المجموعة (988)
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
يقول السائل: ما حكم تحريك الخطيب لليدين والرأس والبدن أثناء الخطبة؟
الجواب:
قد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب كل جمعة، وخطب خلفاؤه الراشدون، وما نُقل عنهم لا تحريك اليدين ولا الرأس ولا البدن أثناء الخطبة، بل ذكر النووي -رحمه الله تعالى- أن التفات الخطيب في الخطبة مكروه، وحكى الإجماع على ذلك، ذكره في كتابه (المجموع) ونقل كلامه ابن حجر -رحمه الله تعالى- في (الفتح) وأقره.
بل ذكر الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- أن تحريك اليدين مكروه في الخطبة، ومما علل به جمع من العلماء من المالكية والشافعية وغيرهم: أنه يستحب أن يخطب الخطيب على عصا …إلخ، قالوا: لأجل أن تسكن يداه ولا يحركها، ومنهم من قال: لئلا يعبث بلحيته.
فالمقصود أن تحريك اليدين والالتفات بالرأس والبدن من باب أولى مكروه، بل ذكر شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- أنه بدعة، وكلام شيخنا وجيه من جهة أن من تعمد التحريك بحجة التأثير ويقول: إنني إذا تحركت تأثر الناس معي والتفتوا إليَّ إلى غير ذلك، واستطعت أن أشد انتباههم، فيقال: هذه وسيلة وُجد مقتضاها في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام ولم يفعلوها، والخير كل الخير في اتباعهم.
يقول السائل: هل الدعاء يوم الأربعاء بين الظهر والعصر مستجاب؟ وما صحة الحديث الوارد في ذلك؟
الجواب:
روى الإمام أحمد من حديث جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا في مسجد الفتح يوم الاثنين فلم يُستجب له، ويوم الثلاثاء فلم يُستجب له، ويوم الأربعاء بين الظهر والعصر فاستجيب له.
فذهب بعضهم إلى استحباب تقصد يوم الأربعاء بين الظهر والعصر بالدعاء لأجل هذا الحديث، ويُشكل على هذا الحديث أمور ثلاثة:
الأمر الأول: أن في إسناده كثير بن زيد، ومثله لا يُعتد بتفرده، وتفرده بهذا الحديث لا يُعتمد عليه.
الأمر الثاني: أن كثير بن زيد اضطرب فيه، فقد اضطرب في رواية هذا الحديث.
الأمر الثالث: أن القول باستحباب تقصد الدعاء يوم الأربعاء ليس قولًا مشهورًا عند أهل العلم، ولو كان خيرًا لما تركه العلماء.
فهذا كله يدل على أن الحديث لم يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذن تقصد الدعاء يوم الأربعاء بين الظهر والعصر لا يُشرع ولا يُستحب، أولًا لضعف الحديث وثانيًا لأن العلماء لم يفهموا هذا، لذا لا ترى القول باستحبابه مشهورًا عند أهل العلم، وإن وُجد من قال به لكن ليس مشهورًا عند أهل العلم.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.