يقول السائل: أنا متزوج منذ سنتين ولله الحمد، وقد اشتريت منزلًا لذلك، توفيت والدتي رحمها الله ويطلب مني والدي في الفترة الأخيرة وبعدما اشترى منزلًا جديدًا أن أساكنه في ذلك المنزل بعد تمام بنائه، لكنني أرفض الفكرة، لما لوالدي من إصراره على بقاء بعض المنكرات في المنزل كتشغيل أصوات الغناء والتلفزيون، وبالإضافة إلى كونه يتقاضى تقاعده من البنك الربوي الذي اشتغل فيه لمدة خمسة وثلاثين سنة، هل أنا عاق لوالدي إن أنا رفضت مساكنته؟ علمًا أنني ناصحته في مسألة تلك المنكرات، ولكنه رفض التخلي عنها؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن البر يكون للوالد والوالدة ولو كانا كافرين، ويدعوان ولدهما للكفر، قال سبحانه: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } [لقمان:15].
ولذلك لا يقطع برهما بوجود معاصي عندهما، وإنما من بر الوالد أن يُسكَن معه، فإنه في أمس الحاجة في هذا العمر.
والله يقول: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [الإسراء:24]، وقال: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء:-24].
فلذلك البر أعظم ما يكون عند حاجتهما، ووالدك في هذا العمر محتاج إليك، فنصيحتي لك أن تساكنه، وأن تعتزله وتفارقه وقت المنكر، مع الدعاء له بالهداية والصلاح.
وأن تعاوده في ذلك، وأن تناصحه للتي هي أحسن للتي هي أقوم، وأن تكلم من يناصحه حتى ينجيه الله بك.
أما ما يتعلق بماله الربوي فكما قال ابن مسعود فيما ثبت عند عبد الرزاق: «عليه المأثم، ولك المغنم» لا يضرك هذا إن شاء الله تعالى.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمَنَا، وجزاكم الله خيرًا.