خير الناس للناس

د. حسام بن عبدالله الحسين

بسم الله الرحمن الرحيم

خير الناس للناس

من أخٍ محب إلى من يراه من إخوانه وأحبابه أهل السنة والجماعة السلفيينوفقهم الله

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:

فإن أهل السنة والجماعة، أهلَ الحديث والأثر ـ في كل زمان ومكان ـ هم أعرف الناس بالحق، وأرحمهم بالخلق.

وهم حقاً كما قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية:

(نقاوة المسلمين، فهم خير الناس للناس).

منهاج السنة (5/158).

ومظاهر رحمتهم بعباد الله متعددة متنوعة، فهم الدعاة إلى سبيل الله، وصراطه المستقيم، الحريصون على إخراج الناس من ظلمات الشرك والخرافة، إلى نور التوحيد حقِّ الله على العبيد، من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وهم القائمون ببيان السنة، والتحذير من البدعة، بحض الناس على الطاعة وترك المعصية، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر بعلم وحلم وحكمة ورحمة﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾.

وبالجملة فهم أحرص الناس على نشر العلم الذي ينفع صاحبه﴿ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ 

ومع كونه بهذه الأهمية، إلا أن الداعين إليه هم الأقلون عدداً، وهم غرباء بين المشتغلين بالدعوة قديماً وحديثاً، فكم أشغل كثير من المنتسبين إلى الدعوة المدعوين بما لا ينفعهم، بل قد يضرهم، من المنطق والفلسفة الكلامية، والقصص والحكايات الواقع منها والخيالية، وفقه الواقع والتحليلات السياسية، والأناشيد والمسرحيات الدينية!! إلى المطالبة بالحقوق المزعومة تحت شعار الحرية والديمقراطية والدستورية

وحمى الله أهل السنة السلفيين من الوقوع في تلك المستنقعات النتنة الموبوءة، فساروا في دعوتهم على خطى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم،وأصحابه، والتابعين.وصبروا على غربتهم راجين ثواب ربهم، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: بدأ الإسلام غريباً، وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء.

قال الفضيل بن عياض: (عليك بطريق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين،وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين).المجموع للنووي(8/203)،الأذكار له(ص160)، الاعتصام (1/135)، وأخرجه مسنداً بنحوه ابن عساكر في تبيين كذب المفتري(ص 331)، وعزاه النووي في(التبيان ص115للحاكم.

وقال سفيان بن عيينة: ( اسلكوا سبيل الحق ولا تستوحشوا من قلة أهله).أخرجه ابن عبدالبر في التمهيد(17/429).

وقال الحسن البصري: «يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله , فإنكم من أقلالناس» أخرجه اللالكائي (رقم 19).

وفي المعجم لابن الأعرابي(431عن عُمارة بن زاذان قال: قال لي أيوب: « يا عُمارة: إذا رأيت صاحب سنة وجماعة فاقبله على ما كان فيه».

وروى القاضي ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة(1/341)،وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد(ص 224):أن أبا بكر أحمد بن محمد التميمي: قال: لما أشكل على مسدد بن مسرهد أمر الفتنة يعني في القول بخلق القرآن وما وقع فيه الناس من الاختلاف في القدر والرفض والاعتزال وخلق القرآن والإرجاء كتب إلى أحمد بن حنبل: أن أكتب إلي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما ورد الكتاب على أحمد بن حنبل بكى، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يزعم هذا البصري أنه قد أنفق على العلم مالاً عظيماً، وهو لا يهتدي إلى سنة رسول اللهصلى الله عليه وسلم فكتب إليه:

بسم الله الرحمن الرحيم…..إلى أن قال في آخر الرسالة:

«أَحِبَّ أهل السنة على ما كان منهم، أماتنا الله وإياكم على الإسلام والسنة، ورزقنا وإياكم العلم ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى». هذا لفظ ابن الجوزي،

وهو في الطبقات بلفظ«أحبوا أهل السنة على ما كان منهم،أماتنا الله وإياكم على السنة والجماعة».وينظرمجموع فتاوى شيخ الإسلام(5/396).

وأخرج اللالكائي(رقم 21 و 22)عن يونس بن عبيد قال: «أصبح من إذا عُرِّف السنة عرفها غريباً, وأغرب منه من يعرفها».

وفي لفظ: «إن الذي تعرض عليه السنة لغريب, وأغرب منه من يعرفها».

وأخرج أيضاً(رقم 49)عن سفيان الثوري قال: «استوصوا بأهل السنة خيراً, فإنهم غرباء».

وفيه أيضاً(رقم 50)عن الثوري أيضاً قال: «إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة، وآخر بالمغرب, فابعث إليهما بالسلام وادع لهما, ما أقل أهل السنة والجماعة».

وقال أبو بكر بن عياش: «السنة في الإسلام أعز من الإسلام في سائر الأديان»اللالكائي(54).

وقال أسد بن موسى:« كنا عند سفيان بن عيينة, فنعي إليه الدراوردي, فجزع وأظهر الجزع, ولم يكن قد مات, فقلنا:« ما علمنا أنك تبلغ مثل هذا».قال: إنه من أهل السنة» اللالكائي(56).

وقال حماد بن زيد: «كان أيوب يبلغه موت الفتى من أصحاب الحديث فيرى ذلك فيه, ويبلغه موت الرجل يذكر بعبادة فما يرى ذلك فيه». اللالكائي(34).

وقالقال أيوب: «إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعضأعضائي» اللالكائي(29).

وما أحسن قولَ الإمام الحافظ أبي نصر السِّجْزِي في رسالته إلى أهل زبيد«ص 340»: «فالمتبع للأثر يجب تقدمه وإكرامه، وإن كان صغير السن غير نسيب، والمخالف له يلزم اجتنابه وإن كان مسناً شريفاً».

وقولَ الإمام أبي عثمان الصابوني: (ولا يغرن إخواني حفظهم الله كثرة أهل البدع، ووفور عددهم فإن ذلك من أمارات اقتراب الساعة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم قالإن من علامات الساعة واقترابها أن يقل العلم ويكثر الجهل، والعلم هو السنة، والجهل هو البدعة، ومن تمسك اليوم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بها واستقام عليها، ودعا بالسنة إليها كان أجره أوفر وأكثر من أجر من جرى على هذه الجملة في أوائل الإسلام والملة). عقيدة السلف وأصحاب الحديث(ص 316).

وفي معرض حديث العلامة ابن القيم عن الرضا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد r رسولاً قال:(وأما الرضا بدينه فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى , رضي كل الرضا ولم يبق في قلبه حرج من حكمه وسلم له تسليماً ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها أو قول مقلده وشيخه وطائفته وهاهنا يوحشك الناس كلهم إلا الغرباء في العالم فإياك أن تستوحش من الاغتراب والتفرد فإنه والله عين العزة والصحبة مع الله ورسوله وروح الأنس به والرضا به رباً وبمحمد rرسولاً وبالإسلام ديناً .

بل الصادق كلما وجد مس الاغتراب وذاق حلاوته وتنسم روحه قال: اللهم زدني اغتراباً ووحشة من العالم وأنساً بك وكلما ذاق حلاوة هذا الاغتراب وهذا التفرد رأى الوحشة عين الأنس بالناس والذل عين العز بهم والجهل عين الوقوف مع آرائهم وزبالة أذهانهم والانقطاع عين التقيد برسومهم وأوضاعهم فلم يؤثر بنصيبه من الله أحداً من الخلق ولم يبع حظه من الله بموافقتهم فيما لا يجدي عليه إلا الحرمان وغايته مودة بينهم في الحياة الدنيا فإذا انقطعت الأسباب وحقت الحقائق وبعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور وبليت السرائر ولم يجد من دون الله مولاه الحق من قوة ولا ناصر تبين له حينئذ مواقع الربح والخسران وما الذي يخف أو يرجح به الميزان والله المستعان وعليه التكلان). مدارج السالكين(2/171).

ومن مظاهر رحمة أهل السنة بالخلق أمر يحسبه من قصر نظره وقل علمه جناية وظلماً وغلظة، وهو عنده عن الرحمة بمعزل، لكنه عند أهل العلم والفقه والفهم والبصيرة من أبرز مظاهر الرحمة بعباد الله،

ذلك الأمر هو جهاد أهل العلم من أهل السنة ببيان خطأ المخطئين، وردهم على أقوال المخالفين المنحرفين،

وهذه العبادة -أعني الرد على المخالف- من أعظم ما يتقرب به المؤمن المخلص الصادق لربه تعالىقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (28/231-232): (ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين،حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل. فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء) ا.هـ

وقال أيضاً (4/13)(الراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد).

و(الصدع بالحق عظيم، يحتاج إلى قوة وإخلاص، فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي بلا إخلاص يخذل، فمن قام بهما كاملاً، فهو صديق، ومن ضعف، فلا أقل من التألم والإنكار بالقلب).قاله الذهبي في سير أعلامالنبلاء(11/234).

وكتب أسد بن موسى إلى أسد بن الفرات: (اعلم أي أخي أنما حملني على الكتاب إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله، من إنصافك الناس، وحسن حالك مما أظهرت من السنة , وعيبك لأهل البدعة , وكثرة ذكرك لهم , وطعنك عليهم , فقمعهم الله بك , وشد بك ظهر أهل السنة , وقواك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم , فأذلهم الله بذلك , وصاروا ببدعتهم مستترين , فأبشر أي أخي بثواب ذلك , واعتد به أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد , وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وإحياء سنةرسوله؟). البدع لابن وضاح (7).

قال العلامة ابن القيم رحمه الله🙁 ومن له خبرة بما بعث الله به رسولهe، وبماكان عليه هو وأصحابه، رأى أن أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس ديناً والله المستعان،وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك, وحدوده تضاع, ودينه يترك, وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها, وهو بارد القلب ساكت اللسان؟ شيطان أخرس, كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق, وهل بلية الدين إلا من هؤلاء، الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين؟ وخيارهم المتحزن المتلمظ, ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل, وجد واجتهد, واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة, بحسب وسعه, وهؤلاء ـ مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم ـ قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون, وهم لا يشعرون, وهو موت القلوب, فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل، وقد ذكر الإمام أحمد وغيره أثراً: أن الله سبحانه أوحى إلى ملك من الملائكة: أن اخسف بقرية كذا وكذا. فقال: يا رب كيف وفيهم فلان العابد؟ فقال: به فابدأ؛ فإنه لم يتمعر وجهه فيَّ يوماً قط .

وذكر أبو عمر في كتاب«التمهيد»: أن الله سبحانه أوحى إلى نبي من أنبيائه: أن قل لفلان الزاهد: أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت به الراحة، وأما انقطاعك إليَّ فقد تكسبت به العز، ولكن ماذا عملت فيما لي عليك؟ فقال: يا رب وأي شيء لك عليَّ؟ قال: هل واليت فيَّ ولياً أو عاديت فيَّ عدواً ؟؟). إعلامالموقعين(3/428-430).

ألا فليعلم أن الرد على المخالفين رحمة: فالراد يرحم نفسه ليسلمها من إثم ترك إنكار المنكر، لأن البدع من أعظم المنكرات، بل أهلها شر من أهل المعاصي الشهوانية بدلالة السنة والإجماع.كذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما فيمجموع الفتاوى(20/103)

.وهو رحمة بعموم الخلق، حتى يحذروا المنحرف عن الصواب ويجتنبوا الوقوع فيما يدعو إليه.

بل ورحمة بالمردود عليه نفسه حتى لا يكثر أتباعه، فتكثر خطاياه وأوزاره.

عن عاصم الأحول قال: جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد، فوقع فيه فقلت: يا أبا الخطاب، ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض؟ قال: «يا أحول، أوَلا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تعلم؟». فجئت من عند قتادة، وأنا مغتم لقوله في عمرو بن عبيد، وما رأيت من نسك عمرو بن عبيد، وهَدْيه، فوضعت رأسي بنصف النهار فإذا أنا بعمرو بن عبيد في النوم والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله، قلت: سبحان الله! تحك آية من كتاب الله؟ قال: إني سأعيدها. فتركه حتى حكها، فقلت له: أعدها، فقال: إني لا أستطيع.

أخرجه العقيلي في الضعفاء(3 /280)،واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهلالسنة(4/814)،والخطيب في تاريخ بغداد(12/175)، وغيرهم.

قال الشاطبي رحمه الله بعد إيراده لهذا الأثر: ( فمثل هؤلاء لابد من ذكرهم والتشريد بهم؛ لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوفَ من التفرق والعداوة، ولاشك أن التفرق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم، وإذا تعارض الضرران فالمرتكب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه، كقطع اليد المتآكلة إتلافها أسهل من إتلاف النفس، وهذا شأن الشرع أبداً، أن يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل). الاعتصام(3/230-231).

وأخرج العقيلي في الضعفاء(1/229)بسنده عن أبي صالح الفراء قال: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن، فقالذاك يشبه أستاذه-يعني الحسن بن حي-، قلت ليوسف: أما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ فقاللم يا أحمق، أنا خير لهؤلاء من أمهاتهم وآبائهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضر عليهم).

نعم، قد يكون في الرد شيء من القسوة والغلظة، لكنها بلا شك محمودة ما دامت في موضعها، وفي سنة النبي r أمثلة على ذلكينظر مثلاً: صحيح مسلم870و2090، ومسند أحمد 4273».

أما آثار السلف في الباب فهي أشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر، فقلب ما شئت من كتب سنن الاعتقاد المسندة وغيرها لترى من ذلك ما يكفي ويشفي.

وقديماً قال أبو تمام:

فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً … فليقس أحياناً على من يرحم

ولتكن مستحضراً أخي المبارك ما قاله العلامة الحافظ ابن رجب في كتابهالفرق بين النصيحة والتعيير(ص 8):

(ولا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله وتمسك بما لا يتمسك به ليُحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه، وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضاً.

ولهذا نجد في كتبهم المصنفة في أنواع العلوم الشرعية من التفسير وشروح الحديث والفقه واختلاف العلماء وغير ذلك ممتلئة بالمناظرات وردِّ أقوال من تُضَعَّفُ أقواله من أئمة السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

ولم يترك ذلك أحد من أهل العلم ولا ادعى فيه طعناً على من ردَّ عليه قولَه ولا ذمَّاً ولا نقصاً اللهم إلا أن يكون المصنِّف ممن يُفحش في الكلام ويُسيءُ الأدب في العبارة فيُنكَر عليه فحاشته وإساءته دون أصل ردِّه ومخالفته، إقامةً للحجج الشرعية والأدلة المعتبرة).

فإذا كان هذا سائغاً في مسائل الاجتهاد التي يسوغ الخلاف فيها، فلأن يكون كذلك في المسائل الخلافية التي لا يسوغ الخلاف فيها من باب أولى.

ولا تغفلنَّ أخي ـ بارك الله فيك ـ عن الفرق بين هذين النوعين فتزل عن المنهج القويم.

فقد قرر أهل العلم أن المسائل التي يقع الخلاف فيها ليست على درجة واحدة, فثمة مسائل لا يسوغ الخلاف فيها لصراحة أدلتها واتفاق السلف عليها وتسمى المسائل الخلافية، وهذا النوع من المخالفة ينكر فيه القول، ويضلل فيه المخالف،وقد يبدع حسب ضوابط شرعية،وقواعد مرعية.

والقسم الآخر هي المسائل التي يسوغ الخلاف فيها لتعارض أدلتها فيما يظهر للمجتهد أو لوقوع الخلاف فيها بين السلف الصالح وتسمى المسائل الاجتهادية.

والأصل في مسائل المعتقد أنها من قبيل المسائل الخلافية بخلاف المسائل الفقهية العملية، فالأصل أنها من المسائل الاجتهادية.

قال الإمام ابن تيمية:(قولهم: ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل،

أما الأول فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً، وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول: المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء ، وأما العمل إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار كما ذكرنا من حديث شارب النبيذ المختلف فيه وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة وإن كان قد اتبع بعض العلماء،

وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيه مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً ، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد مالم يكن فيها دليل يوجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لامعارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد لتعارض الأدلة المقاربة أو لخفاء الأدلة فيها)ا.هـ بيان الدليل على بطلان التحليل «ص210-211»،ونقله ابن مفلح في الآداب الشرعية« 1/191».

وقال تلميذه الإمام ابن القيم:(وهذا يرد قول من قال: لا إنكار في المسائل المختلف فيها،وهذا خلاف إجماع الأئمة… -إلى أن قال-:

وقولهم: (إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها).ليس بصحيح؛فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول والفتوى أو العمل،

أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً وجب إنكاره اتفاقاً وإن لم يكن كذلك فإن بيان ضعفه ومخالفته للدليل إنكار مثله،وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار،

وكيف يقول فقيه : لا إنكار في المسائل المختلف فيها، والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتاباً أو سنة وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء.

وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً،

وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم).إعلام الموقعين«5/242-243».وبنحو قولهما قال السمعاني في«قواطع الأدلة 5/62»،والنووي في«شرح مسلم 2/23».

وعلى هذا تدل آثار السلف الصالحين، وأئمة الهدى المرضيين، خلافاً لطريقة الإخوان المفلسين– على حد تعبير العلامة المحدث مقبل الوادعي رحمه اللهأوخُوَّان المسلمينكما وصفهم العلامة السلفي محمد حامد الفقي رحمه اللهالذين لا يرفعون بالتوحيد رأساً، ولم يكن هدي محمدr وأصحابه لدعوتهم أُسّاً، فساروا على القاعدة الباطلة شرعاً الفاسدة عقلاً، قاعدة المعذرة والتعاون

ـ وإن شئت: والتهاون ـ «نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه».

وانظر ـ غير مأمور ـ كتاب: زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون للشيخ الفاضل: حمد العثمان وفقه الله.

(ألا فليعلم أن الرد على المخالف أصل من أصول الإسلام،وهو من أهم وظائف العلماء حراس الشرعية يضربون به بنان كل من يريد أن يخط في وحدة الصف على السنة سطور الفرقة والاختلاف والبدعة ومزاحمة الإسلام في أصله وصفائه ،ولم يزل هذا الأصل العقدي جاريا ً في حياة الأمة يقوم به من شاء الله من علمائها يؤدون به الواجب عن أنفسهم وإخوانهم في الدين، فهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ، لكن هذا الأصل يعتري حملته بالجملة موجات من الفتور والتراخي فيغاب حملته حينا ًعن منازلة العداء ، وتضعف الأثارة النبوية الدافعة للشبه والعماية ،المجلية لطريق الهدى والسلامة،فيعيش عامة أهل السنة بين العجز والتفريط، وحينئذ تتنفس الأهواء، وتشرئب أعناق حملتها، فيجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق ، ويزداد الأمر سوءا ًوشدة حينما يكون مع صاحب الهوى حق يلبس به بدعته، حتى إذا طفحت الكأس وبلغ السيل الزبى هب من شاء الله من حملة الشريعة ينزعون من أنوارها بذنوب وافرة يطفئون بها جذوة الهوى والبدعة فهم مثل العافية في الناس لدينهم وأبدانهم بل هم العافية عينها بما يقيمونه من حجج الله وبيناته القاهرة فتهب بذلك روح الإيمان وتقوم سوق الانتصار للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة وإحياء ما اندرس من معالمها مخلصين في ذلك لربهممتبعين فيه سنة نبيهم e، فيرحم الله من يشاء من عباده فيمن عليهم بالرجوع إلى السنة بعد انغماسهم في مستنقعات الهوى والبدعة، ويبقى أصحاب الضلال مقهورين مغلوبين ينكسون رؤوسهم ويغمدون أقلامهم،«والمقصود أن هذه الأمة ولله الحمد لم يزل فيها من يتفطن لما في كلام أهل الباطل من الباطلويرده وهم لما هداهم الله به يتوافقون في قبول الحق ورد الباطل رأياً ورواية من غير تشاعر ولا تواطؤ» كما يقول ابن تيمية(9/233).

ولاشك أن جهادهم هذا لن يرضي عنهم الناس جميعاً، بل سينالهم من فئة منهم شيء من الأذى رفعة في درجاتهم، وتكفيراً لسيئاتهم.

و«ما آثر عبد مرضاة الله عز وجل على مرضاة الخلق وتحمل ثقل ذلك ومؤنته وصبر على محنته، إلا أنشأ الله من تلك المحنة والمؤنة نعمة ومسرة ومعونة بقدر ما تحمل من مرضاته، فانقلبت مخاوفه أماناً، ومظان عطبه نجاة، وتعبه راحة، ومؤنته معونة، وبليته نعمة، ومحنته منحة، وسخطه رضا، فيا خيبة المتخلفين ويا ذلة المتهيبين.

هذا وقد جرت سنة الله التي لا تبديل لها أن من آثر مرضاة الخلق على مرضاته: أن يسخط عليه من آثر رضاه ويخذله من جهته ويجعل محنته على يديه فيعود حامده ذاماً، ومن آثر مرضاته ساخطاً، فلا على مقصوده منهم حصل، ولا إلى ثواب مرضاة ربه وصل، وهذا أعجز الخلق وأحمقهم.

هذا مع أن رضا الخلق: لا مقدور ولا مأمور ولا مأثور فهو مستحيل، بل لا بد من سخطهم عليك، فلأن يسخطوا عليك وتفوز برضا الله عنك، أحب إليك وأنفع لك من أن يسخطوا عليك والله عنك غير راض، فإذا كان سخطهم لابد منه على التقديرين فآثر سخطهم الذي ينال به رضا الله، فإن هم رضوا عنك بعد هذا وإلا فأهون شيء رضا من لا ينفعك رضاه، ولا يضرك سخطه في دينك ولا في إيمانك ولا في آخرتك، فإن ضرك في أمر يسير في الدنيا فمضرة سخط الله أعظم وأعظم، وخاصة العقل: احتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، فوازن بعقلك ثم انظر أي الأمرين خير فآثره، وأيهما شر فابعد عنه، فهذا برهان قطعي ضروري في إيثار رضا الله على رضا الخلق.

هذا مع أنه إذا آثر رضا الله كفاه الله مؤنة غضب الخلق، وإذا آثر رضاهم لم يكفوه مؤنة غضب الله عليه.

قال بعض السلف: لمصانعة وجه واحد أيسر عليك من مصانعة وجوه كثيرة، إنك إذا صانعت ذلك الوجه الواحد كفاك الوجوه كلها.

وقال الشافعي رضي الله عنهرضا الناس غاية لا تدرك فعليك بما فيه صلاح نفسك فالزمهومعلوم أنه لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا ربها ومولاها علىغيره».مدارج السالكين (2/300-301).

ومما سيواجه حراس الشريعة وعساكر السنة، بل لعله أسوأ ما يواجهونه نفثات المخذلين المقصرين من المنتسبين إلى السنة فترى المثخن منهم بجراح التقصير الكاتم للحق البخيل ببذل العلم إذا قام إخوانه من أهل السنة السلفيين بنصر دين الله وتبيين السنة للناس والرد على أهل البدع تجده يضيف إلى تقصيره في نفسه تخذيل من قام بالواجب من إخوانه مظهراً أنه على الحق وهو على الباطل المحض، ويقال لأمثال هؤلاءإذا أظهر المبطلون أهواءهم، ونشر المفسدون ضلالاتهم، وأعلن أهل البدع بدعهم، بينما أهل الحق والسنة في ذلك الحين ما بين ساكت أو مرجف أو مخذل، فبالله عليكم متى يتبينالحق؟). الرد على المخالف،ضمن كتاب الردود، للشيخ: بكر أبو زيد صـ 14-17، بتصرف وإضافات.

ألا فاجتهدوا رعاكم الله في تعلم التوحيد والسنة، والعمل بهما، والدعوة إليهما وسؤال الله الثبات عليهما، فما أطيب وأهنأ عيش من وفقه الله لذلك، وما أحسن جزاءه وعاقبته يوم يلقى ربه سبحانه.

أخرج ابن سعد في الطبقات الكبير(7 /113)عن أبي العالية قال: «قرأت المحكم بعد وفاة نبيكم بعشر سنين، فقد أنعم الله علي بنعمتين لا أدري أيتهما أفضل، أن هداني للإسلام، أم لم يجعلني حرورياً».

وفيه أيضاً (4/159)عن عبد الله بن عمر قال: «ما كنت بشيء بعد الإسلام أشد فرحاً من أن قلبي لم يشربه شيء من هذه الأهواء المختلفة».

وفي مسند الدارمي(317)عن مجاهد قال: «ما أدري أي النعمتين علي أعظم: أن هداني للإسلام، أو عافاني من هذه الأهواء».

وقال الفضيل بن عياض: «طوبى لمن مات على الإسلام والسنة».اللالكائي(268).

وقال ابن عون : «من مات على الإسلام والسنة فله بشير بكل خير»اللالكائي(60).

وقال الإمام أحمد: «مَنْ مَاتَ عَلَى الإِسْلاَمِ وَالسُّنَّةِ مَاتَ عَلَى الخَيْرِ كُلِّهِ».سير أعلام النبلاء (11/296)

وقال الإمام مالك: «من مات على السنة فليبشر،من مات على السنة فليبشر،من مات على السنة فليبشر».

وقال: «لو أن رجلاً ارتكب جميع الكبائر ثم لم يكن فيه شيء من هذه الأهواء لرجوت له، من مات على السنة فليبشر».

وقال أيضاً: «لو لقي الله رجل بملء الأرض ذنوباً ثم لقي الله بالسنة لكان في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً». ذم الكلام وأهله (5/76-77).

وقال معتمر بن سليمان: دخلت على أبي وأنا منكسر، فقال:مالك؟ قلت:مات صديق لي، قال: مات على السنة؟ قلت:نعم، قال:فلا تخف عليه. اللالكائي(61).

وقال أبو بكر المروذي: قلت لأبي عبد الله: من مات على الإسلام والسنة مات على خير؟فقال لي: «اسكت!من مات على الإسلام والسنة مات على الخير كله».الورع (192).

قال طلحة بن عبيد الله البغدادي: «وافق ركوبي ركوب أحمد بن حنبل في السفينة…، فكان يطيل السكوت، فإذا تكلم قال: اللهم أمتنا على الإسلاموالسنة».أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد(9/354)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق(5/323) .وفي تاريخ دمشق(5/323)

عن الحسن بن أيوب البغدادي: قال: قيل لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: أحياك الله يا أبا عبدالله. قال: على الإسلام والسنةقال الإمام العلامة ابن القيموالنعمة نعمتان: نعمة مطلقة، ونعمة مقيدة، فالنعمة المطلقة هي المتصلة بسعادة الأبد وهي الإسلام والسنة…-إلى أن قال– :

وهذه النعمة المطلقة هي التي يفرح بها في الحقيقة، والفرح بها مما يحبه الله ويرضاه، وهو لا يحب الفرحين، قال الله تعالى «قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَفَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»،

وقد دارت أقوال السلف على أن فضل الله ورحمته الإسلام والسنة، وعلى حسب حياة القلب يكون فرحه بهما، وكلما كان أرسخ فيهما كان قلبه أشد فرحاً، حتى إن القلب إذا باشر روح السنة ليرقص فرحاً أحزن ما يكون الناس،وهو ممتلئ أمناً أخوف ما يكون الناس، فإن السنة حصن الله الحصين الذي من دخله كان من الآمنين، وبابه الأعظم الذي من دخله كان إليه من الواصلين، تقوم بأهلها وإن قعدت بهم أعمالهم، ويسعى نورها بين أيديهم إذا طفئت لأهلالبدع والنفاق أنوارهم، وأهل السنة هم المبيضة وجوههم إذا اسودت وجوه أهل البدعة، قال تعالى«يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ»،قال ابن عباس: «تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه أهل البدعة والتفرق»، وهي الحياة والنور اللذان بهما سعادة العبد وهداه وفوزه، قال تعالى«أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا»، فصاحب السنة: حي القلب مستنيره، وصاحب البدعة: ميت القلب مظلمه».اجتماع الجيوش الإسلامية(2/33-39).

وختاماً:

فنحن بحمد الله وفضله ومنته نعيش في هذه البلاد المباركة، بلاد التوحيد والسنة، المملكة العربية السعودية، في خير عظيم ونعمة سابغة، فالتوحيد منصور، والشرك مقهور، والسنة ظاهرة، وسوق البدعة بائرة، وولاة أمرنا للحق ينصرون، وعن حياض الدين يدافعون، في زمن قل فيه لأهل الحق المعين، وعزَّ الظفر بالصادق الناصح الأمين، ومن عرف أمسه ويومه، وخاف مقام ربه، وأنصف ولم يظلم، أدرك ذاك وأيقنه، ولا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه، والله عند لسان كل قائل وقلبه، والكمال لا شك عزيز، والمعصوم من عصمه الله،والنصيحة للحاكم والمحكوم محمودة غير مردودة، ما دامت بالطريقة الشرعية السلفية المعهودة، فالسلطان ينصح سراً وفق أصول وضوابط معتبرات، لا في المجالس الخاصة أو على المنابر وخلف الشاشات،

ولا يجوز لك نصحه في العلن مالم يكن أمامك،فقد صح عن حبر الأمة ابن عباس قوله: (لا تغتب إمامك). أخرجه سعيد بن منصور(4/1657).

فكونوا إخوة الدين يقظين، وعلى الحق مجتمعين، وبما يريده عدوكم مستبصرين، واحذروا دعاة الفرقة والفتنة الملبسين، وتمسكوا بسنة نبيكم الأمين، فالمرء (ما دام على الأثر فهو على الطريق) كما قال التابعي الجليل ابن سيرينمسند الدارمي(143).

أسأل الله برحمته التي وسعت كل شيء أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وأن يحيينا ويميتنا على الإسلام والسنة، وأن يفقهنا في الدين، ويستعملنا في طاعته، ويجعلنا من أنصار دينه، ويهدينا إلى صراط مستقيم،﴿ صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ ﴾.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعده وجمع نصوصه:

حسام بن عبد الله بن أحمد الحسين

27/6/1432 هـ


شارك المحتوى: