الخيانة الوطنية.. ألا تستحق عقوبة في النظام؟!

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

الخيانة الوطنية.. ألا تستحق عقوبة في النظام؟!

تضليل الجهات المسؤولة والمجتمعات جريمة يعاقب عليها النظام في المجتمع الدولي وفي العهد النبوي تعد الخيانة الدينية والوطنية سمة بارزة لصنف المنافقين رعاية لمصالح تنظيمهم إن صحت العبارة وكيداً للإسلام ورموزه، وقد تضمن القرآن سوراً وآيات شديدة الوعيد لهذا الصنف من البشر وسماهم القرآن منافقين لأنهم يظهرون ما لا يبطنون فيظهرون إسلاماً ويبطنون كفراً ويظهرون ولاءً مزيفاً ويبطنون عداوة وحقداً.

بل تعد الخيانة الوطنية في العهد النبوي الشريف من سمات اليهود الذين وقعوا معاهدة مع النبي صلى الله عليه وسلم في بدأ مقدمه للمدينة ثم توالت خياناتهم لشخص النبي عليه السلام بمحاولة اغتياله ووضع السم له وللوطن « المدينة « بالتحالف مع الأحزاب ضده نقضاً للعهد وغدراً، فكيف تعامل معهم النبي صلى الله عليه وسلم بتوجيه رباني وتشريع سماوي. منذ أسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله هذه البلاد على عقيدة التوحيد وصنع أعظم لحمة وألفة وطنية لم يسبق إليها في العصور المتأخرة فجمع الكلمة ووحد الصف وألف بين قلوب ملايين البشر في هذا الوطن مترامي الأطراف من أطياف شتى وقبائل متفرقة، ونحن نعيش نعمة سلامة المعتقد وننعم بنعمة الأمن التام ونتباهى بالحكم بالشريعة الإسلامية الغراء، فحقق لنا رحمه الله ما أمر به ديننا الحنيف من حفظ الضرورات الخمس «الدين والنفس والعقل والعرض والمال».

اقتضت الظروف السياسية والأمنية في عهد الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز رحمه الله استضافة بعض من الرموز الدينية في مجتمعات عربية وإسلامية، وذلك حماية لجلودهم من السياط والتعذيب ورقابهم من حبال المشانق، وكما عهد في خلق قيادات هذا الوطن العملاق كرم بلا حدود وحلم كبير وإحسان ظن بكل من تقمص لباس الدين وامتطى صهوة النصيحة والصدق والإخلاص، لكن بعضا من هؤلاء لم يقدروا ويكرموا اليد التي امتدت لهم بالرحمة والحنان والكرم والعطاء، وكما أشار إلى هذا المعنى صاحب السمو الملكي الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز رحمه الله تعالى في بعض مؤتمراته الإعلامية. ضيوفنا الكرام عفا الله عنا وعنهم أسسوا عددا من المدارس الفكرية في أهم مناطق بلادنا الكريمة واعتمدوا في ذلك سياسة وتنظيراً مؤسسي التنظيم ورموز الفكر القياديين بالعمل السري البحت « تنظيم سري عالمي» مشابه لتنظيم عبد الله بن أبي سلول في العهد النبوي وتنظيم عبد الله بن سبأ في العهد الراشد ومدرسة ذي الخويصرة، هذه المدارس وهذا التنظيم رعى تخريج دفعات كبيرة من مريديه بتقديرات عالية وجودة متألقة بالتمسك بالتوجيهات والتعليمات لصناعة المزيد من الأجيال واحتوى الكم الأكبر من الجماهير للانضمام للتنظيم أو التعاطف الفكري معه، تم تكليفهم بأعمال قيادية في مؤسسات رسمية وغير رسمية ومن منطلق الثقة وإحسان الظن وبتوصيات من اللوبي الحركي « المنافق « ولاء مزيفاً والمتغلغل في بعض الأجهزة المهمة والمعنية بصناعة القرار في التعيينات والتكليفات. بين أيدينا عدة مخالفات يصدق تسميتها «بالخيانة للدين والمليك والوطن» منها تأسيس جماعة وتنظيم سري داخل كيان دولة قائمة ونظام رسمي معتبر وبيعة شرعية، ومنها اتخاذ الدين وكتاب الله تعالى والعمل الخيري مطية لتحقيق أهداف هذا التنظيم وتطلعاته السياسية، ومنها تضليل أعداد كبيرة من الناشئة والتغرير بهم في العديد من المسائل الشرعية والقضايا الجوهرية كقضايا حب الوطن وحدوه والولاء له، وقضية شرعية البيعة للحاكم والسمع والطاعة له بالمعروف وقضية الزج بالناشئة في مواطن الفتن باسم الجهاد الإسلامي وقضية تكفير السلطات وولاة الأمور بتهم زائفة ومزورة كالحكم بغير ما أنزل الله – الإذن بالربا إنموذجا.

وهل يتصور أن ولاة الأمر في هذه البلاد يقرون جواز الربا والعمل به؟ ثم لو قدر هذا هل من تعاطى الربا يخرج من ملة الإسلام ويحكم عليه بالردة؟! ثم من المخول في اتخاذ الحكم الشرعي على المتهم بذلك؟ أليس القضاء؟ لأن مثل هذا الحكم يترتب عليه أمور في غاية الخطورة كعدم الصلاة عليه وعدم دفنه في مقابر المسلمين ومسائل في الإرث ونحو ذلك.

ومعلوم منهج أهل السنة والجماعة في تكفير مرتكب الكبيرة من عدمه وشروط وضوابط الحكم عليه بالردة من عدمها. ومنها اتهام السلطات بموالاة دول الكفر ومعاونتهم على حرب الإسلام والمسلمين دون نظر في النصوص الشرعية، ومن هذه النصوص قول الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} (72) سورة الأنفال. ومراعاة المصالح والمفاسد في مثل هذه المسائل والتي يقدرها ولاة الأمور بخبرتهم وحنكتهم وسياستهم الشرعية. بعض مظاهر خيانة «الدين والمليك والوطن « لبعض كبار رموز هذا التنظيم وتلاميذه تتمثل في الآتي:

1- التحالف والتآمر مع أنظمة سياسية واستخبارات خارجية ومعارضين سياسيين ويمكن تسميتهم بـ»زوار سفارات دول» للإساءة للنظام القائم والسعي في إسقاطه.

2- العضوية والمساهمة في تنظيم فكري «سري» إستراتجياته ومخططاته بعيدة المدى إسقاط النظام وهو ما أثبته الواقع.

3- تربية أجيال على فكر التنظيم ومن ذلك عدم الإيمان بالبيعة لولاة الأمور وعدم الانتماء الفعلي للوطن تحت مظلة أن الوطن لا يقصد به موطن الشخص الذي ولد فيه ونشأ فيه ويقصد به وطن المسلمين عامة لا الأوطان الإسلامية المعاصرة لأنها مستحدثة ومبتدعة لا شرعية لها.

4- استغلال بعض المؤسسات الرسمية وغير الرسمية كمظلة وغطاء لتمرير الأفكار وتوجيه الأتباع والتدريب على المواجهة تحت مسميات أنشطة لا صفية ومناشط خيرية ودينية يتم فيها تدريب التلاميذ في رحلات برية على العمل العسكري بسرية تامة وبدقة متناهية وكثافة ربما تفوق تدريب رجال الصاعقة وغيرهم. وغيرها الكثير من مظاهر الخيانة الوطنية فهل يمكن ملاحقة هؤلاء الخونة وتقرير عقوبة جزائية في ضوء شريعتنا وديننا الحنيف لمن ثبتت خيانته منهم للوطن بعد التحقيق معه ومواجهته بسوابقه وأعماله في ضوء هذه المظاهر وغيرها بعد محاكمته قضائياً وإدانته شرعاً؟!!

هذا ما نأمله وهو ما سوف يكون رادعاً بإذن الله تعالى لكل من تسول له نفسه العبث بأمن هذا الوطن والإسهام بالإساءة لنظامه القائم وولاته العظماء وعلمائه الفضلاء.

dr.ibrahim_almutlaq@hotmail.com


شارك المحتوى: