حمود العمري بين التوبة والتلون
حمد بن عبدالعزيز العتيق
حمود العمري بين التوبة والتلون
﷽
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
قرأت مقالاً منسوباً لأحد منتوجات الصحوة: حمود العمري، يؤيد فيه الأحكام الصادرة ضد الخوارج المنتسبين للسنة والشيعة، وقرر فيه شرعاً وعقلاً صحة هذه الأحكام، وأنها الخير للبلاد والعباد.
وقد أشكل هذا الأمر على بعض الناس، وتساءلوا هل تاب حمود العمري، من مذهبه السابق المعروف بتأييده للقاعدة وزعيمها ابن لادن الخارجي الضال، حتى إن العمري أطلق على ابن لادن اسم المجدد للجهاد في هذا العصر، وكان يسمي فارس بن شويل: الشيخ، ويدعو الله أن يفك أسره، وشارك في الدفاع عن سليمان العلوان، الذي سجن بنفس الطريقة، ونفس المحكمة؟!
وهنا ترى شيئاً من تغريداته:
https://m.youtube.com/watch?v=ACrjLeta30M
فأقول مستعيناً بالله:
ليس هذا بأمر جديد على المتأثرين بتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي المتلون، فقد سبقه إلى ذلك مؤسس التنظيم حسن البنا لما أصدر في أعضاء التنظيم الخاص الإخواني لما تورطوا في بعض العمليات الإرهابية وانكشف أمرهم، أصدر حسن البنا البيان المشهور الذي كفر فيه الفاعلين، وقال بالحرف الواحد: إنهم ليسوا إخواناً ولا مسلمين.
https://m.youtube.com/watch?v=DYbjLq3ws-8
وقد قرر ذلك تنظيراً وتقعيداً صلاح الصاوي في كتابه الثوابت والمتغيرات حيث قال ص 264 :
عدم التورط في إدانة الفصائل الأخرى العاملة للإسلام إدانة علنية ، تحت شعار الغلو والتطرف ، مهما تورطت هذه الفصائل في أعمال تبدو منافية للاعتدال والقصد والنضج ، فإن كان لابد من حديث للتعليق على بعض هذه الأعمال الفجة ، فليبدأ أولاً بإدانة الإرهاب الحكومي في قمع الإسلام ، والتنكيل بدعاته والذي كان من نتائجه الطبيعية هذه الأعمال ، التي تبدو غالية وحادة ، والتي تمثل رد فعل متوقع لما تمارسه الحكومات من تطرف في معاداتها للإسلام وغلو في رفضها لتحكيم شريعته…
إلى أن قال وهو الشاهد: “اللهم إلا إذا كان ذلك – كما سبق بتنسيق مسبق ، وتوزيع متبادل للأدوار… ولا يبعد القول بأن مصلحة العمل الإسلامي قد تقتضي أن يقوم فريق من رجاله ببعض هذه الأعمال الجهادية ، ويظهر النكير عليها آخرون ، ولا يبعد تحقيق ذلك عملياً إذا بلغ العمل الإسلامي مرحلة من الرشد ، أمكنه معه أن يتفق على الترخص في شيء من ذلك ، ترجيحاً لمصلحة استمرار رسالة الإسلاميين…”انتهى.
وأما على المستوى الداخلي حيث يمثل تيار الصحوة النسخة السعودية المتأثرة بتنظيم الإخوان باعتراف د.عوض القرني،
http://classic.aawsat.com/details.asp?issueno=11700&article=571995
فتبرز هنا مباشرة صور رموز الصحوة:
وأولهم: سفر الحوالي حين كان يرى أن الجهاد في أفغانستان سيكون نواة للدولة الإسلامية!! وحرض على الدولة في حرب الخليج، وأسس مع بعض رفاقه تنظيماً معارضاً يضم المسعري، باعتراف أحد المؤسسين ألا وهو محسن العواجي.
ثم سجن سنوات مع بعض إخوانه، ثم أطلق فصار وسيطاً بين الدولة السعودية وبين المتطرفين لتسليم أنفسهم، فيما كان في نفس الوقت يدافع أن ابن لادن وأتباعه ويقول إنهم بغاة وليسوا خوارج، بل لا يرى أسرهم أي:اعتقالهم.
https://m.youtube.com/watch?v=r5MiCR4a24Q
وثانيهم: سلمان العودة كان مع صاحبه سفر الحوالي في السجن، ثم تحول بعد السجن من متأثر بالمنهج السروري القطبي، إلى داعية عصراني على طريقة القرضاوي، لا يكاد أن يقول عن شيء:هذا حرام، فولج بجلده الناعم إلى كل قصر ومصر!!
ثم جاء الربيع العربي فانقلب مرة أخرى ولبس الجلد الثورة الخشن، حتى وصل به الحال أيام ثورة حنين الفاشلة، إلى كتابة خطاب موجه للملك عبدالله رحمه الله، ملأه بالتهديد والوعيد المبطن، وختمه بالمطالبة بالمملكة الدستورية، ولكن الله خيب ظنه، ورد كيده إلى نحره.
http://islamancient.com/play.php?catsmktba=2726
وما موقفه المتقلب من حكومة ابن علي في تونس، والقذافي في ليبيا ببعيد وهو أشهر من أن يذكر.
https://m.youtube.com/watch?v=pX7_bCaQXcA
وثالثهم: عائض القرني المتنقل من إخواني إلى تائب باعترافه، فمتوب ومحقق مع الإرهابيين، في القنوات السعودية كما فعل مع ناصر الفهد وصاحبيه، مع دفاعه في نفس الوقت عن تنظيم الإخوان الإرهابي الذي يعد الإصل لأغلب التيارات الإرهابية المعاصرة المنتسبة للسنة.
https://m.youtube.com/watch?v=OeOD4bp_okk
وانظر تقلب عائض بين مدح علي عبدالله صالح قبل الربيع ثم هجائه بعد أن أسقطه الربيع العربي المزعوم
https://m.youtube.com/watch?v=XaN0DZtpyoc
ورابعهم: عوض القرني من ثوري أيام الربيع العربي، إلى وطني يعلن البيعة والسمع والطاعة، بعد قطع الملك عبدالله رحمه الله، لأصابع ذوات الأربع الإخوانية، ولكنه لازال في نفس الوقت يروج لأعداء الدولة المجرمين.
https://twitter.com/naif4002/status/628607038877102080
وخامسهم: العريفي من محرض على الثورات في بلاد العرب والخليج؛ إلى وطني من الطراز الأول، يُدبج الخطب والتغريدات في فضل الأمن والوطن والمحافظة عليه.
وسادسهم: وإمامهم الذي لا يبارى في هذا الشأن: سعد البريك الذي يفتي بتكسير الجماجم لأجل الوطنية، ويحرض في نفس الوقت بل يقول بوجوب ذهاب شبابنا للقتال في سوريا حيث تتلقفهم داعش والقاعدة، أو الميليشيات السرورية على أحسن تقدير.
وهذا الصنف من الدعاة وإن كان وجوده مشكلة؛ لكن المشكلة الأكبر في من ينخدع بهم، بعد أن لدغ منهم مرات وكرات، والنبي ﷺ يقول: “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”. رواه البخاري.
وقد يقول قائل لعل حمود تاب؟!
فالجواب: التوبة الشرعية لها شروط، كما قال تعالى: “إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا”
فالتوبة: بالرجوع عن طريقة الفاسدة.
والإصلاح: بإصلاح ما أفسده.
والبيان: بالبيان لما أفسده، وبيان رجوعه عنه .
فقد ذكر لأبي عبد الله أحمد بن حنبل رجلٌ من أهل العلم ، كانت له زلة، وأنه تاب من زلته، فقال: لا يقبل الله ذلك منه حتى يظهر التوبة والرجوع عن مقالته، وليعلمن أنه قال مقالته كيت وكيت، وأنه تاب إلى الله تعالى من مقالته، ورجع عنه، فإذا ظهر ذلك منه حينئذ تقبل، ثم تلا الإمام أحمد قول الله تعالى: (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا))
من ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 132/1
وثانياً: من المعلوم شرعاً وعقلاً وعرفاً أن من أظهر التوبة من منهج باطل؛ كمنهج الخوارج أو الرافضة، فيجب أن يكون له موقف مفاصلة ومباينة مع منهجه السابق، ورموزه، فأين حمود العمري وشيوخه عن هذا؟!!
بل قاعدتهم التي لا يحيدون عنها مهما بلغ بينهم الخلاف:
“إن اختلفنا
فنعذر بعضنا
ونتعاون فيما بيننا
ونتحد على خصومنا”
وينبغي أن يُعلم أن هؤلاء القوم نوعان:
فالنوع الأول: له جلدان:
1-جلد حال وقوع الفتن، والأزمات، كحرب الخليج، والربيع العربي، وثورة حنين، وهو جلد السباع.
2-وجلد بعكسه تماماً حين استتباب الأمن وظهوره، وهو جلد الضأن بل جلد الحمل الوديع!!
وخير مثال لهذا النوع: أرباب ملتقى النهضة.
والنوع الثاني: وهو أخطر، له وجهان:
1- وجه لأصحابه، يمدحهم ويزكيهم، ويدافع عنهم، ويستقبلهم، ويزورهم، وإن كان يظهر المخالفة لهم في بعض مواقفه، لكنه لا يفاصلهم، ولا يفاصلونه، بل يبقى الشيخ عندهم، ويبقون إخوانه وأحبابه، وظهارته وبطانته، وكلما بدرت منه بادرة تكدر صفو علاقته بهم، سارع لترميم ذلك الصدع بزيارة أو استضافة، أو تزكية لقرة العين.
2- الوجه الثاني: وجه للدولة فربما ترى أحدهم يبكي ويذرف الدمع لأجل الوطن والأمن، وينسج في الولاة الشعر والنثر، ويعطيهم من معسول الكلام ما لا يكاد يخطر على بال.
وخير مثال لهذا النوع ثلاثة أقطاب:
الأول: أحد المتخشعة في زماننا، يقف بين يدي الولاة فيمدحهم بما لا يستطيع سلفي أن يأتي بمثله، بل ربما خشع من شدة المدح، وفي نفس الوقت يزكي ويستقبل ويزور كل إخواني وثوري ومحرض، ويطعن في خصومهم، ويحذر منهم، حتى وصل به الحال إلى درجة أن يطالب بإطلاق سليمان العلوان ويوسف الأحمد، من خلال قناة الجار الشقيق!!!
والثاني: ليس ببعيد عنه وربما فاقه، أبو الجماجم، صاحب المقالة المشهورة: فليموتوا، والتي ستظل تطارده حتى يموت، أو يتوب منها توبة نصوحاً.
والثالث: خطيب لخير المساجد، مدح الملك سلمان نثراً بما لا تكاد أن تسمعه لغيره، ولكنه في نفس الوقت استمات ولا زال في الذب عن #تنظيم_الإخوان_الإرهابي
ورموزه وأعماله، ويلمز الدولة ويهمزها ما بين حين وآخر.
وختاماً إلى كل عاقل فطن:
أذكر بوصية الملك الصالح مؤسس هذه الدولة المباركة الملك عبدالعزيز حين كتب لابنه ولي العهد الملك سعود، يوصيه، فكان مما قال رحمه الله: ومنها ما رواه الأدباء عن انحطاط دولة بني العباس، فقال: إنهم قربوا أعداءهم تأليفاً لهم، وأبعدوا أصدقاءهم وثوقاً بهم…فلما وقع الأمر وثب عليهم عدوهم، وتباعد عنهم صديقهم”. من رسائل أئمة الدعوة ص١٦٨ للأمير فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم حفظه الله
كتبه: حمد بن عبدالعزيز العتيق
٢٦ربيع الأول من عام١٤٣٧هـ
الرياض – حرسها الله
وسائر بلاد المسلمين