هل ورد عن السلف إثبات الجلوس لله؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: هل ورد عن السلف في إثبات الجلوس لله، علمًا أن هناك آثار وردت في “السنة” لعبد الله بن الإمام أحمد وفي “العرش” للذهبي، وهذا إذا ثبت يثبت كتفسير للاستواء؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: أما الأحاديث والآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين فلم أَرَ شيئًا ثابتًا عنهم في إثبات الجلوس لله -عز وجل-، ومن أشهر ما جاء ما روى عبد الله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه إلا أن عبد الله بن خليفة مجهول، فلا يعتمد على روايته.
ومن ذلك أثر لابن مسعود، لكنه منقطع الإسناد؛ لأنه من طريق الشعبي عن ابن مسعود، ومن ذلك أثر لابن عباس، وهو أيضًا ضعيف الإسناد، وأثر للحسن البصري رحمه الله، وعكرمة، وقد ذكر الأثر بإسناده صاحب كتاب “فتح الحميد على شرح كتاب التوحيد” لعثمان بن منصور التميمي إلا أن في الإسناد أكثر من علة، ما بين جهالة وضعف.
فلم أَرَ شيئًا ثابتًا في إثبات صفة الجلوس.
لذا الذي يظهر – والله أعلم-: أنه لم يصح شيء، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة، ولا التابعين، والأصل في مثل هذا ألا يثبت ولا ينفى إلا بدليل، ورواية السلف للآثار في كتب السنة، ورواية علماء السنة في كتب السنة للآثار لا يدل على تصحيحها، وإنما هم على قاعدة: من أسند فقد أحالك، هم يروون، والناظر ينظر بعد ذلك في الصحة والضعف.
حتى إن قولهم: تلقاه العلماء بالقبول أيضًا لا يدل على التصحيح، أي: أنه ليس مستنكرًا.
وقد يعبرون به أحيانًا: يحتج به، أيضًا لا يدل على التصحيح، وإنما يصح الاحتجاج به تبعًا، فقول العلماء يحتج به لا يلزم منه التصحيح على الإطلاق.
وهذه مسائل مهمة ينبغي أن تفقه، وبسطها موجود في كتب أهل الحديث، لكن المقصود أنه لا يصح شيء مأثور في ذلك فيما أعلم، والواجب في مثل هذا أن يُتوقَّف، فلا يثبت ولا ينفى إلا بدليل.
إلا أن أقوى ما فيه أن عبد الوهاب بن الوراق، وهو من تلاميذ الإمام أحمد أثبت الجلوس، فهذا يقوي القول بإثبات الجلوس؛ لأن عبد الوهاب بن الوراق أثبته، فالقول به قوي؛ لأجل إثبات عبد الوهاب بن الوراق له رحمه الله تعالى.
أما قوله: هل إذا ثبت يثبت كتفسير للاستواء؟
نعم هذا الظاهر – والله أعلم-.