فروض الوضوء
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
خطبة (فروض الوضوء)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1]
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71]
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة
إن من أهم العبادات الوضوء فإنه لا صلاة إلا به ، أخرج مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” لا تقبل صلاة بغير طهور”
وإن للوضوء فضائل منها ما أخرج مسلم عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :” الطهور شطر الإيمان “
وأخرج مسلم عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره»
وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ العبد المسلم – أو المؤمن – فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء – أو مع آخر قطر الماء -، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء -، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء – أو مع آخر قطر الماء – حتى يخرج نقيا من الذنوب»
وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟» قالوا بلى يا رسول الله قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط»
وهذا الوضوء لا يصح إلا بعد الاتيان بفروضه الستة ، وقد ذكرها الله نصاً واستنباطاً في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } [المائدة: 6]
الفرض الأول/ غسل الوجه : وهو طولاً من منابت الشعر إلى الذقن وعرضاً من الأذن إلى الأذن ، واللحية الكثيفة يغسل ظاهرها والخفيفة التي يرى ما وراءها من الخد يغسل ما وراءها وجوبا
الفرض الثاني/ اليد إلى المرفق ، ويجب إدخال المرافق في الغسل ، ويخطئ بعض الناس ويبدأ بالرسغ ، والواجب أن يبدأ بأطراف الأصابع
الفرض الثالث/ مسح الرأس: وأكمله أن يبدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه لحديث عبدالله بن زيد في ذكر صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ” بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه “
ومن الرأس الأذنان فيستحب أن دخل أصبعيه السباحتين في أذنيه ويمسح بإبهامه ظاهر الأذنين , ثبت عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما – في صفة الوضوء – قال: ثم مسح – صلى الله عليه وسلم – برأسه, وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه, ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه. أخرجه أبو داود, والنسائي .
أما مسح العنق فلم يصح فيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يصح أن يفعل
الفرض الرابع/ غسل الرجلين إلى الكعبين ، ويستحب تخليل أصابع الرجلين أخرج الأربعة عن لقيط بن صبرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :” وخلل بين الأصابع “
الفرض الخامس/ الموالاة . وهي أن يغسل أعضاء الوضوء بعضها عقب بعض ولا يتأخر ، ولو تأخر بمقدار أن يجف العضو الذي قبله ، وجب عليه إعادة وضوئه ، وقد ثبت عند أحمد وأبي داود عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصل وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم، لم يصبها الماء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة»
الفرض السادس/ الترتيب بين أعضاء الوضوء للآية
أما الترتيب بين اليمين واليسار مستحب لما أخرج الشيخان عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يعجبه التيمن، في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله»
هذه هي فروض الوضوء الستة من أتى بها مع شروطه صح وضوؤه
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسله الأمين محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
أما بعد:
فإن للوضوء مستحبات حري بالمسلم أن يحرص على الإتيان بها ، منها حضور القلب عند الوضوء، واستشعار التعبد به وأنه مكفر للذنوب، ومنها تكرار الوضوء ثلاثاً لحديث عثمان في الصحيحين فقد ذكر الوضوء مكرراً ثلاثاً، ، ما عدا الرأس يمسح واحدة لحديث علي بن أبي طالب عند أبي داود أن رسول الله مسح رأسه واحدة
ومنها التسمية عند الوضوء ، ومنها إسباغ الوضوء وهو إنقاؤه كما قاله ابن عمر علقه البخاري ، ومنها المبالغة في الاستنشاق لما أخرج الأربعة عن لقيط بن صبرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما “
ومنها أن يقول بعد الوضوء أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أخرج مسلم عن عمر ” ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء “.
ومن الناس من يرتكب بعض المخالفات عند وضوئه منها: عدم إسباغه وضوءه على الأعضاء كلها لاسيما في القدمين وعند المرفقين ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” ويل للأعقاب من النار ” متفق عليه
ومنها أن يبقى في رجله أو يده بعض الأصباغ ( البويه) ولا يزيلها، ومنها أن يذكر الله عند كل عضو كأن يقول عند غسل يديه : اللهم اجعلني ممن يأخذ كتابه باليمين وهكذا…وهذا من البدع .
إلى غير ذلك من الأخطاء التي علاجها العلم وطلبه ، والرجوع إلى العلماء الموثوقين وكتبهم وفتاويهم كالعلامة عبد العزيز بن باز والعلامة الألباني والعلامة ابن عثيمين – رحمهم الله – والعلامة صالح الفوزان – حفظه الله –
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم فقه المسلمين في دينهم واجعلهم به متمسكين، اللهم وفق ولي أمرنا الملك عبد الله بن عبدالعزيز لكل خير ووفق ولاة أمر المسلمين لكل خير
وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله
د. عبد العزيز بن ريس الريس
Dr_alraies