الحمد لله الجميل في وصفه، الحكيم في أمره ونهيه، الرحيم بجميع خلقه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، المبعوث بالحكمة والقرآن، وعلى آله وأصحابه، ومن أحبهم وكان على سبيلهم يسير.
وبعد أيها المسلمة:
إن الله تعالى هو الخالق لك وللرجل، وهو سبحانه أعلم بما يصلحك ويصلحه، فكوني راضية بما كتب وقسم، ومطيعة له في الأمر والنهي، تهنين في العاجلة والآجلة.
أيها المسلمة:
لقد علم الله ـ عز وجل ـ المرأة كيف تستتر عن أعين الرجال الأجانب، فقال سبحانه:
{ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }.
فجعل القرار في البيت أصل سترها، وركنه الأقوى، وسياجه المنيع، وأمنه الكبير، وحماه الأكيد.
بل إن الصلاة التي هي ثاني أركان الدين، وأحد مبانيه العظام، وأصوله الكبار فعلها في البيت خير للمرأة من المسجد.
حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( صلاتها في دارها خير من صلاتها في مسجد قومها )).
وهذه الخيرية لم يدفعها أن المسجد لقومها، ومن يرتاده أهلها وقبيلتها، أحفظ الناس لها، وأغيرهم عليها.
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن هي احتاجت إلى الخروج من البيت كيف وماذا تلبس؟ فقال سبحانه آمراً:
{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن }.
والجلباب هو: الكساء الذي تلبسه المرأة من رأسها إلى قدميها فيغطي جميع بدنها وما عليه من ثياب وزينة.
ويقال له أيضاً:
العباءة والملاءة والرداء والملحفة.
وقال سبحانه آمراً:
{وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن }.
والخمار هو: ما تشده المرأة من اللباس على رأسها فيغطي شعرها وعنقها ونحرها.
بل وذكر لها أنموذجاً تقتدي به في خروجها، فقال سبحانه عن ابنة صاحب مدين:
{ فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا }.
وثبت عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال مبيناً معنى هذه الآية:
(( جاءته تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها، ليست سلفع خراجة ولاجة )).
والسلفع من النساء: الجريئة السليطة.
وهذا أنموذج ثاني تقتدي به المرأة، وتعرف مدى حرص أم المؤمنين أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ على أن لا تظهر أقدامها، وأقدام أخواتها من النساء.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( “من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة” فقالت أم سلمة فكيف يصنعن النساء بذيولهن ـ فقال: “يرخين شبراً” فقالت: إذن تنكشف أقدامهن ـ فقال: “يرخينه ذراعاً” ))
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن هي مشت أمام الرجال الأجانب أن لا يكون مشيها يجر نظرهم إليها، ويورث الطمع بها، فقال سبحانه:
{ ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن }.
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن هي احتاجت إلى مخاطبة الرجال الأجانب من مفتين وأطباء وباعة وخدم وسائقين وغيرهم كيف تتكلم، وبين لها عاقبة الإخلال بهذا الأدب، فقال سبحانه:
{ فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً }.
وعلم الرجال معها إن احتاجوا إلى كلام مع غير المحارم كيف يصنعون، فقال سبحانه:
{ فإذا سألتموهن فاسألوهن من وراء حجاب }.
وأبان للجميع منفعة هذا الأدب، فقال سبحانه:
{ ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن }.
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن رأت الأجانب من الرجال كيف يكون نظرها، وعلى أي صفة، فقال سبحانه:
{ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن }.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتبه: عبد القادر بن محمد الجنيد