هل يقول ابن تيمية أن الامتحان بالأشخاص بدعة ؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: جاء عن ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وصفه للامتحان بالأشخاص أنه بدعة، وأنه من فعل أهل الأهواء، فقد أنكر على العدوية امتحانه الناس بيزيد بن معاوية، ثم نقل كلام ابن تيمية…
ثم قال: هل ينطبق كلام ابن تيمية في يومنا المعاصر وأن امتحان الناس بالأشخاص وهم المشايخ أنه بدعة؟
الجواب:
إن الأصل في العقائد أنه لا يصح الامتحان ولا يجوز، فإن فيه مفاسد ويُسبب فتنًا، وقد يكون سببًا لضلال الرجل بأن يُصر على بدعته وضلاله، بل قد يتبنى البدعة والضلالة عنادًا لأجل الامتحان.
فلذلك الأصل أنه لا يجوز أن يُمتحن الناس في العقائد، لكن إذا وُجد مصلحة دينية فإنه يُمتحن في عقيدته، وقد ثبت هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فإنه لما أراد أن يعتق جارية مملوكة امتحنها ليتأكد من إسلامها، فلما تبيِّن له أنها مسلمة أمر سيدها معاوية بن الحكم السلمي أن يعتقها.
أخرج الإمام مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي أنه أتى بجارية للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي القصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل الجارية: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «أعتقها فإنها مؤمنة».
فإذن لما كان للامتحان فائدة فإنه يُمتحن في عقيدته، ومن ذلك المخالفون من أهل البدعة، فإنهم يُمتحنون في عقائدهم إذا كانت هناك مصلحة، من أراد أن يوليهم ولاية أو غير ذلك، أو أراد أن يعرف حسنهم من سوئهم في انتشار بدع معينة فيريد أن يتأكد أن القوم ليسوا أنصارًا لها حتى لا يضروا الناس ولا يُغتر بهم، إلى غير ذلك من المصالح.
وقد كثر في فعل السلف وكلامهم الامتحان بالعقائد، وقد ذكر آثارًا في ذلك عبد الله بن الإمام أحمد في كتابه (السنة)، وذكره غيره من أئمة السنة.
إذن الأصل عدم الامتحان ولا يُنتقل للامتحان إلا إذا وُجدت مصلحة، أما المسائل التي يسوغ الخلاف فيها وفيها قولان أو ثلاثة أٌقوال فإنه لا يصح الامتحان فيها، وإنما الامتحان في المسائل التي لا يسوغ الخلاف فيها، والتي فيها بدعة أو سنة.
لذلك كلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- فيما تقدم في يزيد بن معاوية في المسائل التي يسوغ الخلاف فيها، أما التي لا يسوغ الخلاف فيها هذا فلا يصح الامتحان، هذا أولًا، وثانيًا/ إذا وُجدت المصلحة من الامتحان فإنه يصح الامتحان، وقد يُستحب وقد يجب بحسب الحال، حتى يُميز أهل الباطل من أهل الحق فلا يغتر الناس بأهل الباطل فيجتمعوا عليهم أو يُوصي أهل السنة بهم، إلى غير ذلك من المعاني.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.