ما يهمك من أحكام الزكاة في دقائق
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
ما يهمك من أحكام الزكاة في دقائق
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ,
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
أما بعد…
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
إن من رحمة الله بعباده وحكمته أن فرض عليهم زكاة قليلة في أموالهم تكون زادًا لهم يوم القيامة، وتوسعة على إخوانهم المحتاجين من الفقراء وغيرهم .
وهذه الزكاة واجبة قال تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } [البقرة: 43] وهي ركن من أركان الإسلام أخرج الشيخان عن ابن عمر قال: قال ﷺ :”بني الإسلام على خمسة، على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصيام رمضان “
وللزكاة شروط منها : ملك النصاب المحدد شرعًا، فليس كل مقدار من المال فيه زكاة، بل مقدار محدد سيأتي ذكره -إن شاء الله –
ومن شروطها: مضي الحول فليس في مال زكاة إلا إذا مضى عليه سنة كاملة إلا الخارج من الأرض أو نتاج بهيمة الأنعام وعروض التجارة على ما سيأتي بيانه – إن شاء الله – .
والأموال التي تجب فيها الزكاة ما يلي:
أولًا/ بهيمة الأنعام ؛ وهي الإبل والبقر والجاموس والغنم، حكى الإجماع على هذا ابن المنذر وابن تيمية، ويدل على هذا حديث أبي بكر في الصدقات رواه البخاري وغيره ، وليس فيه زكاة حتى ترعى أكثر الحول قال ﷺ عند حديث أبي بكر في الصدقات: وفي صدقة الغنم في سائمتها ” وثبت عند أحمد وأبي داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال رسول الله ﷺ :” في كل سائمة إبل ..”
وأقل نصاب الإبل خمس قال ﷺ ، قال رسول الله ﷺ في كتاب أبي بكر في الصدقات:” ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة” رواه البخاري، وحكى ابن عبد البر الإجماع .
وأقل نصاب الغنم أربعون ، كما في حديث أبي بكر في الصدقات، وحكى ابن عبد البر الإجماع .
وأقل نصاب البقر ثلاثون كما ثبت عن علي بن أبي طالب ، أخرجه عبد الرزاق، وأجمع العلماء عليه كما حكاه ابن عبد البر .
والجاموس تبع للبقر بإجماع أهل العلم حكى الإجماع ابن المنذر .
ثانيًا/ الخارج من الأرض، وهو الحنطة والشعير والزبيب والتمر، كما أفتى بهذا أبو موسى الأشعري أخرجه ابن أبي شيبة .
قال تعالى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } [الأنعام: 141]
فإذا بلغت خمسة أوسق ففيها الزكاة، قال أبو سعيد: قال رسول الله ﷺ :” ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ” متفق عليه ، ومقداره (900 ) كيلو
ومقدار زكاة ما سقي بالسماء العشر، وما سقي بالكلفة والآلات نصف العشر ، عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله ﷺ:” فيما سقت السماء والعيون أو كان عشريًا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر : رواه البخاري
ثالثًا / الأثمان: وهي الذهب والفضة ومنها النقود في زماننا .
ونصاب الفضة مائتا درهم وهي تعادل 595 غرامًا، وفي حديث أبي بكر في الصدقات:” فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها “
ونصاب الذهب عشرون دينارًا، وهي تعادل 85 غرامًا، وثبت عن علي بن أبي طالب أنه قال:” وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار” أخرجه عبدالرزاق
ومقدار ما يخرج منهما ربع العشر، كما في حديث أبي بكر في الصدقات :” وفي الرقة ربع العشر ” وثبت عن علي بن أبي طالب أنه قال:” ففيها نصف دينار ” أخرجه عبدالرزاق
والمراد الذهب الصافي وهو عيار (24)، فإن عيار واحد وعشرين ، أو ثمانية عشر ليس صافيًا، بل مخلوط بغيره.
وطريقة إخراج الصافي أن تضرب كمية الذهب الذي عندك بقيمة الذهب اليوم ثم تقسمه على أربعين فتخرج زكاته، فلو فرضًا أن عنك مائة غرامًا ذهب فتضربه بقيمة الذهب اليوم، وهو ألف ريال مثلًا، فتكون النتيجة مائة ألف فتقسمه على أربعين ثم تخرج زكاته .
أما ما كان عيار (18) ، (21) فطريقة إخراجه أن تضرب كمية الذهب عندك في عياره ثم تضرب في قيمة الذهب اليوم ثم تقسمه على أربعة وعشرين ثم النتيجة تقسم على أربعين فتخرج زكاته .
لنفرض أن كمية الذهب مائتا غرام وعياره ثمانية عشر، فنضرب المائتين في ثمانية عشر ثم نضربه في قيمة الذهب اليوم ثم نقسمه على أربعة وعشرين ثم النتيجة نقسمها على أربعين .
ولمعرفة نصاب النقود يراجع الصاغة أو مواقع الشبكة العنكبوتية ( الانترنت) لمعرفة قيمة الدينار من الذهب أو الدرهم في هذا اليوم فإذا بلغ النصاب بأحدهما ففيه الزكاة .
ونصاب الزكاة اليوم 1090 ريال تقريبًا .
رابعًا / عروض التجارة ، والدليل فتاوى الصحابة ، كما صح عن عمر وان عمر وابن عباس، وقد أجمع العلماء على ذلك قاله أبو عبيد القاسم بن سلام وابن عبد البر وابن قدامة،
فكل شيء يتخذ للتجارة ففيه زكاة سواء كان سيارات أو ملابس وهكذا .
ومقدار النصاب ومقدار ما يخرج من عروض التجارة كالأثمان كما تقدم مع مراعاة الأحظ للمساكين، والأحظ للمساكين في زمننا أن تعامل معاملة الفضة .
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فهذه تنبيهات تتعلق بالزكاة :
أولًا/ نتاج بهيمة الأنعام وعروض التجارة لا يشترط أن يمضي عليه الحول، بل حوله تبع لأصله، فمن تاجر بمائة ألف ثم قبل مضي الحول بشهر ربح خمسين ألفًا فإنه يزكي الخمسين والمائة (15000) ألفًا؛ لأن النتاج تبع لأصله كما حكى ابن قدامة إجماع أهل العلم .
ثانيًا/ أن أداء الزكاة على الفور فلا يجوز أن يؤخر إخراجها فمن وجبت في حقه وجبت المبادرة عليه لإخراجها لأن الأمر للفور، وما أكثر ما يفرط بعض المسلمين في هذا تكاسلًا أو طمعًا .
ثالثًا/ أن للدين مع الزكاة أحوالًا:
1/ أن الدائن -وهو المقرض- لا يزكي المال إلا إذا استلمه فإنه يزكيه للسنين الماضية كلها كما ثبت عن علي بن أبي طالب عند أبي عبيد في غريب الحديث.
2/ لا زكاة على المدين – وهو الذي اقترض المال – بشرط أنه إذا حلت الزكاة أن يسدد الدين للدائن وهو صاحب المال، أو يزكي ما عنده . فلو فرض أن رجلًا يطالبك بمائة ألف فإنه إذا حلت الزكاة عليك إما أن تسدد له أو تزكي ما بقي عندك من الدين، أخرج مالك في الموطأ بإسناد صحيح أن عثمان بن عفان كان يقول: «هذا شهر زكاتكم. فمن كان عليه دين فليؤد دينه. حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة».
3/ الدين لا يمنع زكاة الأموال الظاهرة كالخارج من الأرض وبهيمة الأنعام؛ لأن رسول الله ﷺ كان يرسل السعاة وما كان يسأل أهل الأموال هل عليكم دين أم لا ؟
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا
اللهم أنا نعوذ بك من علم لا ينفع ونسألك العلم النافع
وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله