الإسلام … هل هذا وقته ؟
د. عبدالله بن محمد المدني
بسم الله الرحمن الرحيم
الإسلام …. هل هذا وقته ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته … أما بعد :
فقد قرأت كما قرأ غيري مقال (السلفية… هل هذا وقتها؟) للكاتب زياد الدريس , وقد تحامل فيه على الدولة السلفية السعودية, وذمها بصيغة المدح, وخالف المعقول والمنقول في تصويره لدعوة هذه الدولة المباركة, وتناقض في مقاله تناقضات عجيبة, وكل ذلك لأنه يريد نقد رعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده ( ندوة السلفية منهج شرعي ومطلب وطني ) التي أقيمت في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, لذا رأيت أن أكتب في عجالة مقالا مختصرا حول ما تضمنه المقال- نصحا له وللمسلمين – , فأقول وبالله التوفيق :
أولا: ما هي السلفية ؟؟
السلفية باختصار هي دين الإسلام الذي جاء به نبينا r , فهي فهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, فالسلفية هي الإسلام الصحيح, والإسلام هو السلفية, والسلفية ليست حركة سياسية, ولا حزباً قومياً, ولا….. بل هي منهج نبوي جاء به النبي r .
فالطعن في السلفية طعن في الإسلام الصحيح الذي رضيه الله -عزوجل- لعباده دينا .
ثانيا: الدولة السعودية دولة سلفية منذ نشأتها, وما قامت إلا للدعوة إلى المنهج السلفي (الإسلام الخالص), وما تحقق لها من الفضائل فهو بسبب قيامها بهذا المنهج, وبذلك صرّح قادتها من الدولة الأولى وحتى عصرنا الزاهر بقيادة خادم الحرمين وسمو ولي عهده, وسأنقل لك كلاما لمؤسس هذه الدولة الملك الصالح عبدالعزيز -رحمه الله- حيث قال : ( وأفخر بأنني سلفي محمدي على ملة إبراهيم الخليل ، دستوري القرآن ، وقانوني ونظامي وشعاري دين محمد r ، فإما حياة سعيدة على ذلك ، وإما موتة سعيدة ), وقال أيضا : ( أنا أعمل جهد طاقتي في سبيل إعلاء كلمة الدين ، وإحلال عقيدة السلف الصالح في نفوس المسلمين والعرب ، لذلك : أولاً : أنا مبشرٌ أدعو لدين الإسلام ، ولنشره بين الأقوام . ثانياً: أنا داعية لعقيدة السلف الصالح ، وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بالكتاب ، وسنة رسوله r ، وما جاء عن الخلفاء الراشدين…), وقال أيضا : (يسمّوننا ” بالوهابيين”، ويسمون مذهبنا ” الوهابي” ، باعتبار أنه مذهب خاص ، وهذا خطأٌ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض . نحن لسنا أصحاب مذهب جديد، أو عقيدة جديدة ، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد ، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله r وما كان عليه السلف الصالح ), وسار أبناؤه من بعده على ذلك ونصوصهم في هذا كثيرة أعزف عنها للاختصار, ومن أرادها موثقة فهي في ورقة عمل قُدمت في الندوة بعنوان (تطبيق الدولة السعودية للمنهج السلفي علماً وعملاً) للدكتور عبدالله الصامل .
فهذا مؤسس الدولة يفتخر بأنه قائم بالسلفية والدعوة إليها, وأنها الغاية التي يسعى إلى تحقيقها – أسأل الله أن يثبت ولاتنا عليها – .
ثالثا: شهد العلماء الراسخون بأن الدولة السعودية دولة سلفية, ومن أبرز أولئك الإمام الحبر عبدالعزيز بن باز حيث قال : (وهذه العقيدة التي دعا إليها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هي عقيدة السلف , وهي عقيدة الدولة السعودية , وحقيقتها : التمسك بالكتاب والسُّنّة وما كان عليه سلف الأمة ، في العقيدة والأحكام), وبمثله قال علماؤنا – رحمهم الله – , ومن آخر ذلك ما كتبه العلامة صالح الفوزان تعليقاً على كلمة الأمير نايف في الندوة وهي على الرابط التالي :
http://www.alriyadh.com/2012/01/01/article696846.html
فالدولة السعودية سلفية بشهادة العلماء .
رابعاً: مما سبق يتين لنا أن الدولة السعودية دولة سلفية على الإسلام الصحيح, شهد بذلك مؤسسها وحكامها من بعده, وشهد بذلك علماء الإسلام, ثم يأتيك الدريس ليقول لك بأن الدولة السعودية تتصاغر عندما ترعى وتدعم الدعوة السلفية!! وأنها وقعت كما يقول: في (شرَك التحوّل من الدوائر الكبرى إلى الدوائر الصغرى)!! وأنها عندما تنادي بأن السلفية مطلب وطني فهي قد وقعت في (مطب وطني) !! وجعل تبني الدعوة السلفية هبوطا !!
فهل كان الملك عبدالعزيز يؤسس الدولة على الصغار والهوان والهبوط ؟؟ وهل أوقعها هو وأبناؤه في مطب وطني ؟؟
الدولة السعودية من أول يوم صرحت بأنها قائمة على المنهج السلفي, وليس كما يظن صاحبنا بأنها توجهت إلى دعم السلفية في رعايتها لندوة السلفية .
والسلفية يعتز بها مؤسس الدولة وأبناؤه كذلك حتى خادم الحرمين وولي عهده, ولكن زياد يجعلها (مطب وطني)!! .
خامساً: وجود من ينسب نفسه إلى السلفية زوراً وبهتاناً لا يجعلنا نتبرأ من السلفية كما يظن الدريس, ففي المسلمين من يغش ويظلم ويسرق ويقتل بغير حق, فهل نتخلى عن اسم الإسلام لوجود هؤلاء؟؟ أم أننا نتمسك به ونبين للناس أن الإسلام بريء من هذه الفعال؟؟ إذا كان الجواب بلى فكذلك السلفية التي هي الإسلام الصحيح لن نتخلى عنها لأنه يوجد من شوّهـ صورتها .
ونبين للعالم مخالفة أولئك للمنهج السلفي القويم, والذي حصل في ندوة السلفية محاولة ناجحة للقيام بهذا الأمر .
سادساً: جعل الدريس تمسك الدولة بالسلفية يُنَحيها عن قيادة الأمة, ويجعلها حزباً كبقية الأحزاب, وشغّب على ذلك بوجود السلفية الجهادية وغيرها من المسميات التي تلزم الدولة السعودية بدعمها ورعايتها .
وليته تأمل ما يقول, فالسلفية منهج يجب تطبيقه ولا يكفي التسمي به, والسلفية التي قامت عليها الدولة هي التي جعلت العلماء ينكرون الأعمال المشينة التي قام بها المتطرفون من حركة السلفية الجهادية وغيرهم .
والعلماء السلفيون في هذه الدولة هم أول من أنكروا قتل الأبرياء من الكفار في أحداث البرجين بأمريكا, وهم أول من حذر من قتل الآمنين من الكفار في السعودية, فهم يقومون بمنهج يدعو إلى الإسلام والسلام في أنحاء المعمورة, وليس لهم أي علاقة بالأحزاب السياسية المخالفة لمنهج السلف الصالح وإن تسمت بذلك, كما أن ليس لها أي علاقة بالأحزاب السياسية المخالفة لمنهج الإسلام وإن تسمت بذلك .
سابعاً: يقول الكاتب : (يجب أن تكون في منأى عن أي تصنيف سوى تصنيف واحد فقط: الدولة الإسلامية الأم. هل رأيتم أمّاً تتشظى وتنحاز إلى أحد أبنائها من دون الآخرين… ما لم تكن أماً غير سويّة؟!) .
وأقول هل تمسك الدولة السعودية بالإسلام الصحيح ( السلفية ) يبعدها أن تكونا أماً حنوناً تدعو أبناءها إلى ما يصلح دنياهم وآخرتهم ؟؟ وهل الواجب على الأم الناصحة أن تنجرف مع أبنائها المخطئين؟ أم توجههم إلى ما فيه الخير والصلاح؟؟
ثامناً: تحامل الكاتب على الدولة السعودية التي أحسنت إليه وأساء الأدب مع ولاة أمره, ولهذا فرح بالمقال أعداء الوطن ومنهجه كجمال خاشقجي وغيره, وأضرب لذلك عدة أمثلة :
1- قال الكاتب بأن وصف السلفية بأنها مطلب وطني هو في الحقيقة ( مطب وطني ), مع أن الندوة بهذا الوصف ( مطلب وطني ) جاءت بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين وبحضور من سمو ولي عهده , وهما عرفا المطالب الوطنية قبل أن يكون الكاتب نطفة في رحم
أمه .
2- قال الكاتب : ( إن الوقوع في شرَك التحوّل من الدوائر الكبرى إلى الدوائر الصغرى هو فخ لا نهائي…) , وأقول: هل يوجه قائد هذه البلاد بما يوقع بلاده في فخ لا نهائي ؟؟؟
والعجيب أن وطننا تعرض لمكائد ومخططات من بعض الحاقدين ولم يتكلم الكاتب بكلمة, ولقيام هذه الندوة سلط سهامه وقلمه!! ولكن ما ضر إلا نفسه .
3- الأمير نايف يقول : الملك وجه بعقد ندوة السلفية في الجامعه وهم قدر المسؤولية , وزياد الدريس يقول : الندوة تكريس لمزيد من الحزبية الإقصائية !!! أهذا من الأدب مع ولاة الأمر ؟؟ .
وينبغي التنبه هنا إلى أنني لا أستعدي الدولة على الكاتب, فالدولة أكبر وأجل من أن يستعديها أحد على أحد, فهي تقوم بمسؤولياتها وواجباتها تجاه مواطنيها, وليست بانتظار مقال تنطلق منه .
كما أني لا أساوم على وطنية الكاتب, ولكن أحكم عليه بما قاله, وكما قيل : من فمك ندينك, فالكاتب أساء إلى وطنه وولاة أمره, وأرجو أن يعتذر عن ذلك .
تاسعاً: وقع الكاتب في تناقضات في مقاله – مع قصره – وأضرب لذلك مثالين :
1- يقول الكاتب ( إن المملكة العربية السعودية لا تستطيع مهما أوتيت من مبررات، أن تحتكر السلفية لها وأن تحميها من الانحرافات أو الانتهازات ) .
وأقول : فهل تستطيع احتكار الإسلام لها – الذي طالبتها بالانتساب إليه فقط – ؟؟؟
2- يقول الكاتب : ( قد نتفهم أن تكون الدولة الفلانية شيعية ودولة أخرى صوفية ودولة ثالثة «إخوانية»، لكن يبقى من غير المقبول ولا المعقول للدولة…) .
ووالله إنه من العجب أن يتفهم قيام هذه الدول, ويتأسف على قيام دولة سلفية تقوم على الإسلام الصحيح !!! .
عاشراً: وصف الكاتب من يقوم بالدعوة السلفية في هذه الأيام بــــــ (الجامية), والجواب على هذا يطول, ولكن في الرابط التالي الإجابة الكافية بإذن الله :
http://www.islamancient.com/play.php?catsmktba=3009
ختاماً : أرجو رجاء حاراً من الأخ الدريس أن لا يتكلم إلا فيما يحسن, فلا أدري هل تكلم على علم بما يقول أم أنه تكلم بجهل ؟ ويصدق عليه قول القائل :
فإن كنت تدري فتلك مصيبة ….. وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم
وأوجه شكرا خاصا لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي كانت محل ثقة القيادة الحكيمة للذب عما لصق بالدعوة السلفية من شبهات, وأتمنى لها ولمعالي مديرها أ.د. سليمان أبا الخيل دوام النجاح, كما أتمنى أن تحذو بقية الجامعات حذوها في توضيح الرسالة الحقيقية التي قامت عليها هذه البلاد .
والله أسأل أن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه, وأن يزيدها من فضله وبركاته, وأن يوفق ولاة أمرها للقيام بما يرضيه .
كتبه
عبدالله محمد المدني
@aa_madani
غفر الله له ولوالديه ومن له حق عليه وجميع المسلمين
11/2/1433هــ