يقول السائل: لماذا لا ينقسم الذبح لغير الله إلى شرك أكبر وأصغر؟ مثل الحلف بغير الله؟
الجواب:
الجواب: فرقٌ بينهما، والمرجع في ذلك إلى الشرع، وذلك أن الذبح لا يكون إلا عبادة، فلذا صرفه لغير الله شرك، فإن العبادة خاصة بالله، قال تعالى: ﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه﴾، وقال: ﴿قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله﴾، وقال: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾.
وبيَّنت الأدلة الشرعية أن صرف العبادة لغير الله شرك أكبر، كما قال تعالى: ﴿والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءهم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا يُنبئك مثل خبير﴾، فسمى صرف الدعاء الذي هو عبادة لغير الله شركًا.
وقال تعالى: ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾، وقال سبحانه: ﴿ومن يدعُ مع الله إلهً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يُفلح الكافرون﴾، سمى هؤلاء كافرين.
إلى غير ذلك من الأدلة.
ومثل الذبح النذر، فإنه لا يأتي إلا عبادة كما بيَّنت ذلك الأدلة، أما الحلف بغير الله فليس فيه صرف عبادة لغير الله، فلذا من حلف بغيره فلم يصرف عبادة لغير الله، ولكنه لفظٌ جاءت الأدلة الشرعية بأنه خاصٌ بالله من جهة الألفاظ، بخلاف العبادة فإنها خاصة بالله قلبيًا وتعبديًا، أما هذه من جهة الألفاظ، فلذلك من صرفها لغير الله وقع في الشرك الأصغر، بخلاف الذبح.
وما يؤكد ذلك أن الشريعة أخَّرت النهي عن الحلف بغير الله، وقد ثبت في البخاري ومسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع عمر يحلف بأبيه، فلما سمع ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك من عمر قال: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت».
فهذا يؤكد أنه ليس صرف عبادة لغير الله، وإلا ما أُخِّر بيانه ولما وقع فيه عمر، إلى غير ذلك من التفصيل الذي لا يتسع هذا لذكره، لكن ما تقدم ذكره كافٍ وشافٍ -إن شاء الله تعالى-.