَّل متى يكون الرجل مبتدعًا؟
ومما ذكر قال: أن يوالي وأن يعادي على الأشخاص، أي: أن يكون حزبيًا فيما يتعلق بالأشخاص، فمن كان كذلك فإنه يكون مبتدعًا، وكلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى موجود في المجلد الثالث من “مجموع الفتاوى”.
وأيضًا مما يجعل الرجل حزبيًا: هو أن يجالس الحزبيين، وأن يجعلهم بطانة له، فقد بيَّن سلفنا أن من جالس أهل البدع وجعلهم بطانة له فإنه مثلهم، وكلام أئمة السنة في هذا كثير، وذكر كثيرًا منها الإمام ابن بطَّة رحمه الله تعالى في كتابه “الإبانة الكبرى” وكذلك في كتاب “الإبانة الصغرى”.
ومما روى ابن بطة رحمه الله تعالى عن محمد بن عبيد الله الغلابي أنه قال: كان يقال: يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا الألفة والصحبة، وأيضًا ذكر عن عبد الله بن المبارك والأوزاعي قال: “ومن أخفى علينا بدعته لم تخفَ علينا إلفته”، فالسلف كانوا يُبَدِّعون الرجل بأصحابه وكما قال الأوزاعي وغيره من أئمة السنة قال: “من جعل أهل البدع مدخله ومخرجه وبطانته فإنه يلحق بهم” إلى غير ذلك من الكلام الكثير عن أئمة السنة.
فإذًا من جعلهم بطانته وأصحابه فإنه يكون حزبيًا مثلهم.
وأيضًا مما يجعل الرجل حزبيًا: هو أن يثني على أهل البدع، من أثنى على أهل البدع من الحزبيين كالإخوان المسلمين أو التبليغيين أو غيرهم ممن يتعصبون للأشخاص أو المقالات، فإنَّ مَن أثنى على أمثال هؤلاء فإنه يكون مثلهم، فإذا كان من جالسهم مثلهم فكيف بمن يُثنِي عليهم!
وكلام أئمة السنة كثير في ذم الثناء على أهل البدع، وأن مَن أثنى على أهل البدع فقد أعان على هدم الإسلام كما قال ذلك الفضيل بن عياض وغيره من أئمة السنة.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا بما ينفعا، وأن ينفعنا بما علَّمنا وجزاكم الله خيرًا.