يقول السائل: هل التحذير من المنحرفين يلزم منه تبديعهم؟ لأننا نسمع بعض إخواننا يقول: حذَّرت من فلان لأنه أثنى على أهل البدع أو جالسهم، فهل تُبدِّعه؟ لأن المسلم إما سُني وإما مبتدع، ففي أي الخانتين تجعله؟
الجواب:
قد تقدم في جواب سابق أن من أثنى على أهل البدع أو جالسهم فإنه يُبدَّع، وقد توارد على هذا كلمات أئمة السنة -رحمهم الله رحمة واسعة- على تفصيلٍ قد تقدَّم بيانه، فمن ثبت أنه يُثني على أهل البدع أو أنه يُجالسهم فإنه يُبدَّع.
إلا أنه ينبغي أن يُعلم أن باب التحذير أوسع من باب التبديع، ويدل لذلك ما ثبت في البخاري من حديث كعب بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هَجَرَ الثلاثة الذين خُلِّفوا، وأمَرَ الناس أن يهجروهم، وهذا تحذير من مجالستهم، مع أنهم ليسوا مبتدعة -رضي الله عنه- بل وقعوا في المعصية المعروفة.
لذلك يُحذَّر من مجالسة أهل الفسق ممن اشتهروا بالفسق وغير ذلك حتى لا يتضرر الناس بهم، وإن لم يكونوا مبتدعة.
إلا أنه ينبغي أن يُراعى ما يلي:
– الأمر الأول: أنه لا يجوز أن يُحذَّر من مجالسة أحدٍ إلا أن يُثبت المُحذِّر أنَّ هذا الرجل عنده ما يستحق من تحذير مجالسته، إما أن يكون مبتدعًا أو أن يكون أصحاب معاصي شهوانية فاسقًا، أو غير ذلك مما يستوجب التحذير من مجالسته، فالأصل ألَّا يُحذَّر من مجالسة مسلم إلا ببيِّنة ودليل وبرهان.
– الأمر الثاني: قد يكون الرجل متلبِّسًا ببدع، فيتردد الناصح والمُحذِّر من التصريح بتبديعهِ، إما لمصلحة أو لغير ذلك، لكنه يقطع بأن عنده بدعًا، إلى غير ذلك، فهو يُحذِّر من مجالسته لئلا يتضرر به غيره، لاسيما من طلاب العلم المبتدئين أو من أهل الخير، إلى غير ذلك.
فالمقصود أن الإلزام الذي ذُكر في هذا السؤال لا يصح إذا تبيَّن ما تقدم ذكره.