“اثبت أُحد فإنَّما عليك نبيٌّ وصدّيق وشهيدان”… وخطوات بعض السلفيين إلى أين؟!)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
فقد عاش المسلمون في السنوات الأخيرة – رغم ما يكابدونه من فشو الجهل والبدع والشركيات وما يجدونه من ظلم أئمة الجور- أقول لقد عاشوا فتناً وخراباً أسموهما بالربيع العربي، وما هو بربيع! وأسموها بالمظاهرات والاعتصامات فكانت على العباد والبلاد خراباً ودماراً وويلات، وعزم أهل السنة والجماعة- علامة الحق بين الناس- على الثبات على الحق الذي عرفوه، فلن يبدلوا ديناً ولن يعيثوا في الأرض فسادا؛ ولن يستبدلوا بكتاب الله وسنة نبيه شيئا آخر، ولن يقبلوا فهماً غير فهم سلف هذه الأمة لدين الله عز وجل، ولن يغيروا علماءهم ويتخذوا أحبار ورهبان السوء حراساً للدين، فلن يبدلوا منهجاً ولن يحرفوا عقيدة، ولن يبتدعوا طريقة، فما كان ديناً قبل التلوث بالخراب العربي فهو اليوم دين، فتلك الهُوية التي ميّزت السلفية من بين طرائق الفرق والطوائف، وقد روى البخاري ومسلم في “صحيحيهما” من حديث معاوية والمغيرة وغيرهما رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة)- وفي رواية: (مستقيمة).
ولقد أظهرت هذه الفتنة كثيراً من مدَّعي السلفية على حقيقة جديدة، حتى بلغ الأمر ببعضهم إلى الحكم بالنفاق والردة على من خالفه، وليس المقام تعداد وذكر المفاسد التي تجلت بعد هذه المحنة التي عاشها المسلمون في السنوات الثلاث الأخيرة، وندعو الله في الأيام القادمة السلامة من كل شر، ونقول: اللهم سلم سلم.
ولنا أن نسأل أنفسنا :
لماذا أصبح نفرٌ من أصحاب المنهج السلفي تبعاً للمناهج المنحرفة، وآثروا الانحناء لها بكل سهولة مع أول اختبار وابتلاء؛ فتأثروا بالصراخ والضجيج الذي لا يملك المخالف سواهما، وكلما علا الصوت وأصموا الآذان بالضحيج؛ صَدَّق المخالفون ما كانوا يُمَنون النفس به، وأنهم على حق، ويُبَلّغون حقاً، بطريقة أهل الحق!
قال تعالى: {وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}[النمل: 24]
والأصل الذي لا ينبغي تجاوزه إلى غيره، أن أصحاب المنهج السلفي؛ هم الرأس وغيرهم تبعٌ لهم؛ لما وهبهم الله من فضله، ووفقهم له من اتباع السلف؛ حملة الإسلام الذي جاء الوحي به؛ أعني: منهج الفرقة الناجية، واختار لهم طريق الطائفة المنصورة.
وما موقف المشايخ وكبار طلبة العلم من ذلكم الخطأ والمنزلق الخطر؟
ولماذا لا يُمْسكُ أولئك السلفيون ومن هو في مرحلة التَّعلمِ والطلب عن الخوض في كل شيء، وترك ما لا يعنيه؟!
وأقول:
لقد جعلوا أنفسهم الولاة والعلماء والساسة، ومارسوا هذه الوظائف في آن واحد؛ اعتقادا أو تقليداً ومحاكاة للفرق المنحرفة، وكلا الأمرين؛ إن اعتقده ابتداء أو محاكاة فهو انحراف، بل كثيرون قد ابتلوا وشُغلوا بالتكلّم في كل شئون العباد، ونقد أمور البلاد.
إننا لنعجب مما يقولون، ونتساءل: من أين يغرفون، ومن يتَّبعون؟!
١. إن بعض الناس يتكلمون بلسان الولاة، وهم لا يحكمون حجراً!!.
٢. ويتكلمون بلسان العلماء، ومن ثمَّ لا نجد أكثرهم يهب عمره ووقته للعلم، فلم يأخذ العلم على أصوله، ولم يتحلَّ بأدب وسَمْت أهل العلم والعلماء.
٣. ونشاهد كثيرا منهم أصبحوا يتكلمون بلسان الساسة، فلا يَدَعون شاردة ولا واردة؛ إلا وتكلموا فيها.
٤. ومن الغريب أيضاً؛ أنا وجدنا بعضاً منهم؛ صار ديدنهم وشغلهم معارضة الحكام والولاة، ويشاركونهم شأنهم، ولسان حال الواحد منهم؛ أنه في مقام الوالي، أو شريك في الولاية، وأما الحاكم عندهم فلا بدّ أن يكون محكوما في زماننا، ولا تعجب!! فإن العيب منا وفينا.
وهذا باب اضطرب، فيه خراب للدنيا، وخسران في الدين .
٥. ولقد رأيت بعض الناس يَدَّعون متابعة أهل العلم، ويخالفونهم عند أول مسألة من مهمات العلم، فضلًا عما هو دونها.
٦. فما هذا الاضطراب الذي طغى على الخطاب عند بعض إخواننا وبني دعوتنا؛ فضلوا الطريق وانحرفوا عن الصراط المستقيم ؟!
أسأل الله السداد والتوفيق لي ولعامة أهل السنة، والهداية لجميع الأمة.
كتبه. عبد العزيز بن ندى العتيبي
١١ شوال ١٤٣٤
www.ahlalathar.com |