رسالة العلامة الحصين الى العلامة اللحيدان حول كلامه في سوريا

العلامة سعد بن عبدالرحمن الحصين

رسالة العلامة الحصين الى العلامة اللحيدان حول كلامه في سوريا

من فضيلة الشيخ العلامة سعد بن عبد الرحمن الحصين – حفظه الله – إلى معالي الشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان – حفظه الله –
من : سعد الحصين .
إلى معالي الشيخ / صالح بن محمد اللحيدان – أصلح الله حاله ومآله .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد :
فقد أطلعني بعض إخواني في الدين والدعوة على تصريحاتٍ منسوبةٍ إليكم عن أحوال الفتن في بعض الدول العربية ؛ وقد كان علماء السّنّة ( من أمثالكم ) ينهون عن المشاركة في الفتن بقول أو فعل .
ويروى عن الإمام أحمد – رحمه الله – أنه قال : ( الإمساك في الفتنة سُنة ماضية واجب لزومها … ولا تُعنْ على فتنة بيدٍ ولا لسان ، ولكن أكفُفْ يدك ولسانك ) ، طبقات الحنابلة ( 1/58 ) .
وأوْصى الآجري رحمه الله : ( بترك الخوض في الفتنة ؛ فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير ) ، الشريعة ( 1/393 ) .
وحذّر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – من الخوض في الفتن بقول جامع :
( وممّا ينبغي أن يُعلم أن أسباب هذه الفتن تكون مشتركة ، فَيَرِد على القلوب من الواردات ما يمنعها من معرفة الحقّ وتصوّره ، فضلاً عن إرادته وطلبه ) ، منهاج السنة ( 4/538 ) .
واجه الإمام أحمد – رحمه الله – بـ(نفسه وعلمه واعتقاده ) فنتةً لا يُعْرَف أنها تكرّرت في تاريخ المسلمين ؛ ثلاثة ولاة من ولاة المسلمين ( المأمون ، والمعتصم ( وا معتصماه ) والواثق ) يُقسرون علماء السنة على مخالفة صحيح المعتقد بدعوى خلق القرآن ، ويُقتل بعض العلماء ، ويُسجن ويُجلد بعضهم ، ومنهم الإمام أحمد ، ويُمنعون من تعليم الدين ، ومع كلّ ذلك لا يجيز الإمام أحمد لنفسه ولا لغيره الخروج على أحد منهم ، فكيف بولي الأمر الذي لم يأمر بالمعصية ولم يقتل أو يجلد أو يسجن عليها ؟!
وأسباب فتنة الخروج مختلفة كما في قول ابن تيمية رحمه الله ، ولو كان الدين بينها فليس أهمّها ، ولو كان – جدلاً – فهل يُحَكّم الغوغاء وأكثرهم :﴿ لا يشكرون ﴾ ولا : ﴿ يعلمون ﴾ ، ﴿ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ﴾ ، وأشهد أنّ أكثر أوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة في البلاد العربية التي تحرّكت فيها الفتن هي للمنتمين للسّنة : ( الرعيّة لا الرّعاة ) سدنتها وعابديها .
ولأني أستبعد صدور ما نُسب إليكم منكم ، لعلمي بما تفضل الله به عليكم من علم وعمل ودعوة إلى ذلك ، وأنكم أحرى الناس بالاستجابة لوصيّة الله لعباده : ﴿ ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾ ، وأنكم ممّن يَرجع إلى الآية والحديث ، والفقه فيهما ممن ثبتت له الخيرية ، لا إلى الجرايد ولا الانترنت ، ولا الفضائيات ، ولو لبست لباس الدين ، مثل : حِرَاء الصوفيّة ، والمجْد الحركيّة الضائعة بين وبين .
لذلك ؛ فإني أرغب في نشر هذه الرّسالة تبرئة لكم وقطعاً لدابر المتقوِّلين عليكم ، إن لم يردني منكم ما يمنع النشر .
وواضح من بعض الكلام المنسوب إليكم أنّه ليس لعامة الناس الخروج على ولي أمرهم ولو ظلم أو فجر ، بل ولو كفر ، وإنما ذلك لأهل الحلّ والعقد القادرين على ( معرفة الحقّ وتصوّره ) كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله آنفاً ؛ ولكن الغوغاء ( ومنهم الحركيّون والحزبيّون الإسلاميّون بزعمهم ) يعصون الله ورسوله وأولي أمرهم بخروجهم عليهم ، ثم هم يستفتون العلماء ليأخذوا من كلامهم ما يوافق أو ما لا يخالف معصيتهم وينذون الباقي .
نصر الله بكم دينه .
سعد الحصين .
تعاوناً على البّر والتّقوى .


شارك المحتوى: