325
مناقشة بعض الفضلاء في تجويزه لدفع صدقة الفطر مالاً
معاذ بن سعد القحطاني
(مناقشة بعض الفضلاء في تجويزه لدفع صدقة الفطر مالاً)
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين أما بعد:
فقد وقفت على مقالٍ لأحد الفضلاء ذكر فيه أن إخراج صدقة الفطر بالقيمة هو الراجح و لي مع هذا المقال وقفاتٍ:
الوقفة الأولى: أخطأ -وفقه الله-في عزو جملة من الآثار من ذلك :
1- أثر أبي إسحاق السبيعي قال:(أدركتهم-يعني الصحابة- و هم يعطون في صدقة الفطر بالدراهم بقيمة الطعام) أخرجه ابن أبي شيبة
و الراوي عن أبي إسحاق في هذا الأثر هو زهير بن معاوية و قد بيّن الإمام أحمد و أبو زرعة أنه سمع من أبي إسحاق بعد اختلاطه كما بيّن ذلك الحافظ المزي في تهذيب الكمال فدلَّ هذا على ضعفه.
2- أثر الحسن البصري قال:( لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر) أخرجه ابن أبي شيبة
و الراوي عن الحسن هو هشام بن حسّان و روايته عن الحسن لا يعتد بها كما ذكر ذلك بن علية و قرر هذا الحافظ بن حجر و بهذا يتبين ضعف هذا الأثر.
الوقفة الثانية: أورد -وفقه الله- كلاماً لابن تيمية ظاناً أنه في زكاة الفطر و بعد الرجوع لكلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى تبيّن أنه في زكاة عروض التجارة و لو قدّر أن كلام ابن تيمية في زكاة الفطر فهو لم يجوزه مطلقاً و إنما جعله للمصلحة أو الحاجة.
الوقفة الثالثة: ذكر أن القول بإخراج القيمة في زكاة الفطر رواية مخرجة عن الإمام أحمد و أحب أنبّه القارئ إلى أن الرواية المخرجة عن الامام أحمد ليست من منصوصه -رحمه الله-.
الوقفة الرابعة: ذكر -وفقّه الله- أن زكاة الفطر من مقاصد مشروعيتها أنها تكون إغناءً للمساكين و هذا صحيح لكن ينبغي أن يكون إغناؤهم على مراد الله و رسوله وفق ما جاء في الشريعة المحمدية دون أن نحدث طرقاً لإغنائهم و معلوم أن زكاة الفطر من العبادات و العبادات مبناها على التوقيف.
قال سماحة العلامة ابن باز -رحمه الله-:(زكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرِّع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه)).
الوقفة الخامسة: ذكر -وفقه الله- أنه لم يرد نص صريح في تحريم دفع القيمة و هذا مستغرب أن يصدر من مثله -وفقه الله- فإنه من المتقرر شرعاً أن العبادات مبناها على التوقيف و المنع و إذا علم هذا فنقف على ما جاء في النص من أن رسول الله ﷺ فرض صاعاً من تمر أو صاعاً من شعيرٍ…الحديث
الوقفة السادسة: في حديث عبدالله ابن عمر في زكاة الفطر:(فرض رسول الله ﷺ صدقة الفطر في رمضان صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعير…الحديث) دليلٌ على عدم جواز إخراج القيمة و ذلك لأنه ذكر أشياء مختلفة القيم فدلّ على أن المراد بها الأعيان لا قيمتها كما ذكره الخطابي في معالم السنن(2/51)
الوقفة السابعة: الذي شاع و انتشر في هذه البلاد و الذي عليه فتاوى علماء هذه البلاد هو إخراج زكاة الفطر بالصاع و هذا مجزئ بإجماع أهل العلم فلماذا يرّوج بين العامة قولاً غير الذي شاع و اشتهر عندهم و هو غير مجزئ عند جمهور أهل العلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم:(لم يجز عامة الفقهاء إخراج القيمة- يعني في زكاة الفطر-).
كتبه/ معاذ بن سعد القحطاني