إن دماءكم عليكم حرام
الحمد الله وحده، والصلاة والسلام على من النبي بعده؛ أما بعد:
فاعلم وفقني الله وإياك إلى الحق والسداد، أنك خُلقت لتكون عبدا لله وحده لا شريك له، ممتثلا لأمره على صراط مستقيم في الأقوال والأفعال، وإياك إياك أن تكون عبداً لهواك؛ تبعاً لما يعتريك من غضب وانتقام، مأخوذاً بأنواع العواطف و الانفعالات، فتصبح في مهب الريح محمولاً على جناح هواك، يذهب بك في كل اتجاه بغير هدى من الله، قال تعالى: {أرأيت من اتخذ إله هواه } [الفرقان: 43]، وهذا خطر عظيم، وإفساد للدين والدنيا، فالواجب الصبر على الحق، بأن تجعل الهوى والحب والبغض والولاء والبراء، تبعا لما جاءت به شريعة الله، ولا تتقدم بين يدي الله ورسوله بشيءٍ البته؛ فهذه العبودية لله بحق، قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}[يوسف: 108]، وقال: { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم}[الإسراء: 53]، فإن الاتباع والامتثال لأمر الله، وما جاء في سنة نبيه، وعمل به الصدر الأول؛ سلف هذه الأمة؛ هو أصل الحق، وعين البصيرة، وفيه الخير كله .
وإليك بعض آثار سلفية ذهبية منتقاة من مواقف الخليفة الراشد “عثمان بن عفان” رضي الله عنه (ذي النورين).
تبين ما عليه سلف هذه الأمة، بخلاف أفهام أهل الأهواء والبدع .
1- روى ابن سعد في “الطبقات” (3/ 79) ، وابن أبي شيبة في “المصنف” (14/ 591)، قال ابن سعد : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن هشام [بن حسان] ، عن ابن سيرين قال :
جاء زيد بن ثابت إلى عثمان ، فقال : هذه الأنصار بالباب ، يقولون : إن شئت إن نكون أنصار الله مرتين ؟ قال : فقال عثمان : ( أما القتال فلا ) .
وكذا أخرجه الخلال في “السنة” (2/ 333) : من طريق أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبدالله بن إدريس بإسناده به .
قال أبو عمر : إسناد صحيح .
2- وفي “الطبقات” أيضا لابن سعد (3/ 70) ، وابن أبي شيبة في “المصنف” (14/591)، قال : أخبرنا عبد الله بن إدريس ، أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن عامر قال :
قال عثمان يوم الدار : ( إن أعظمكم عَنّى ؛ غِنَى رجل كفَّ يده وسلاحه) .
وقد أخرجه الخلال في “السنة” (2/ 333) من طريق أحمد بن حنبل ، قال حدثنا عبد الله بن إدريس بإسناده مثله .
قال أبو عمر : إسناد صحيح .
3- وروى ابن سعد في “الطبقات” (3/ 70) ، وابن أبي شيبة في “المصنف” (14/ 591)، قال : أخبرنا أبو أسامة ، قال : أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، قال:
قلت لعثمان يوم الدار : أُخرج فقاتلهم ، فوالله لقد أحل الله لك قتالهم ، فقال : ( لا والله، لا أقاتلهم أبدا ) وقال : ( من كان لي عليه سمعٌ وطاعةٌ ؛ فليُطع عبد الله بن الزبير ) . وكان (عثمان) أَمَّرَهُ على الدار .
قلت : إسناد صحيح .
4- وروى ابن سعد في “الطبقات” (3/ 70) ، قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي – ابن عليه – ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن الزبير قال:
قلت لعثمان : يا أمير المؤمنين ؛ إن معك في الدار عصابة مستنصرة بنصر الله… فأْذن لي فلأُقاتل ؟ فقال : ( أنشدك الله رجلاً )، أو قال : ( أذكر بالله رجلاً أهراق في دمه )، أو قال : ( أهراق فِيَّ دماً ) .
قلت : إسناد صحيح .
5- وروى ابن سعد في ” الطبقات” (3/ 71) ، قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عون ، عن إبن سيرين قال:
كان مع عثمان يومئذٍ في الدارِ سبعمائة ، لو يدعهم لضربوهم – إن شاء الله -حتى يخرجوهم من أقطارها ، منهم ابن عمر ، والحسن بن علي ، وعبد الله بن الزبير .
قلت : إسناد صحيح .
وقد أخرجه الخلال في “السنة” (2/ 333) من طريق أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا إسماعيل بإسناده مثله .
*إنَّ في هذه الأثار منهجاً سلفياً ، ومخرجاً من الفتن ، والإعراض عن دعاة من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا ، من أجابهم إلى الدعوة إلى سفك الدماء والإقتتال ؛ قذفوه في النار .
نسأل الله الثبات على السنة ، والمخرج من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، والحمد لله رب العالمين .
كتبه :
أبو عمر/ عبد العزيز بن ندى العتيبي
في ٨ شوال ١٤٣٤ هـ