ذكرت أن الأذكار لا تقال بقصد النجاة من العَين، أليس النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذ الحسن والحسين بقوله: “من كُلِّ عينٍ لامة”، وكذلك حديث:” احفظ الله يحفظك”؟
يُقَالُ جوابًا على هذا السؤال: الذي ذكرته أن التعبد بالأعمال لذات القُربة من غير نظر إلى الفوائد الدنيوية هذا أفضل، لكن إذا تعبد بالأذكار من أجل أن يتقى شر العين إلى غير ذلك، وقصده العبادة واتقاء شر العين جاء تبعًا فمثل هذا ينقص أجره.
وما ذكره السائل من تعويذ النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين، هذا لا دلالة فيه؛ لأن هذا لا يُذكرَ على أنه من أذكار الصبح والمساء، أو على أنه من الأذكار التي يرجى فضلها، وإنما هذا كان يفعلهصلى الله عليه وسلم لأجل التعويذ، أي: لأجل أن يعوِّذ الحسن والحسين من الشرور، ومن كُلِّ عينٍ لامّة.
ففرق بين التعبد بعبادة كصلة الرحم لأجل أن يُبسَط في الرزق، ومما ينوي ويقصد هو أن يُبسَط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره، فمثل هذا ينقص أجره، وبين أن يدعو الله أن يشفي فلانًا، فهو لا يتعبد بالدعاء لذاته، وإنما أتى به لأجل شفاء فلان، ومن ذلك الرقية فإن الرقية تداوي.
وقوله كذلك حديث: «احفظ الله يحفظك» هو كذلك يقال: أنَّ من تعبَّد لله عز وجل للأجر ولدخول الجنة فإن له هذا الأجر، لكن لو تعبَّد الله عز وجل لأجل أن يتقي شرور من الأذى في الدنيا والمصائب، فمثل هذا ينقص أجره بحسب نيته، وحديث «احفظ الله يحفظك» لا يخالف ذلك، بل هو صورة من صوره على هذه النية، وإن كان “يحفظك“ أشمل ويدخل فيه حتى ما يتعلق بالآخرة.