يقوم بعض الناس بعمل سمسار، يأخذ من التجار مالًا ليبيع آخرين بضائع بالتقسيط مقابل رهن، فإن لم يسدد أخذ الرهن وتملكه، فما حكم هذا؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: يقوم بعض الناس بعمل سمسار، يأخذ من التجار مالًا ليبيع آخرين بضائع بالتقسيط مقابل رهن، فإن لم يسدد أخذ الرهن وتملكه، فما حكم هذا؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: ينبغي أن يعلم أن من رهن شيئًا، ثم إذا قُدِّر أنه لم يستطع أن يقضي الدين الذي عليه سواء أخذه بتقسيط أو أخذ مالًا مباشرًا وأراد أن يقضي هذا الدين، فإنه لا يصح للمرتهن أي: الذي دفع له الرهن لا يصح له أن يقول: إنك إذا لم تقضِ الدين الذي عليك أو تقضي ما أخذته بالتقسيط فإن الرهن يكون لي.
فإن مثل هذا محرم بالإجماع، ذكر الإجماع ابن رشد وابن قدامة، ومما علل به العلماء في ذلك أن هذا من البيع المعلَّق، والبيع المعلق غير جائز، وإنما الجائز البيع المنجَّز، وهذا معلَّق؛ لأنه يقول: إذا لم تقضِ الدين فإني أتملك الرهن، فإذا قضيته لم أتملكه.
فالمقصود: أن العلماء مجمعون على حرمة هذا، كما تقدم بيانه، ولم أرَ من خالف في ذلك إلا بعض المتأخرين، وهم محجوجون بالإجماع قبلهم.
لكن يصح أن يفعل أمرًا آخر، ويقول له: إنني إذا لم أقضِ الدين الذي عليَّ سواء أخذ مالًا بالمباشرة أو اشترى أيضًا بالتقسيط، ثم أراد أن يسدد زيادة، يقول: إذا لم أقضِ هذا الذي عليّ فإن لك حقًا أن تبيع الرهن، ثم تأخذ حقك من الرهن.
فما زاد فيرجعه إلى الراهن الذي عليه الدين، وإذا كان ما باعه به مساويًا للدين الذي عليه فإنه يأخذه كله، فإنه بالإذن يصح، أي: إذا أذن له أن يبيعه، فرق بين أن يتملَّكه مباشرة إذا لم يقضِ الدين، وبين أن يأذن الراهن للمرتهن أنه إذا لم يقضِ الدين فله حق أن يبيعه وأن يستوفي حقه من الدين.
فإن الأمر الثاني جائز، وقد ذكر هذا الشافعية والحنابلة، فهو ذكره غيرهم، هذا جائز كما تقدم بيانه.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلمنا ما يَنْفَعَنَا وأن يَنْفَعَنَا بما علمنا وجزاكم الله خيرًا.