هل تقبل رواية المبتدع فيما يقوي بدعته؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: هل تقبل رواية المبتدع فيما يقوي بدعته؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: – والله أعلم- إن رواية المبتدع مقبولة مطلقًا، سواء كانت فيما يقوي بدعته أو غير ذلك، وقد ذكر هذه المسألة الخطيب البغدادي في كتابه “الكفاية”، وذكر أمثلة على ذلك من المبتدعة، ثم قال: وهذا كالإجماع.
فقد قرَّر أن رواية المبتدع الثقة مقبولة إذا كان صدوقًا ثقة، ومن تأمل صنيع البخاري ومسلم ظهر له هذا الأمر جليًا، فقد أخرج البخاري ومسلم حديث عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما ولي الله، وصالح المؤمنين».
ومراده: بآل أبي فلان، أي: آل أبي طالب، كما ذكر ذلك ابن العربي المالكي، فيقول: إن أقربائي هؤلاء ليسوا لي بأولياء، وإنما أوليائي هم أهل الإيمان، هذا الحديث في إسناده قيس بن أبي حازم وهو ثقة، إلا أنه ممن يتكلم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهذا الحديث في الظاهر يؤيد مذهبه، وذلك أن ظاهره، أن تقدير الناس يرجع إلى الإيمان لا إلى النسب.
فالمقصود: ومع ذلك أخرجه البخاري ومسلم، وقيس بن أبي حازم ثقة مقبولة عند أهل العلم، كما ذكر ذلك الذهبي، بل أنه حكى الإجماع على ذلك، مع أنه مبتدع، ناصبيٌّ.
ومن الأمثلة أيضًا ما أخرجه مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أنه قال عهد إليّ النبي الأمي، ألا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق».
هذا الحديث في إسناده عدي بن ثابت، قال أبو حاتم: وهو إمام الشيعة وقاصُّهم، فهو إذًا شيعي، والحديث في الظاهر يؤيد مذهبه، ومع ذلك قبله أهل العلم؛ لأنه ثقة صدوق في روايته.
فيقال لنا: صِدقُه وعليه بدعته، فلذا الأظهر -والله أعلم- أنها تقبل رواية المبتدع مطلقًا حتى ولو روى ما يقوي بدعته.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمَنَا، وجزاكم الله خيرًا.