إضاءات حول لقاء سلمان العودة مع المجلة السويدية
سلمان العودة يزعم البعض أنه ذكي جدا وأنه قادر على المناورة وتبديل الأقنعة، لكن القائمين على هذه المجلة السويدية في هذه المرة كانوا أذكى منه، وأعرف بالمناطق الرخوة في خطابة، والتي يمكنهم النفاذ منها، والوصول إلى حقيقة الأفكار وجوهر الآراء التي تحتجب وتتوارى خلف كلماته الناعمة، وعباراته المخملية.
فمن طريقته في الدعوة أنه ينشر المفاهيم والقيم الإنسانية المشتركة التي لا تزعج أحدا من المخالفين، ولا تحدث خصومة مع قيم وتصورات تلك المجتمعات التي يحط رحاله فيها، مهما تعددت تياراتها أو تنوعت الأفكار التي تموج وتصطرع فيها.
فيدعو إلى المحبة والتعاون واحترام الإنسان ونصرة المظلوم والحرية والعدالة والمساواة، وهي قيم عامة وشعارات فضفاضة، يمكن تأويلها شرعيا، ويمكن فهمها تحت أي نسق أو فضاء معرفي.
يعني في الجملة لا ينازعه فيها أحد، أينما قلتها وحيثما وليت وجهك لتتحدث عنها، لن تجد من يخالفك بالكلية في معناها، ولن يدخل في خصومة معك أحد بشأنها.
لكن هذه المرة وقف حمار الشيخ في العقبة، فلم يتركوه لينطلق في الكلام كيفما يشاء، ولم يدعوه يتحرك في المناطق الخضراء الآمنة التي اعتادها، بل فرضوا عليه مغادرتها، وألزموه بتسمية الأشياء بأسمائها.
فسألوه أسئلة محددة يريدون منه الإجابة عنها، أسئلة واضحة صريحة لا تحتمل التجوز في الألفاظ ولا الإجمال في المعاني، ولا تكفي في الجواب عنها تلك الكلمات المحتملة، والإكليشات الجاهزة.
هناك أمر ذائع عند الأطباء في الغرب في قضية ما يسمونه بالمثلية الجنسية، وهم ينطلقون في فهمهم وتصورهم وبالتالي حكمهم وتعاملهم مع هذه الظاهرة من منطلق لا ديني صرف.
وهو أن ميل الإنسان أو الإنسانة لشخص آخر من نفس الجنس أي ميل الذكر للذكر والأنثى للأنثى والعياذ بالله، ليس مرده إلى الشذوذ الجنسي أو انتكاس الفطر أو التمرد على أوامر الله بارتكاب هذه الفاحشة المغلظة، كما نص على تحريم ذلك وتشديد العقوبة عليه الدين.
كل هذا لا يقولون به ولا يسلمون بأنه السبب الذي ينهز لهذا السلوك المشين، إنما سببه كما يزعمون أمر مركوز في فطرهم، وموجود في جيناتهم وخلاياهم، لا يستطيع هؤلاء الناس دفعه ولا يقدرون على الفكاك منه، فلا لوم ولا تثريب عليهم في ذلك !!
وهذا كما قلت مشهور في أوساط فلاسفتهم ومنظريهم وكثير من أطبائهم النفسانيين وغيرهم، أن الأمر في حقيقته يتعلق بجينات وغرائز لا طاقة لهم بتغييرها، ولا قدرة لهم على تعديلها.
وبعض الكنائس هناك بدأت تقبل هذا التصرف، وتدعي كذبا وبهتانا أن الإنجيل لم يحرمه، ولم يتخذ موقفا واضحا منه، فضلا عن أن يحاسب مرتكبيه أو يعاقبهم على ذلك، بعكس ما يدعيه سلمان العودة من أن الكنيسه هكذا بإطلاق تمنع منه، بل عقدت بعض الزواجات المثلية بموافقة وإقرار قديسين وقسيسين معروفين، وفي كنائس مشهورة لها أتباع كثر في أنحاء العالم.
وهناك سبع عشرة دولة في العالم حتى الآن شرعت زواج المثليين منها بريطانيا وفرنسا ونيوزيلاندا والأرجواي والبرازيل، بل إن قوانينهم ودساتيرهم تحاكم من يسمي هؤلاء بالشاذين، فهم يرونه سلوكا طبيعيا، وتصرفا سويا، نسأل الله العافية والسلامة.
أخشى ما أخشاه أن تكون هذه المسألة أي الجينات قد اطلع عليها البعض وبدأ لا أقول يتقبلها ويقتنع بها، لكن صار يتفهما ويزعم أنها وراء تغيير الجنس وممارسة اللواط أو السحاق، لأنها كما يدعون ممارسات يتفهمون حاجة أصحابها؛ وحكمهم على تصرفات المواقعين لها مبني على بحوث ودراسات علمية معمقة يدعونها.
فخلافنا مع هؤلاء في حقيقته لم يعد حول الحرية وحدودها ومجالاتها وتطبيقاتها فحسب، بل أصبحت المعركة وحتمية المواجهة مع هذه الأفكار والتوجهات حول أصل خلقة الإنسان، وطريقة تكوينه وكيفية نشأته، ومعنى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وحقيقة النبوات والمبدأ والمعاد.
كتبه محمد بن علي الجوني