نجد أن البعض ـ هداهم الله ـ يجاهرون بالمعصية فتجده إذا رأى في القنوات الفضائية فيلماً إباحياً أو مسلسلاً يخدش الحياء يتحدث في المجالس عنه بكل سرور ، بل إنه لم يكتف بذلك بل يرفع صوته عالياً ، لأنه يعاني من نقص شديد و ( مجاعة ) عظيمة في مشاعره العاطفية ، وكم كانت سعادته كبيرة وهو يعلن عن وقت إعادته , ويبشر أصدقاؤه بظهور جزء ثاني أو ثالث له !!!.
أنظر .. إلى أي حد وصلت المجاهرة بالمعصية ، فنلاحظ أن الأمر أصبح مباهاة ومفاخرة وبطولة !!
فاستطاع خلال دقائق معدودة أن ينشر هذا الشر ، وأن يساعد على انتشار هذا الإثم والعدوان والله سبحانه وتعالى يقول : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) .
والأعظم من ذلك أنه سن سنة سيئة (( ومن سن سنة في الإسلام سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة )) .
فهل تستطيع أن تتحمل وزرك ومعصيتك فضلاً عن تحمل أوزار وسيئات من دللتهم على هذا الشر العظيم !!؟
إذاً فالشريعة في حكمتها تفرِّق بين المنكر المُعلَن والمنكر غير المعلن، ويكون للمجاهرة بالمنكر من العقوبة الشرعية الدنيوية والأخروية ما لا يكون على نفس المُنكر لو استتر به صاحبه. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجُلُ بالليل عملاً، ثم يُصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملتُ البارحةَ كذا وكذا، وقد بات يستُرُه ربُّه، ويُصبِحُ يكشفُ سترَ الله عنه)) متفق عليه. قال ابن تيمية -رحمه الله-: فما دام الذنبُ مستوراً فمُصيبتُه على صاحبه خاصةً، فإذا أُظهر ولم يُنكر كان ضررُه عاماً، فكيف إذا كان في ظهوره تحريكُ غيره إليه . اهـ، ويقول ابن بطال -رحمه الله-: في المجاهرة بالمعصية استخفافٌ بحق الله ورسوله وصالحي المؤمنين، وفيه ضربٌ من العناد لهم، وفي الستر بها السلامةُ من الاستخفاف، لأن المعاصي تُذلُ أهلها. من إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حداً. وإذا تمحَّض حقُّ الله فهو أكرم الأكرمين ورحمتُه سبَقَت غَضَبَه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك .اهـ ولا تسل عن حال الإنسان إذا فقد الحياء