الأولاد بين تربية التوحيد والاستراحات وغفلة الاختبارات
أحمد بن ناصر آل عبدالله
إن الحـمد لله نحـمده و نسـتعينه ونسـتغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسـنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هـادي له، وأشـهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شـريك له، وأشـهد أن نبينا محـمدا عبده ورسـوله، صلى الله وسـلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحـابه والتابعـين لهم بإحـسان إلى يوم الدين. أما بعد /
عباد الله … اتقـوا الله تعالى حـق التقوى، (واتقـوا يوما ترجـعون فيه إلى الله) ، يوم ينفـخ في الصور، ويبـعث من في القبور، ويظهر المسـتور، يوم تبلى السـرائر، وتكـشف الضمائر، ويتميز البر من الفاجـر.
معاشر المسلمين: لما كان توحيد الله تعالى أعظم
الأمور، ولأجله بعث الله الرسل وأنزل الكتب وفي تحقيقه سعادة الدين والدنيا والبرزخ والآخرة، لما كان الأمر كذلك عني بذلك الأنبياء عليهم السلام في جميع مراحل حياتهم، فعظموا شأن الله تعالى وعظموا أسماءه وصفاته، وأفردوه بالعبادة سرا وجهارا، وحذروا وأنذروا وتوعدوا من أشرك بالله وكفر فدعا غير الله أو استغاث بميت او طاف او عكف بقبر ، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}
معاشر المسلمين: وليس المقام مقام التفصيل في ذلك، إنما سيكون الكلام في هذا المقام عن تعظيم التوحيد وخطر ضده في نفوس الصغار والشباب، ذلك لأن هذا الجانب يغفل عنه كثير من الناس ، مع أنه أعظم وقاية من الفتن وعاصم من الشبهات ،
معاشر المسلمين: ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو المعلم والقدوة للناس كلهم، كان صلى الله عليه وسلم يعنى بشأن الصغار والناشئة عناية تامة، وكان توحيد الله وغرسه في نفوسهم له النصيب الأكبر في تربية الصغار عند النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن شواهد ذلكم وهي كثُر وصيته صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله تعالى عنهما وكان عُمْر ابن عباس آنذاك دون البلوغ : ( يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)
معاشر المسلمين: إن من أعظم طرق غرس التوحيد تعظيم شأن الله تعالى في قلوبهم وأنه تعالى هو المستحق للعبادة لا معبود بحق سواه، وترسيخ هذا المعتقد في نفوسهم، وفي المقابل بيان الوجه المخالف المناقض وإيضاح بطلانه وضلاله، كمن يدعو غير الله، او يتمسح بقبر ، وكضلال السحرة والكهنة وأنهم كذابون دجالون ضلال منحرفون. وهذا الأمر أعني تحذير الشباب من ضلال السحر والسحرة ينبغي عدم إهماله أو التساهل فيه، وبخاصة في هذا الوقت التي أصبحت بعض القنوات تدعو إليه بل وتفرغت قنوات للترويج له واستقبال الرسائل والإجابة عليها من لدن أولئك السحرة والفجرة ، لذا فلا بد من تذكيرهم بقوله تعالى ( و لا يفلح الساحر حيث أتى ) و بحديث النبي صلى الله عليه وسلم “من أتى ساحرا أو عرافا لم تقبل له صلاة أربعين يوما …
معاشر المسلمين: ومن طرق تعظيم التوحيد في نفوس الصغار البيان لهم والتوضيح بافتقار الخلائق إلى رحمة الله تعالى وأنهم جميعا محتاجون إليه فقراء أذلاء إليه وهو الغني الحميد، وما توجه المصلين بالدعاء في الجمع والجماعات والحجيج في المشاعر ، وأن الله تعالى يسمعهم ويراهم ويعلم مطالبهم أمر يعظم به شأن الرب في نفوسهم.
معاشر المسلمين: ومن طرق تعظيم التوحيد في نفوس الصغار ربط التغيرات الكونية التي يرونها ويحسونها بالله تعالى. ومن أمثلة تلك الظواهر الكونية الكسوف والخسوف وهبوب الريح الشديدة وحصول الغبرة والقترة مع الأتربة ونزول المطر، وأنها بقدرة الله ، وأن الخلائق لو اجتمعوا على أن يردوا شيئا أو يغيروا شيئا من ذلك ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
معاشر المسلمين: ومن طرق تعظيم التوحيد في نفوس الصغار زرع محبة الله تعالى في قلوبهم. قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه:(حببوا الله تعالى إلى الناس) وهذا الأمر مما ينبغي العناية به في شأن الصغار بخاصة، ذلك لأن الصغير ينشأ على ما عوده من يتولى تربيته.
وينشأ ناشيء الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
معاشر المسلمين: وهذا الأمر أعني تحبيب الله تعالى إلى الصغار من أيسر الأمور وأسهلها ويكون ذلك بربط النعم عند ذكرها للصغير بمن أنعم بها وهو الله تعالى. فإذا لبس الصغير جديدا وفرح به وذكره أهله بحمد الله ولقن ذلك، وإذا أكل أو شرب عُلّم البسملة في البدء والحمدلة عند الانتهاء، وأخبر أنه لولا فضل الله لما كان ذلك الطعام والشراب، وهكذا يسلك مع الصغار عند حدوث النعم وتجددها.
معاشر المسلمين: ومن طرق تعظيم التوحيد ومحبة الله تعالى في نفوس الصغار العناية بإسماعهم لبعض سور القرآن وتفسيرها بأسهل أسلوب، وكذا بعض النصوص النبوية مع إيضاح ما قد يشكل فهمه عليهم، ومما ينبغي العناية به أيضا أن يكرر عليهم بعض الأذكار الصباحية والمسائية والمنامية و دعاء ركوب السيارة والسفر كي يحفظونها ويعملوا بها مع تشجيعهم وتحفيزهم على هذا، ذلك لأن الصغير إذا ارتبط بالأذكار تصلح حاله وتتهذب أخلاقه ويكون ذكر الله تعالى ملازما له ،اللهم أصلح لنا ذرياتنا واجعلهم لنا قرة أعين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم …
الخطبة الثانية
الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،وبعد :
مع قرب اختبارات الطلاب وتزايد استراحات الشباب وضعف المتابعة من الأباء والمجتمع لهم فإني أذكركم ونفسي بتقوى الله تعالى ومتابعة أبنائكم في جلساتهم وسهرهم ، فقد تخفي استراحاتهم قنوات العهر والفجور والسحر والدمار لعقيدتهم وأخلاقهم ، بل ومع تزايد وسائل التواصل الاجتماعي بينهم يكثر العلاقات السيئة التي تحتاج لتوجيه ومتابعة من الأباء … ففي الاختبارات ينتشر بيع الحبوب والحشيش ويكثر التجمعات و التفحيط خصوصاً بعد الاختبار فالمدرسة مشغولة في الاختبارات و الأهل والمجتمع في أعمالهم ودوامهم ، فيصبح الابن صيداً سهلاً لخفافيش الظلام
أيها الآباء: جنبوا أولادكم جلساء السوء، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فإنهم يجرون من ارتبط بهم من الشباب إلى المغامرات الدنيئة، والمخدرات المهلكة، والأفعال القبيحة، بل ما يزالون بهم حتى يكونوا أعضاء فاعلين في سلك الفاحشة والتهريب، ونشر الرذيلة وارتكاب الجرائم والفواحش، ولذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من صحبة من هذه حاله فقال صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل من يخالط -أو قال- يخالل» رواه أحمد والترمذي.
ولا تنسوا في صلواتكم وخلواتكم وأوقات إجابة الدعوات من تعاهدهم بالدعوات الصالحة التي ينفعهم الله بها، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم للوالد دعوة مستجابة، وقد تصادف ساعة استجابة، فيسعد بها الولد إن كانت صالحة أو يشقى بها إن كانت فاسدة، قال صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ودَعْوَةُ الْوَالِدِ على ولده» رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
عباد الله: ِإنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)-
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واحمِ حوزة الدين اللهم وانصر أهل السنة في العراق والشام اللهم ارحم ضعفهم ووحد صفهم اللهم وعليك بعدوك وعدوهم اللهم عليك بالرافضة اللهم عليك بالرافضة اللهم عليك بالرافضة اللهم انصر إخواننا المستضعفين في الفلوجة والرمادي وحمص وفي كل مكان وشبر من بلاد المسلمين ، اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا، وأصلح ووفق ولاة أمورنا، اللهم وأصلح قلوبهم وأعمالهم، وسددهم في أقوالهم وأفعالهم.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لنا، ولآبائنا ولأمهاتنا، ولأولادنا ولأزواجنا، ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ …