منافقو عصرنا الليبراليون
أحمد بن ناصر آل عبدالله
[[ منافقوا عصرنا الليبراليين ]]
الحمد لله الذي هدانا للإسلام والسنة، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، والحمد لله الذي جعلنا من خير أمة، لم يجعلنا مشركين نجثوا عند أصنام، ولم يجعلنا نصارى نغدوا إلى كنائس، ولم يجعلنا يهوداً نغدوا إلى بيع، ولكن جعلنا مسلمين على ملة أبينا إبراهيم.
والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي أنقذنا الله به من الظلمات، وفتح لنا باب الهدى، فلا يغلق إلى يوم الميقات، وأهل الضلال وهم في ضلالهم يتخبطون: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)
نبي الرحمة والملحمة ، خرت الأمم تحته، وقرنت شرائعه بالهيبة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالرعب مسيرة شهر»، وشملت رحمته أعداءه فكانت الوصاية
عليهم لقواده:«لا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً،
ولا تحرقوا نخلاً ولا شجراً».
أما بعد: عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.
يقول جل وعلا: (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا).
عباد الله : لا عدو كيده أشد على أمة الإسلام من كيد المنافقين، فالكافر يُعرَف فيُحذَر، ويباين المسلمين فيتقى، وأما المنافق فيُظهِر خلاف ما يُبطِن، وجسده مع المسلمين وقلبه مع أعدائهم؛ ولذا كان التحذير من المنافقين في القرآن الكريم من الكثرة بحيث وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: “كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم ” ، وخُصوا بسورة سميت بهم، جاء فيها قول الله تعالى: (هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ).
قال ابن عباس رضي الله عنه في سورة التوبة وهي من الطوال : “هِيَ الْفَاضِحَةُ، ما زَالَتْ تَنْزِلُ: (وَمِنْهُمْ) (وَمِنْهُمْ) حتى ظَنُّوا أنها لَنْ تُبْقِيَ أَحَدًا منهم إلا ذُكِرَ فيها” متفق عليه .
عباد الله : كان ظهور النفاق في هذه الأمة بعد غزوة بدر، حين ذل الكفر وأهله وكسروا ، وعز الإيمان وأهله وبرزوا .
فكان نفاقًا هدميًّا عبثيًّا لا يحمل مشروعًا عقديًّا يكون محل الإسلام، واستمر هذا النوع من النفاق الهدمي العبثي في الأمة إلى يومنا هذا، وأقرب فئة تمثله اليوم في بلاد المسلمين هي الطائفة الليبرالية؛ فليس لدى أصحابها مشروع عقائدي لإحلاله مكان الإسلام .
يقول الله جل وعلا:(وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ ). الطعن في الدين وشعائره سمة لأهل النفاق الهدمي ، له أشكال وصور، قام المنافقون في العهد النبوي بأنواع منها للتشكيك في المسلّمات الشرعية في الوحي ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم وانتصار دينه وظهوره ،والسخرية بأصحابه كما هو اليوم ، بحجة حقوق الإنسان، حرية الفكر، الأُخوة الإنسانية، المساواة بين الجنسين، اختلاف الزمان، تغير الأحوال، مسايرة الواقع، مواكبة التطور والحضارة ، والتحالف مع العدو الذي حاصروا المدينة النبوية، وعقد الصلات وأنواع المؤامرات معه .
ونحن نتحدث عن خطر تلك التيارات ومضادتها للإسلام لنحمد الله سبحانه وتعالى على أن وفق ولاة أمرنا للسير قدما للوقوف ضد أولئك المتربصين بعقيدة وأمن بلاد الحرمين ، ومن ذلك ما رصد هذه الأيام لمجموعة المتجاوزين لثوابتها الدينية والوطنية ،والذين ما فتؤا يراهنون على اختطاف فكر من يستطيعون من أبنائها وبناتها، على نظرية أن أسرع وأقوى ما يقوض الشجرة تكسيرها بأغصانها ، لظنهم الطائش بعد استدراج الدولة للإخوان ظنوا أنهم هم من يسير الدولة بل وصرح كبيرهم أن قواعد اللعبة قد تغيرت ، ثم انتقم الله منهم ومزقهم
، فانتهز حلفاؤهم من المنحلين الفرصة وظنوا أنها مالت إليهم وأظهروا رؤوسهم فكان الدور عليهم .
عباد الله :إن أعداءنا ينوِّعون أساليب مكرهم وخداعهم ، وهذا يؤكد للجميع أخذ الحيطة والحذر، كما قال الله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ) وهذا الأمر عام يشمل أنواع الحذر جميعها، وبخاصة في الطوارئ والنوازل والمستجدات.
وما تقوم به هذه البلاد المباركة من تحكيم شرع الله تعالى ابتداء بالتوحيد ومنع مظاهر الشرك والخرافة والوثنية كالقبور والأضرحة وانتهاء بتحكيم الشريعة في أحوال الناس وما يجري بينهم في الصغير والكبير. وهذا من فضل الله عليها فإنه لا توجد في الأرض اليوم دولة تطبق من الشريعة ويوجد فيها من مظاهر التمسك بالكتاب والسنة مثل ما يوجد في هذه البلاد والحمدلله ، وهي البلاد الوحيدة بعد القرون المفضلة التي اختارها (بمنّه) ثلاث مرات لتجديد الدّين بعد أن دنّسته أو أهملته الدّول الأخرى منذ الفاطميّين حتى نهاية العثمانيّين ومَنْ بينهما، ولا تزال وحدها (بوازع السّلطان) تمنع المبتدعة أن يدنّسوا أرض الله المباركة ودين الله الحقّ بالبناء على القبور أو اتّخاذها مساجد، وتمنع الزّوايا الصّوفية ، والاجتماعات والاحتفالات البدعية ، وتحكّم شرع الله في كلّ أمور الاعتقاد والعبادة وجلّ أمور المعاملات، وتقيم الحدود، وتمنع بناء الكنائس والمعابد الوثنيّة ، وتنشر معاهد وكلّيات وكتب العلم الشرعي في الدّاخل والخارج، وتحجب جنسيّتها عن غير المسلمين،
زادها الله هدىً وعزّاً وردّ كيد العدو في نحره.
فمن حقها على رعيتها والمقيمين بها أن يزدادوا لها ولاء وعليها حرصاً ومعها تعاوناً على البر والتقوى ، بالوقوف جنبا الى جنب ضد ما يخالف وسطية دين الإسلام من كلا التيارين الخارجي والتحرري .
(اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ )هذه قاصمة لكل داعية شر وفتنة ، بأي شكل حزبي ، أو ليبرالي تنويري ، أو صوفي صفوي ، والحزبيون أفاعي تحت الرمال فسخت جلدها فظهرت بوجه تنويري ليبرالي ، كلما سقط صف خرج أخر ، و سيلعن بعضهم بعضا .
أسأل الله أن يحمي هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من مظلات الفتن والأهواء والبدع .
أقول ما سمعتم
الخطبة الثانية :
الحمد لله وحده
عباد الله : تنوع أعداء هذه البلاد بشتى طوائفهم ، ومن ذلكم تياري الغلو والتحرر ، ورغم التناقض الظاهر بينهما إلا أنهما يلتقيان في نظريتيهما للنص الشرعي بالجهل بقواعد الفهم والانحراف في التأويل ؛ فبينما يصرف الخوارج آيات الوعيد إلى الكفر المخرج من الملة، ويفهمون آيات الجهاد دون اعتبار للمُخَصِّصَات والمُقَيِّدات، ويُخَصِّصُون آيات السِّلم والتخفيف دون مُخَصِّص.
يفعل التحرريون الشيء نفسه مع مثل آيات الولاء والبراء وتعدم تكفير أهل الكتاب وبعض آيات الحدود وأحاديثها، وكثير من النصوص القرآنية والنبوية المتعلقة بالمرأة في أحكام كثيرة كفرض الحجاب وتنصيف الميراث والزواج من الكفار.
فالفريقان يتفقان في عدم مرجعية العلماء والاستقلال بعقولهم وأفهامهم، و عدم اعتبار القواعد العلمية التي اعتمدها العلماء منذ فجر الرسالة للاستنباط.
والفكر التحرري وإن بدأ ناعم الملمس فإن مآلاته الهدامة أعظم خطراً على مصالح الدين والدنيا فإسقاط المُثُل والقيم الإسلامية التي تكونت على أساسها المملكة العربية السعودية تحت أغطية متعددة، منها: الحرية والليبرالية وتجديد الخطاب الديني وعصرنة الدين؛ وهي أغطية لتغيير هوية المجتمع تمهيداً لتسييد قيم خارجية فاسدة
وهذا ما لم يكن لولا أن بعض ذو التوجه الإسلامي بدأوا يترنحون أمام إغراءات أوهام العلمانية، والتي صرح بعضهم بأنها لا تتنافى مع الإسلام ، بل وطبل له كثيرون اليوم بجهل أو بضعف ادراك ، واقتحم اللجاجة غالب الإسلاميين ممن يتلقبون بالتنويريين، أو الليبروإسلاميين ومنهم من كان من الغلاة في سابق أمرهم ، واصطنعوا لها التبريرات بتقسيمها الى علمانية جزئية وكلية وآخرون الى علمانية ناعمة وخشنة ، كل هذا ذريعة للتهوين من شأن تسويغها وأسلمتها.
كفى الله المسلمين شر كل ذي شر ، ورزقهم البصيرة بدينهم
اللهم أتم علينا رمضان ونحن في أحسن لباس ، ووفقنا لصيامه وقيامه أيمانا واحتسابا .
اللهم اجعله شهر عز ونصر وتمكين للمسلمين ، اللهم اجعل من بركته نصرا لعساكر التوحيد في بلاد اليمن وهلاكا وكسرا لشوكة الروافض الحوثيين ، وسقوطا لنظام النصيرية في بلاد الشام ، وتمكينا لأهل السنة في ليبيا ، وتحريرا لمسرى سيد الثقلين من قبضة يهود .
اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور ، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة ، واجعلهم صلاحا للعباد والبلاد ، وسلما لمبتغي الرشاد ، وحربا على أهل الانحلال والفساد .
اللهم مغيث المستغيثين وجابر كسر المكسورين …..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .