حقيقة الدين وغايته

محمد بن علي الجوني

حقيقة الدين وغايته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

ما كنت أعتقد أنّني بحاجة إلى بيان هذا الأصل، والتعريج على هذا المطلب، لوضوحه وبيانه وصراحته، فقد نطقت به الآيات البيّنات والأحاديث الصحيحات، لكنني وجدت عددا من الكتبة والمثقفين الإسلاميين فضلا عن غيرهم لا يرفعون رأسا بهذا المطلب، ولا يُقيمون له في كتاباتهم ومقالاتهم وزنا، بل عملهم الدائم، وشُغلهم الشاغل تهوين هذا الأمر وتهميشه وتسفيه المشتغلين بالدعوة إليه، وصرف همم النّاس عن العناية بالغاية العظيمة، والمقصد الجليل الذي خُلقوا من أجله.

فيهمشون أصل الدين، ويتغافلون عن أهمّ مسائله، وأجلّ مطالبه، وأعظم أركانه، فلا تجد في كلامهم وتقريراتهم شيئا ولو يسيرا عن تعظيم العقيدة، وتحقيق التوحيد، وتكميل الإيمان، فهي أمور روحية أخرويّة ميتافيزيقية ما ورائية، ليس لها قيمة كبرى في مشاريعهم، وليس لها تلك الأهميّة في ثقافة التنوير والبناء والحداثة.

أما المسلم الذي عني بقطب الدين وآخيته، فيعلم أن الله تعالى خلقه لأمر عظيم، وغاية كبرى، تدور عليها حياته، ولهذا يتصرّف في كل شؤونه وأحواله تبعا لهذا المبدأ السّامي، والغاية النّبيلة، فهو عبدٌ لله، منقاد له سبحانه، خاضعٌ لأحكامه، وهذه أجلّ منقبة للإنسان، وأعظم نعمة يمنّ الله بها على عبده أن يشرُفَ بالدخول تحت مسمّى العبودية الشرعيّة لله.

ولا يُدرك حقيقة معناها، ويفهم جليل مقصدها، ويفقه الحكمة منها إلا من شرح الله صدره، وهدى بصيرته، ونوّر قلبه، ففرح بعبوديته لربّه وانقياده لشريعته سبحانه، قال تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (58) سورة يونس

فالغاية من خلق الخلق والخليقة، وإنزال الكتب، وإرسال الرسل، وإعداد الجنّة للموحّدين وتهيئة النّار للمشركين، هي من أجلِ أن يُعبد الله وحده لا شريك له، وأن يُكفر بكلّ معبود سواه، لأنّه لا خالق غير الله، ولا ربّ سواه، ولا رازق ولا مالك ولا مدبر لهذا الوجود إلا هو، فيقتضي ذلك أن يفرد العبد الله في عبادته كما أفرده سبحانه في أفعاله.

فنوحّده في عبادتنا وقصدنا وإرادتنا، فلا معبود بحقّ إلا هو سبحانه، ونُثبت ما تثبته الكلمة الطيبة لا إله إلا الله من تجريد العبادة لله وحده، والإتيان بلوازمها وواجباتها وحقوقها، وننفي ما تنفيه هذه العروة الوثقى من أنواع الإشراك والتنديد.

فقد أرسل الله تعالى جميع الرسل والأنبياء من أجل تحقيق الدعوة إلى التوحيد والبراءة من الشرك والأنداد، قال تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ }(36) سورة النحل

وقال سبحانه: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (25) سورة الأنبياء

وقال تعالى: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } (59) سورة الأعراف

وقال تعالى: { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } (65) سورة الأعراف

وقال سبحانه: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } (73) سورة الأعراف

وقال سبحانه: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } (84) سورة هود

فيجب أن يكون من المعلوم والمستقرّ والثّابت عند كل مسلم يرجو الله والدار الآخرة، أنّ الغاية والحكمة التي خلق الله تعالى الخلق من أجل تحقيقها؛ هي عبادته وحده والكفر بكلّ طاغوت يُعبد من دون الله، كما قال تعالى: { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (256) سورة البقرة 
وقال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56].

والمسلم يُفرد الله تعالى في جميع أنواع العبادة من سجود أو ركوع أو نذر أو طواف أو نُسك أو ذبح أو دعاء أو غيره …

وأوامر الله الإلهية شاملة للأمر الكوني والشرعي، وكما أنّ له وحده سبحانه الحكم الكوني القدري، فهو مدبّر الكون ولا يتصرّف في هذا الملكوت إلا الله، فهو القاضي فيه بما يُريد، وحسبما تقتضيه حكمته.

فكذلك من الواجب أن نُفرده سبحانه في حكمه الشّرعي، فلا نُشرك في حكمه أحداً، فهو الآمر النّاهي المشرّع الذي له حقّ الطّاعة المطلقة، ولا نُشرك في عبادته أحداً { ألا لَهُ الخَلقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ الله ربُّ العَالَمِينَ } [الأعراف: 54]، فليس لأحد أن يكون شريكا لله ينازعه سبحانه في شيء مما اختصّ به سبحانه تحت أيّ مسمّى أو دين أو منهج، وأيا كانت تبريراته ومسوّغاته والمصالح التي يزعمها.

فالحلال ما أحلّه الله، والحرام ما حرّمه، قال تعالى: { إنِ الحُكمُ إلاَّ للهِ أَمَرَ ألاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [يوسف: 40]، وفي سنن أبي دواد وهو في صحيح الجامع (1845) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحكم “، فلا دين حقّ إلا دينه سبحانه وتعالى، فدينهُ أكمل الأديان وشريعته أتمّ الشرائع، وأصلحُها للخلق.

ويجب على المسلم أن يبرأ ويكفر بكل دين ومنهج سواه، فلا يتّخذ غير الله رباً معبودا حكما مشرّعا، ولا يبتغي غير الإسلام ديناً.

فإنّ من اعتقد أنّ غير هدي دين الإسلام أحسن من هديه، أو أصلح للبشريّة من دينه فقد ضلّ سعيُهُ وانحرف انحرافا مبينا، وسلك طريقا معوجّا، وناقض ما جاءت به الأنبياء والرسل عليهم السلام، فصار ممن اتّخذ غير الله رباً، وابتغى غير الإسلام ديناً، قال تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (21) سورة الشورى

وقد أمر الله تعالى العباد بطاعته، وحثّهم ورغّبهم في الازدياد والاستكثار منها، حتى يكافئهم على أعمالهم الصّادرة عنهم ويجازيهم بها، وخوّفهم سبحانه من ارتكاب نواهيه والوقوع فيما يُسخطهُ من معاصيه، وتوعّدهم على ذلك، قال تعالى: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } (124) سورة النساء

وقال سبحانه: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} (112) سورة طـه

وقال تعالى: { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (160) سورة الأنعام

فالله تعالى هو الغنيّ، له وحده الأمر كُلّه، وله التصّرف والتدبير في هذا الملكوت كلّه، لا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه، والخلق خلقه والعبيد عبيده، يحكُم فيهم بما يشاء ويقضي فيهم بما يريد، قال تعالى: { وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (38) سورة محمد

كلُّ الخلق مضطرّون إليه سبحانه، مفتقرون إلى كلاءته ورعايته، محاويج إلى عونه وتسديده، معاويز إلى توفيقه وتيسيره في كل لحظة من لحظاتهم، وفي كل نفَس من أنفساهم، بله في كل عِرق فيهم ينبض، وفي كل عين لهم تطرف، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (15) سورة فاطر

فأنّى لهذا المخلوق الضعيف الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرّا أن يُنازع الله في شيء من خصائصه وصفاته، فيخترع للخلق دينا وسبيلا يراه أقوم وأسلم، وطريقا يعتقد أنه أهدى وأصحّ من الطريق الذي اختطّه الله لهم، فتترتّب عليه سعادة البشرية، وصلاح أوضاعها، وتتمكن بنصوصه وبنوده من تجاوز معاناتها، وفساد أحوالها.

والمقصودُ أنّ الدين الذي يقبله الله بعد بعثة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو الإسلام، قال تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (19) سورة آل عمران

وقال تعالى: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران

فإذا كان العبدُ يدين بالإسلام، ويعتقد أن الله تعالى لا يقبل دينا ولا يرتضي منهجا سواه، ويعلم أنّ الله قد أكمله وأتمّه ورضيه لنا دينا، فلا سبيل إلى الزيادة فيه أو التحريف أو الاستدراك عليه أو النقصان منه، أو الرّضا والتوجّه إلى غيره من فلسفات بشريّة وأفكار وضعيّة.

فالإسلام هو الدين الذي يجب أن يكون مهيمنا على حياة العباد، حاكما عليها، فهذا الدين جاء للبشريّة كلّها، ليضبط توجّهها ويُحكِم مسيرتها، حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، ويُكفر بالآلهة الباطلة، والمعبودات الزائفة التي تُعبد من دون الله.

ولا سبيل للعباد للنجاة يوم القيامة إلا بهذا الاعتقاد السّليم والتصوّر الصحيح، ولا طريق إلى سعادة القلوب وانشراح الصدور وتحصيل الخيرات والمسرات في الدنيا والآخرة إلا الطريق الذي اختاره الله تعالى لعباده، وأرسل من أجل الدعوة إليه رسله الذين كان سيّدهم وخاتمهم وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء

وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (28) سورة سبأ

وقال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } (1) سورة الفرقان

ليس الطريق سوى طريق محمد
فهي الصراط المستقيم لمن سلك

من سار في طرقاته فقد اهتدى
سبل الرشاد ومن يزغ عنها هلك

وإذا كان من الضروريّ في الدين، أن يعتقد المسلم اعتقادا لا يستريب فيه، أنّ هذا الدين صالح لكل زمان ومكان، وأنّ له الحكم في عقائدنا وأخلاقنا وتعاملاتنا وجميع أحوالنا وتصرّفاتنا، فما الحاجة إلى استحسان بعض المناهج الوضعية، والمذاهب الفلسفية أو الالتفات إلى أفكار بشرية، وتجارب إنسانيّة يعتريها الهوى والنقص والخلل.


قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ} (23) سورة آل عمران

وهنا حقيقة لا يختلف عليها إلا من نزع الله من قلبه البصيرة الهادية، وهي أنّه لا يمكن بحال من الأحوال أن يطوّع أحد نصوص الإسلام الواضحة والبيّنة في الاحتكام للشريعة، والإذعان والخضوع لأحكامها وتشريعاتها، والدينونة لله وحده لتتوافق مع دين من الأديان المحرّفة أو منهج من المناهج الوضعيّة إلا بتأويل القرآن والسنّة وصرفهما عن ظواهرهما، وتحريف معانيهما.

فالفروق بين الإسلام والمناهج والفلسفات المعاصرة في العقائد أو الشرائع سافرة كشمس الظهيرة لا يغطّيها شيء، ولا تعمى عن جلائها وظهورها إلا عين من به رمد، ولا يشكّ في وجودها إلا من كان في قلبه مرض.. !

فالإسلام عقيدة وشريعة تستوعب حياة الإنسان منذ أن يولد وإلى أن يموت، ويرتحل عن هذه الدنيا الفانية إلى الدار الآخرة الباقية.

فوالداه مأموران بأحكام دينية وشعائر إسلامية تتعلّق به عند ولادته، كتسميته وحلق رأسه وتحنيكه وختانه إن كان ذكرا، والعقيقة عنه والتأذين في أذنه في قول طائفة من أهل العلم، وإلى أن تحضره الوفاة، فأحكام الدين ترافقه حتى في الساعة التي يعالج فيها سكرات الموت وغمراته.

فالدين يحكمه، والشّريعة الربانية تُهيمن على حياته، فيُلقّن الشهادة ويوجّه إلى القبلة، وبعد ارتحاله عن هذه الدار، يكفّن ويصلى عليه ويُدعى له ويُدفن في مقابر المسلمين، وما بين ذلك في مرحلة الصّبا وفي الكهولة هو عبدٌ لله، مخلصٌ له الدين، منقادٌ لشريعته، معتقدٌ الاستسلام لأحكامه، في كلّ باب من أبواب الدّين من الإيمان والتوحيد والعبادات والمعاملات والأنكحة والجنايات والأخلاق والآداب والتزكية والسّلوك وفي كل قول حسن وفعل جميل يؤمر به، قال تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (162-163) سورة الأنعام.

وقد أبعد النجعة، وأوغل في الخيال، من لم يفهم الإسلام على حقيقته، فظنّهُ مجرد دين طقوس وشعائر مبتدعة وأوراد وأذكار محصورة في الزوايا والتكايا، يمكن تطويعه للأفكار الضالة، والمناهج المنحرفة، وتوظيف نصوصه في خدمتها.

كتبه محمد بن علي الجوني


شارك المحتوى: