يقول السائل: ما توجيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لوحشي بن حرب: «غيِّب وجهك» أو «غيب وجهك عني»، مع أن التوبة تجب ما قبلها؟
وهل أبو المظفر السمعاني من أهل السنة والجماعة؟
وهل لي أن أتمثل حديث «غيِّب وجهك عني» بعدم الذهاب لبعض أقاربي لما فعلوه لي من مشاكل؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن لهذا السؤال شقين، الشق الأول، في معنى حديث غيب وجهك، والشق الثاني: في اعتقاد أبي مظفر السمعاني.
أما الحديث فهو قد أخرجه البخاري، وفيه: « أنه لما أسلم وحشي رضي الله عنه، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حمزة، فذكر له، كيف قتله، ثم قال: هل تستطيع أن تغيب وجهك عني» – صلى الله عليه وسلم-.
وهذا الحديث ذكر الحافظ ابن حجر من فوائده: أنه يصح للرجل أن يكره من أوصل إلى قرابته أو صديقه عداء، ولا يلزم من ذلك الهجر الشرعي، أي: أنه يكره كرهًا طبعيًا أن يقابل فلانًا، لكنه لا يهجره هجرًا شرعيًا، بمعنى إذا قابله سلم عليه إلى غير ذلك.
فهذا هو معنى الحديث – والله أعلم- كما ذكره الحافظ ابن حجر.
أما ما ذكره أن بعض أقاربه يفعل معه مشاكل فهل له أن يهجرهم؟
فيقال: إن هؤلاء الأقارب لابد وأن لهم صلة، فالأصل أن يحرص على صلتهم ودعوتهم إلى الخير، وأن يقابل إساءتهم بالحسنى إلى غير ذلك، لكن إذا كانت إساءتهم مستمرة، ويتأذى بهذه الإساءة فله أن يهجرهم، كما فعلت ذلك عائشة رضي الله عنها لما هجرت عبد الله بن الزبير، فإنها هجرته لما تكلم عليها، وكان هجرها لأمر دنيوي؛ لأنه آذاها بهذا الكلام، ذكر هذا الخطابي رحمه الله تعالى، وابن رجب. فإذًا له أن يفعل ذلك.
لكن أنبه إلى: أن الأولى أن يستمر معهم، وأن يقابل إساءتهم بالحسنى، وأنه إذا تأذى بلقائهم فأقل ما يفعل أنه ينصرف عن لقائهم إلا أنه إذا قابلهم قابلهم بالحسنى، وسلم عليهم، ويقلل مجالستهم، ويصبر على آذاهم.
أما الشق الثاني: من السؤال هل أبو المظفر السمعاني من أهل السنة والجماعة؟ فيقال: بالنسبة لي لا أعرف عن معتقد أبي المظفر السمعاني ولم أدرس اعتقاده، إلا أن كتابه “كتاب القواطع” مفيد، وفيه تقريرات مفيدة للغاية، وقد وقفت على تأويل له في كتابه في التفسير.
وذلك أنه أثبت القدرة والاستطاعة التي تقارن الفعل، ونفى القدرة والاستطاعة التي تكون قبل الفعل، وهذا هو معتقد الجبرية، ومنهم الأشاعرة، هذا الذي أذكره مما وقفت عليه خطأ في اعتقاده، والله أعلم بحاله.