مسلم في دولة كافرة، اشترى دكانًا متنقلًا، ويريد أن ينقله إلى مكان عام في الشارع و حسب النظام لا يجوز له ذلك ، هل يكون ذلك إثمًا في شرعنا؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
المسلم المواطن في دولة كافرة، اشترى دكانًا متنقلًا، ويريد أن ينقله من داره إلى مكان عام في الشارع، فاستشار المسؤول الحكومي في ذلك، وأجاب له المسئول بأنه حسب النظام لا يجوز له ذلك إلا بعد أن يشتري من الدولة حقًا على هذا المكان في الشارع، وإن لم يشترِ فيلحقه الغرامة، فتأمل هذا الأخ وظهر له أن دفع الغرامة أيسر من شراء الحق على وضع الدكان في ذاك المكان، ويسأل هل يكون ذلك إثمًا في شرعنا؟ إذِ الدولة دولة كفر لا يجب الطاعة لها من جهة، ومن جهة أخرى فعله يشبه الغصب.
يقال: خلاصة هذا السؤال أن مسلمًا يعيش في بلاد الكفار، ويريد أن يفتح دكانًا متنقلاً، ويريد أن ينتقل إلى مكان، وهذا المكان إذا أراد أن ينتقل إليه فلابد أن يشتريه من الدولة، أو يدفع للدولة أجرة على هذا المكان.
والأخ لما أراد أن يدفع أجرة تأمل ونظر، فإذا الغرامة على بيعه في هذا المكان أقل من قيمة الأجرة، فلذلك يسأل، يقول: لو أنني انتقلت إلى هذا المكان ولم أستأجره، أو لم أشتره من الدولة، وإنما اكتفيت بدفع الغرامة، هل هذا جائز؟
يقال جوابًا على هذا السؤال: إن الأصل هو الإيفاء بالعقود والعهود، والمسلم إذا دخل بلاد الكفار فقد أبرم عهدًا وميثاقًا أن يلتزم أنظمتهم؛ أي: الأنظمة التي لا تخالف شريعة محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا كان كذلك فإن من الإيفاء بالعهد والإيفاء بالعقود أن يلتزم لأنظمتهم، ونظامهم يمنع مثل هذا.
فإن قال قائل: ألا تكفي الغرامة؟
فيقال: إن الغرامة ليست بديلاً، وإنما هي عقوبة، لأجل أن يرتدع الناس وألَّا يفعلوا هذا الفعل، فمثلاً الآن إذا وضعت الدول المسلمة أو الكافرة غرامة على سرعة معينة، ليس معنى هذا أن من أسرع وأخذ الغرامة فيقال: إن هذا بدل، وأن هذا مبيح له السرعة، يقال: كلا، بل هذه عقوبة.
ومثل هذا فعل أخينا الذي يسأل عنه لو انتقل إلى تلك الأرض، وباع فيها، فهذه الأرض ليست له، وقد استفاد ببيع وشراء على أرض لا يملكها، بل هي اعتداء على ما لا يملك، وهو مخالف لأنظمة البلد التي يسكنها.
فدفعه للغرامة لا يبيح له البقاء، فإن الغرامة ليست بدلاً عن الأجرة، بل هي عقوبة؛ لئلّا ينتقل أحد إلى مكان إلا بأن يشتريه، أو أن يستأجره.
لذا يجب على أخينا أن لا يفعل هذا الفعل، وأن يحرص على الإيفاء بالعقود لاسيما وهو مسلم، فلابد أن يظهر في بلاد الكفر بالقيام بشريعتنا حقًا، وهي الإيفاء بالعقود.
ثم يترتب على هذا أخذ مال يأكل ويشرب منه، فيجب أن يتحرى الحلال دون الحرام