هل يجري في اللحم الربا؟ إذا بِيع مع لحم آخر، فيشترط التقابض والتماثل؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
هل يجري في اللحم الربا؟ إذا بِيع مع لحم آخر، فيشترط التقابض والتماثل؟
يقال جوابًا على هذا السؤال: ينبغي أن يُعلم أن اللحم من الأموال الربوية؛ لأنه مطعوم يوزن، وكل مطعومٍ يوزن فهو من الأموال الربوية.
فإذا كان كذلك، فإنه إذا بِيعَ مع لحمٍ آخر فيشترط فيه أمران؛ التقابض، والتماثل.
ويدل لذلك ما أخرج مسلم من حديث عبادة، لما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصناف الربا، وقال: ‹‹الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ››، إلى أن قال: ‹‹مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ››، ففي هذا الحديث أنه إذا كان المال مالاً ربويًا، وأراد أحد أن يبيعه بمال ربويٍ آخر، وكلاهما جنسٌ واحد، ويشتركان في العِلَّة، كأن يباع تمرٌ مع تمر، أو لحمٌ مع لحم، فمثل هذا يشترط فيه:
أولاً: التقابض في المجلس قبل التفرق.
ثانيًا: التماثل والتساوي.
فمن أراد أن يبيع لحمًا مع لحم، لابد أن يكون الوزن واحدًا، كأن يبيع كيلوين لحم مع كيلوين لحم، أو صاعًا من تمر مع صاعٍ من تمر، ولو كان الصاع الآخر أفضل، فإنه لا يصح التفاضل ولو كان بعض التمر أفضل من بعض، فإن الشريعة منعت هذا، كما تقدم في حديث عبادة.
لكن أنبه السائل إلى أن أصح أقوال أهل العلم – والله أعلم- أن اللحم على أقسام ثلاثة:
القسم الأول: ذوات الأربع؛ كالإبل، والبقر، والغنم، والأرنب،… إلى أخره.
القسم الثاني: الطيور.
القسم الثالث: حيوانات البحر.
فكل واحدة من هذه الأقسام تعد جنسًا مستقلاً؛ بمعنى: لو تبايع رجلان بلحم من إبل مع لحم من بقر، أو غنم، فإنه يجب التماثل والتقابض.
بخلاف لو تبايع رجلان بلحمٍ من إبل مع لحمٍ من السمك، فإن مثل هذا يشترط فيه التقابض، لكن لا يشترط فيه التساوي، بل يصح فيه التفاضل؛ لأن الجنس مختلف، وقد ذهب إلى هذا القول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-، وهو ظاهر قول للشافعي، وقريبًا من كلام للإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في إحدى الروايات عنه.